موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم الشيخ محمد السروي رحمه الله تعالى آمين

المشهور بأبي الحمائل أحد الرجال المشهورة في الهمة، والعبادة، وكان يغلب عليه الحال فيتكلم بالألسن العبرانيه، والسريانية، والعجمية وتارة يزغرت في الأفراح، والأعراس كما تزغرت النساء، وكان إذا قال: قولا ينفذه الله له، وشكا له أهل بلده من الفأر، وكثرته في مقثأة البطيخ فقال: لصاحب المقثأة رح، وناد في الغيط حسب ما رسم محمد أبو الحمائل إنكم ترحلون أجمعون، فنادى الرجل لهم كما قال: الشيخ فلم ير بعد ذلك اليوم منهم، ولا فأراً واحداً فسمعت البلاد بذلك، فجاءوا إليه فقال: لهم يا أولادي الأصل الإذن من الله، ولم يرد عنهم الفأر وكان مبتلي بزوجته يخاف منها أشد الخوف حتى كان يخلي الفقير في الخلوة فتخرجه من الخلوة بلا إذن من الشيخ فلا يقدر يتكلم، وأخبرتني قبل موتها أنه كان كثيراً يكون جالساً عندها فتمر عليه الفقراء في الهواء فينادونه فيجيبهم، ويطير معهم فلا تنظره إلى الصباح، وكان لا يقرب أحداً قط إلا بعد تكرار امتحانه بما يناسبه، وجاءه الشيخ علي الحديدي يطلب منه الطريق، فرآه ملتفتاً لنظافة ثيابه، فقال: إن كنت تطلب الطريق، فاجعل، ثيابك ممسحة لأيدي الفقراء فكان كل من أكل سمكاً أو زفراً يمسح في ثوبه يده مدة سنة، وسبعة شهور حتى صارت ثيابه كثياب الزباتين أو السماكين وكان فقيهاً موسوساً فلما رأى ثيابه لقنه الذكر وجاء منه في الطريق، وأخذ عنه تلامذة كثيرة، وسمعته يحكي قال: بينما أنا ذات يوم في منارة جامع، فارسكور ليلة من الليالي إذ مر علي جماعة طيارة، فدعوني إلى مكة فطرت معهم، فحصل عندي عجب بحالي فسقطت في بحر دمياط، فلولا كنت قريباً من البر وإلا كنت غرقت، وساروا، وتركوني وكان إذا اشتد عليه الحال في مجلس الذكر ينهض قائماً ويأخذ الرجلين، ويضرب بهما الحائط، وأخبرني الشيخ يوسف الحريثي قال: رأيت الشيخ محمد السروري وقد حصل له حال في جامع فارسكور فحمل تامور الماء، وفيه نحو الثلاثة قناطير من الماء على يد واحدة وصار يجري به في الجامع، وأخبرني الشيخ علي بن ياقوت أنه سمعه يقول: لقنت نحو ثلاثين ألف رجل ما عرفني منهم أحد غير محمد الشناوي وقد اجتمعت به مراراً عديدة، وهو في الزاوية الحمراء خارج القاهرة، ولقنني الذكر، ولما دخل مصر سكن بنواحي جامع الغمري، فكنت أقبل يده فيدعو لي فأجد بركة دعوته في نفسي، وكان يكره للمريد قراءة حزب الشاذلية، وأحزاب غرهم، ويقول: ما رأينا قط أحداً وصل إلى الله بمجرد قراءة الأحزاب، والأوراد، وكان يقول: نحن ما نعرف إلا لا إله إلا الله بعزم وهمة، وكان يقول: مثال أرباب الأحزاب مثال شخص من أسافل الناس اشتغل بالدعاء ليلا، ونهاراً أن الله تعالى يزوجه بنت السلطان، وكان يقول: لجماعة الشيخ أبي المواهب على وجه التوبيخ بلسان حالهم اجعل لي، واعمل لي، واصطفني، ولا تخلي أحداً فوقي، وأحدكم نائم بطول الليل، ومهما وجده من الحرام والشبه يلف ما هكذا درج السلف، وقال: كنت يوماً أقرأ على الشيخ يحيى المناوي في جامع عمرو بن العاص في خلوة الكتب وقت القيلولة، فدخل علينا رجل في وسطه خيشة محزم عليها بحبل، وهو أسود كبير البطن، فقال: السلام عليكم فقلنا، وعليكم السلام، فقال: للشيخ أيش تعمل بهذه الكتب كلها فقال: أكشف عن المسائل فقال: أما تحفظها فقال له: الشيخ لا فقال أنا أحفظ جميع ما فيها فقلنا له كيف فقال: كل حرف فيها يقول: لك كن رجلا جيداً ثم خرج فلحقنا منه بهت، فخرجنا خلفه فلم نجد أحداً، وكان رضي الله عنه يغير على أصحابه أن يجتمعوا بأحد من أهل عصره، ويقول: الذي أبنيه تهدونه عند غيري، ولما حج رضي الله عنه اجتمع عليه الناس في مكة من تجار، وغيرهم، وقال: لخادمه نحن جئنا نتجر، وإلا نتجرد للعبادة في هذا البلد، ولا نشتغل بالناس، فإذا كان وقت المغرب امض إلى بيوت هؤلاء الجماعة الذين يأتون إلينا، وقل لهم الشيخ يمسي عليكم، ومحتاج إلى ألف دينار وقل: لكل واحد منهم بمفرده، وكل من لقيته قل له، هكذا فلم يأت أحد منهم من تلك الليلة وانقطعوا كلهم من ذلك اليوم، فقال الحمد لله رب العالمين، ووقائعه مشهورة بين أصحابه رضي الله عنه ومات رحمة الله عليه بمصر وصلى عليه بالجامع الأزهر، ودفن بزاويته بخط بين السورين في سنة اثنتين، وثلاثين وتسعمائة رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!