موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم سيدي إبراهيم بن عصيفير رضي الله عنه آمين

كان خطه الذي يمشي فيه من باب الشعرية إلى قنطرة الموسكي إلى جامع الغمري، وكان كثير الكشف، وله وقائع مشهورة، وكان أصله من البحر الصغير، وظهرت له الكرامات، وهو صغير: منها أنه كان ينام في الغيط، ويأتي البلد، وهو راكب الذئب أو الضبع، ومنها أنه كان يمشي على الماء لا يحتاج إلى مركب، وكان بوله كاللبن الحليب أبيض، وكان يغلب عليه الحال فيخاصم ذباب وجهه، وكان يتشوش من قول المؤذن الله أكبر فيرجمه، ويقول: عليك يا كلب نحن كفرنا يا مسلمين حتى تكبروا علينا وما ضبطت عليه قط كشفاً أخرم فيه، وليلة أحرقت منارة المدرسة التي هي مسكننا بين السورين أخذ من إنسان نصفين وأعطاهما للسقاء، وقال: كب هذه الراوية على هذا الحريق فصبه على الأرض تجاه المدرسة، فقال: الناس للسقاء اللهم إن هذا مجذوب ما عليه حرج تصب الماء على الأرض خسارة، فطلع الوقاد تلك الليلة، فأوقد المنارة، ورشق الجنيب في حائطها، وكانت خشباً، ونزل، ونسيه فاحترقت تلك الليلة، ووقعت الثلاثة أدوار كأن إنساناً نزعها، وحملها، ووضعها على الأرض ممدودة في الشارع لم تصب أحداً من الجيران، وكان رضي الله عنه يقول: جاكم ابن عثمان جاكم ابن عثمان فكان غز الغوري يسخرون به.

وكان رضي الله عنه كثير الشطح، وكان أكثر نومه في الكنيسة، ويقول النصارى لا يسرقون النعال في الكنيسة بخلاف المسلمين، وكان رضي الله عنه يقول: أنا ما عندي من يصوم حقيقة إلا من لا يأكل اللحم الضاني أيام الصوم كالنصارى، وأما المسلمون الذين يأكلون اللحم الضاني، والدجاج أيام الصوم فصومهم عندي باطل، وكان رضي الله عنه يقول: لخادمه أوصيك أن لا تفعل الخير في هذا الزمان فينقلب عليك بالشر، وجرب أنت نفسك، ولما سافر الأمير جانم إلى الروم شاوره، فقال: تروح وتجيء سالماً ففارقه، وراح للشيخ محيسن فقال له: إن رحت شنقوك، وإن قعدت قطعوا رقبتك فرجع إلى الشيخ ابن عصيفير فقال: تروح وتجيء سالماً، وكان الأمر كذلك فراح تلك السفرة، وجاء سالماً ثم ضرب عنقه بعد ذلك، فصدق الشيخان. ولما سافر ابن موسى المحتسب بلاد العصاة أرسل إلى عياله بقمقم ماء ورد، وقال: صبوه على كفنه، وهو على المغتسل فجاء الخبر بأنهم قتلوه، وأتوا به في سحلية فصبوه عليه كما قال: الشيخ، وكان شخص يؤذيه في الحارة فدعا عليه ببلاء لا يخرج من بدنه إلى أن يموت فتورمت رجلاه، ونتفخا وخرج منهما الصديد، وترك الصلاة حتى الجمعة، والجماعة وصار لا يستنجي قط، فإذا غسلوا ثوبه يجدوا فيه العذرة كثوب الأطفال وقال له: شخص مرة ادع لي يا سيدي فقال الله: يبليك بالعمى في حارة اليهود فعمي كما قال: في حارتهم، وقال له: شخص ومعه بنية حاملها ادع لينيتي هذه فقال: الله يعدمك حسها فماتت بعد يومين، وكان يفرش تحته في مخزنه التبن ليلا، ونهاراً، وقبل ذلك كان يفرش زبل الخيل، وكان إذا مرت عليه جنازة، وأهلها يبكو يمشي أمامها معهم، ويقول زلابية هريسة زلابية هريسة، وأحواله غريبة، وكان يحبني وكنت في بركته، وتحت نظره إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة ودفن بزاويته بخط بين السورين تجاه زاوية الشيخ أبي الحمائل رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!