
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومن أصحابه سيدي محمد الشويمي المدفون قبالة قبره رضي الله عنه
وسيدي أحمد الحلفاوي رضي الله عنه المدفون في صحن الزاوية. فأما الشويمي رضي الله عنه، فكان من أرباب الأحوال العظيمة، وكان يعمل هلالات الموادن، والضيب، وكان يجلس بعيداً عن سيدي مدين رضي الله عنه فكل من مر على خاطره شيء قبيح يسحب العصا، وينزل عليه غنياً أو فقيراً كبيراً أو صغيراً أو أميراً لا يراعي في ذلك أحداً فكان من يعرف بحاله لا يتجرأ يجلس بين يدي سيدي مدين رضي الله عنه أبداً ومرض سيدي مدين رضي الله عنه مرة أشرف فيها على الموت فوهبه من عمره عشر سنين ثم مات في غيبة الشويمي رضي الله عنه فجاء، وهو على المغتسل فقال كيف مت، وعزة ربي لو كنت حاضرك ما خليتك تموت ثم شرب ماء غسله كله، وكان رضي الله عنه يقول: لأصحابه عليكم بذكر الله تعالى تقضي لكم جميع حوائجكم. وجاءه مرة شخص يحمل حملة امرأة يحبها، ويريد أن يتزوجها، وهي تأبى فقال له: ادخل هذه الخلوة، واشتغل باسمها فدخل، واشتغل باسمها ليلا، ونهاراً.
فجاءته المرأة برجليها إلى الخلوة، وقالت له: افتح لي أنا فلانة فزهد فيها، وقال: إن كان الأمر كذلك فاشتغالي بالله أولى فاشتغل باسم الله تعالى ففتح عليه في خامس يوم رضي الله عنه.
وكان الشويمي رضي الله عنه يدخل بيت الشيخ يحسس بيده على النساء فكن يشكون لسيدي مدين رضي الله عنه فيقول: حصل لكم الخير فلا تشوشوا. واحتاج المطبخ يوماً، وهم في أشمون قلقاساً، فأعطوه خرجاً، وحمار، وقالوا: له اشترا لنا قلقاساً من الغيط فخرج إلى ناحية التربة فملخ لهم من الحلفاء قلقاساً حتى ملأ الخرج، ورجع بالفلوس فاعتقده النساء من ذلك اليوم، ولما مات سيدي مدين رضي الله عنه، وطلب ابن أخته سيدي محمد رضي الله عنه الشياخة في الزاوية بعد الشيخ خرج له بالعصا، وقال: إن لم ترجع يا محمد، وإلا استلفتك من ربك ثم دخل، فأخرج سيدي أبا السعود ابن سيدي مدين، وهو ابن خمس سنين فأجلسه على السجادة، وقال: اذكر بالجماعة، فرجع ابن أخت سيدي مدين، ولم يتجرأ أن يطلع الزاوية حتى مات الشويمي رضي الله عنه، وكان، وهو جمال في أشمون يحمل القمح أيام الحصاد، وكان لا يحمل الجمل إلا قنة واحدة فذكروا ذلك لشيخ العرب، فقال: دقوا قتتي، وحمل غيري فوجدوا قتته خمسة أرادب فقال الجمل يحمل أكثر من خمسة أرادب، وهو الذي زرع الخروبة التي هي قريب من التيه في طريق الحجاز حين توضأ سيدي مدين رضي الله عنه لما سافر إلى الحج، ووقائه كثيرة مشهورة عند جماعة سيدي مدين رضي الله عنه.
![]() |
![]() |