ومنهم الشيخ علي بن الجمال النبتيتي رحمه الله تعالى
أحد أصحاب سيدي أبي العباس الغمري، وكان من الرجال المعدودة في الشدائد، وكان صاحب همة يكاد يقتل نفسه في قضاء حاجة الفقراء، وحج هو وسيدي أبو العباس الغمري، وسيدي محمد بن عنان، وسيدي محمد المنير وسيدي أبو بكر الحديدي، وسيدي محمد العدل في سنة واحدة، فجلسوا يأكلون تمراً في الحرم النبوي فقال: سيدي أو بكر الحديدي لا أحد يأكل أكثر من رفيقه، وكانت ليلة لا قمر فيها فلما فرغوا عدوا النوى، فلم يزد واحد على آخر تمرة واحدة، وأخبرني الشيخ أمين الدين إمام جامع الغمري أن الشيخ أبو العباس الغمري رضي الله عنه أودع عنده قفص دجاج، وهو في الريف ليرسله له في القاهرة فتحزم، وتشمر، وشاله على رأسه من نبتيت إلى القاهرة، وكان يسافر كل سنة إلى مكة بالحبوب يبيعها على المحتاجين، وكان مشهوراً في مكة بالخواف في البيع لأنه كان يخر في الثمن بزيادة على الناس، ويقول: لا أبيع إلا بذلك الثمن بنفسه فكل من رضي بذلك الثمن يعلم أنه محتاج فيعطيه، ولا يأخذ له ثمناً، وكل من قال: هذا غال لا يبيعه ويعرف أنه غير محتاج، وكان يفرق كل سنة الثياب على أهل مكة، ويفرق عليهم السكر، وكذلك على أهل المدينة فكل من أخبر الناس بذلك يسترد منه ما أعطاه له، ويقول: يا أخي غلطت فيك هذا ما هو لك، وكان يخلط ماله على الذي يجيئه من الناس باسم الفقراء، ويفرقه ويقول: هذا من مال فلان وفلان، توفي سنة نيف وتسعمائة ودفن في نبتيت في زاويته، ولم أجتمع عليه غير مرة واحدة فدعا لي بأن الله يسترني بين يديه في القيامة، فنسأل الله أن يقبل ذلك رضي الله تعالى عنه.