
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم الشيخ علي النبتيتي الضرير رحمه الله تعالى ورضي الله عنه
كان من أكابر العلماء العاملين، والمشايخ المتكلمين، وكانت مشكلات المسائل ومعضلاتها ترسل إليه من الشام، والحجاز، واليمن وغيرها فيحل مشكلاتها بعبارة سهلة، وكانت العلماء كلهم تذعن له، وكان مقيماً ببلده نبتيت بنواحي الخانقاه السرياقوسية، والخلق تقصده من سائر الأقطار، وكان إذا جاء إلى مصر تندلق عليه الناس يتبركون به، وقد اجتمعت به مرات عند شيخنا شيخ الإسلام الشيخ زكريا في المدرسة الكاملية مرات، وحصل لي منه لحظ وجدت بركته في نفسي إلى وقتي هذا، وأسمعني حديث عائشة رضي الله عنها فيمن أرضي الله بسخط الناس إلى آخره، وقال لي: احفظ هذا الحديث فإنك سوف تبتلي بالناس وكان يجتمع بالخضر عليه السلام، وذلك أدل دليل على ولايته، فإن الخضر لا يجتمع إلا بمن حقت له قدم الولاية المحمدية، وسمعته يقول: وهو بالمدرسة الكاملية لا يجتمع الخضر عليه السلام بشخص إلا إن جمعت فيه ثلاث خصال فإن لم تجتمع فيه فلا يجتمع به قط، ولو كان على عبادة الملائكة: الخصلة الأولى أن يكون العبد على سننه في سائر أحواله، والثانية ألا لا يكون له حرص على الدنيا، والثالثة أن يكون سليم الصدر لأهل الإسلام لا غل، ولا غش ولا حسد، وحكى له عن الشيخ أبي عبد الله التستري أحد رجال رسالة القشيري أنه كان يجتمع بالخضر عليه السلام، ويقول: إن الخضر لا يجتمع بأحد إلا على وجه التعليم له فإنه غني عن علم العلماء لما معه من العلم اللدني، وقد بلغني أن الشيخ عبد الرازق الترابي أحد تلامذته جمع مناقبه نظماً، ونثراً فمن أراد الزيادة على ما ذكرناه فعليه بذلك الكتاب توفي في يوم عرفة سنة سبع عشرة، وتسعمائة، ودفن ببلده، وضريحه بها ظاهر يزار، وهذا من نظمه:
ومالي لا أنوح على خطائي ... وقد بارزت جبار السماء
قرأت كتابه، وعصيت سراً ... لعظم بليتي، ولشؤم رائي
بلائي لا يقاس به بلاء ... وآفاتي تدل على شقائي
فيا ذلي إذا ما قال: ربي ... إلى النيران سوقوا ذا المرائي
فهذا كان يعصيني مراراً ... ويزعم أنه من أوليائي
تصنع للعباد، ولم يردني ... وكان يريد بالمعنى سوائي
إلى أن قال في آخرها:
فيا ربي عبيد مستجير ... يروم العفو من رب السماء
حقير ثم مسكين فقير ... بنبتيت أقام على الرياء
علي باسمه في الناس يعرف ... وما يدري اسمه حال ابتداء
فآنسه إذا أمسى وحيداً ... رهين الرمس في لحد البلاء رضي الله عنه.
![]() |
![]() |