موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم أبو سعيد الحسن البصري رضي الله عنه

كان والده من أهل ميسان فسبى فهو مولى الأنصار، وكان قد غلب عليه الخوف، حتى كأن النار لم تخلق إلا له، وحده، وكان رضي الله عنه يقول: ذهبت المعارف، وبقيت المناكر، ومن بقي من المسلمين فهو مغموم، وكان يقول: ما من وسواس نبذ فهو من إبليس، وما كان فيه إلحاح فهو من النفس فيستعان عليه بالصوم والصلاة والرياضة، وكان رضي الله عنه يقول: إذا أراد الله بعبد خيراً في الدنيا لم يشغله بأهل ولا ولد وكان رضي الله عنه يقول: من شرط المتواضع أن يخرج عن بيته فلا يلقى أحداً إلا رأى له الفضل عليه، وكان يقول: إذا أذنب العبد ثم تاب لم يزدد بتوبته من الله تعالى إلا قرباً، وإذا أذنب ثانياً لم يزدد كذلك إلا قرباً، وقال له رجل: أشكو إليك قساوة قلبي فقال: ادن من مجالس الذكر، وكان يقول: شر الناس للميت أهله يبكون عليه، ولا يهون عليهم قضاء دينه، وكان يقول: أدركنا أقواماً كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم، فيما حرم عليكم، وكان يقول: لا تشتر مودة ألف رجل بعداوة رجل واحد، وكان رضي الله عنه يقول: إذا أراد الله بعبد خيراً أمات عياله وخلاه للعبادة، وكان يقول: الطمع يشين العالم، وكان يقول: ذم الرجل نفسه في العلانية مدح لها.

وقيل له هل في البصرة منافق، فقال: لو خرج المنافقون منها لاستوحشت، وكان يقول: أكرم إخوانك يدم لك ودهم، وكان يقول: لو نظرت يا بن آدم إلى سير أجلك لأبغضت غرور أطك، وكان رضي الله عنه إذا جلس يجلس كالأمير، فإذا تكلم يتكلم كلام رجل قد أمر به إلى النار، وكان رضي الله عنه يقول: من لبس الصوف تواضعاً لله عز وجل زاده نوراً في بصره وقلبه، ومن لبسه للتكبر والخيلاء كور في جهنم مع المردة.

وكان ينشد ويقول:

ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء

وكان يقول: وددت أن أكلت أكلة تصير في جوفي مثل الأجرة فإنه بلغنا أنها تبقى في الماء ثلاثمائة سنة، وقيل له مرة إن الفقهاء يقولون كذا وكذا فقال: وهل رأيتم فقيهاً قط بأعينكم إنما الفقيه الزاهد في الدنيا البصير بذنبه المداوم على عبادة ربه عز وجل، وكان يحلف بالله أنه ما أعز أحد الدراهم إلا أذله الله، وكان إذا استأذن عليه أحد من إخوانه، فمان كان عنده طعام أذن له وإلا خرج إليه ولا يتكلف فيما حضر، وكان يقول: كانوا يقولون لسان الحكيم من وراء قلبه إن أراد أن يقول يرجع إلى قلبه فإن كان له قال، وإلا أمسك، وإن الجاهل قلبه في طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه ما أتى على لسانه تكلم به، وكان يقول: الناس ينظرون الله يوم القيامة كما شاء بلا إحاطة، وكان يقول الدنيا مطيتك إن ركبتها حملتك وإن ركبتك قتلتك، وكان يقول: ورع العلماء في الدنيا والأموال، وكان يقول: إذا رأيت في ولدك ما تكره فاعلم أنه شيء تراد به أنت فأحسن، وكان يقول: إذا أردت عداوة رجل فإن كان مطيعاً فإياك وإياه فإن الله تعالى لا يسلمه إليك، ولا يخلي بينك وبينه وإن كان عاصياً فقد كفيت مؤنته فلا تتعب نفسك بعداوته، وكان يقول: كل من اتبع طاعة الله لزمتك مودته، ومن أحب رجلا صالحاً فكأنما أحب الله، وكان يقول: ما رأينا أحداً طلب الدنيا فأدرك الآخرة بها أبداً، بخلاف العكس، وكان يقول: يبعث الله أقواماً يطلبون هذا العلم حسبة ليس لهم فيه نية فيتعبهم في طلبه كي لا يضيع العلم وتبقى عليهم تبعته، وكان يقول الإسلام أن تسلم قلبك لله فيسلم منك كل مسلم، وكان رضي الله عنه يقول: المحب سكران لا يفيق إلا عند مشاهدة محبوبه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!