موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم سيدي الشيخ محمد بن أحمد الفرغلي رضي الله تعالى عنه

المدفون في أبي تبج بالصعيد كان رضي الله عنه من الرجال المتمكنين أصحاب التصريف، ومن كراماته رضي الله عنه أن امرأة اشتهت الجوز الهندي فلم يجدوه في مصر فقال: للنقيب مخيمر يا مخيمر ادخل هذه الخلوة واقطع لها خمس جوزات من الشجرة التي تجدها في داخل الخلوة، فدخل فوجد شجرة جوز فقطع لها منها خمس جوزات ثم دخل بعد ذلك فلم يجد شجرة، ومر عليه شيخ الإسلام ابن حجر رضي الله عنه بمصر يوماً حين جاء في شفاعة الأولاد عمر، فقال: في سره ما اتخذ الله من ولي جاهل ولو اتخذه لعلمه على وجه الإنكار عليه فقال له: قف يا قاضي فوقف فمسكه، وصار يضربه، ويصفعه على وجهه، ويقول: بل اتخذني، وعلمني، ودخل عليه بعض الرهبان فاشتهى عليه بطيخاً أصفر في غير أوانه فأتاه به، وقال، وعزة ربي لم أجده إلا خلف جبل قاف، وخطف التمساح بنت مخيمر النقيب فجاء وهو يبكي إلى الشيخ فقال له: اذهب إلى الموضع الذي خطفها منه، وناد بأعلى صوتك يا تمساح تعال كلم الفرغل فخرج التمساح من البحر، وطلع كالمركب، وهو ماش، والخلق بين يديه جارية يميناً وشمالا إلى أن وقف على باب الدار فأمر الشيخ رضي الله عنه الحداد بقلع جميع أسنانه، وأمره بلفظها من بطنه فلفظ البنت حية مدهوشة، وأخذ على التمساح العهد أن لا يعود يخطف أحداً من بلده ما دام يعيش، ورجع التمساح ودموعه تسيل حتى نزل البحر، وكان رضي الله عنه يقول: كثيراً كنت أمشي بين يدي الله تعالى تحت العرش.

وقال لي: كذا وقلت له: كذا فكذبه شخص من القضاة فدعا عليه بالخرس فخرس حتى مات، وكان آخر عمره مقعداً، ويتكلم على أخبار سائر الأقاليم من أطراف الأرض، ويبدلون له كل يوم، والثاني زربوناً جديداً، وسمعت سيدي محمد بن عنان رضي الله عنه يقول: زرت الفرغل بن أحمد رضي الله عنه، وأنا شاب فأخبر جماعته بخروجي من بلاد الشرقية، وقال: ها هو محمد بن حسن الأعرج خرج بقصد زيارتنا، وكانت له نصرانية تعتقده في بلاد الإفرنج فنذرت إن عافي الله تعالى ولدها أن تصنع للفرغل بساطاً فكان يقول: ها هم غزلوا صوف البساط ها هم دوروا الغزل على المواسير ها هم شرعوا في نسجه ها هم أرسلوه ها هم نزلوه المركب ها هم وصلوا إلى المحل الفلاني ثم الفلاني فقال: يوماً واحد يخرج يأخذ البساط، فإنه قد وصل على الباب فخرجوا فوجدوا البساط على الباب كما قال الشيخ رحمه الله، وأرسل مع القاصد الذي جاء بالبساط بعضاً من الهدية وقال له: غمض عينك فغمض عينه فوجد نفسه في بلده طينات وسطى، وجعلوه حارس الجرن، وهو صغير في بني صميت فأخذ فريكاً أخضر، وطلع فوق جرن يحرقه فتسامع الناس إن هذا المجنون أحرق الجرن فطلعوا له، وضربوه فقال: أنا قلت: للنار لا تحرقي إلا فريكي بس، وانظروا أنتم فوجدوها لم تحرق إلا الفريك. وقال: لرجل زوجني ابنتك فقال: مهرها غال عليك فقال: كم تريد فقال: أربعمائة دينار فقال اذهب إلى الساقية، وقل لها قال: لك الفرغل املأ قادوس ذهب، وقادوس فضة فملأت له قادوسين فلم يزل هو وذريته مستورين ببركة الشيخ حتى ماتوا، وجاءه ابن الزرازيري فقبل رجله فقال له: وليتك من الخلصة للملصة فولاه السلطان كشف أربع أقاليم الصعيد، وأرسل قاصده إلى أمير في مصر يشفع عنده في فلاح فقال: قل لشيخك أنت دوكاري فرجع القاصد إلى الشيخ فأخبره فنقر بإصبعه في الأرض كهيئة الذي يحفر، فجاء الخبر أن السلطان غضب على ذلك الأمير، وأمر بهدم داره فهي خراب إلى الآن ناحية جامع طولون ثم ضرب عنقه بعد ذلك فقالوا له: ما سببه؟ قال لا أعرف له سبباً إلا أن الله تعالى حركني لذلك، وجلس عنده فقيه يقرأ القرآن فنط الفقيه فقال له: نطيت فقال له: من أعلمك يا سيدي، وأنت لا تحفظ القرآن؟ فقال: كنت أرى نوراً متصلا صاعداً إلى السماء فانقطع النور، ولم يتصل بما بعده فعلمت أنك نطيت، وكان رضي الله عنه يقول: أنا من المتصرفين في قبورهم فمن كانت له حاجة فليأت إلى قبالة وجهي، ويذكرها لي أقضيها له، ووقائعه رضي الله عنه لا تحصيها الدفاتر. توفي سنة نيف وخمسين وثمانمائة رضي الله تعالى عنه آمين.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!