لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى سيدي حسن العراقي رحمه الله تعالى
المدفون بالكوم خارج باب الشعرية رضي الله عنه بالقرب من بركة الرطلي، وجامع البشيري ترددت إليه مع سيدي أبي العباس الحريثي، وقال أريد أن أحكي لك حكايتي من مبتدأ أمري إلى وقتي هذا كأنك كنت رفيقي من الصغر، فقلت له: نعم فقال كنت شاباً من دمشق، وكنت صانعاً، وكنا نجتمع يوماً في الجمعة على اللهو واللعب، والخمر، فجاءني التنبيه من الله تعالى يوماً ألهذا خلقت؟ فتركت ما فيهم فيه، وهربت منهم فتبعوا ورائي فلم يدركوني، فدخلت جامع بني أمية، فوجدت شخصاً يتكلم على الكرسي في شأن المهدي عليه السلام، فاشتقت إلى لقائه فصرت لا أسجد سجدة إلا وسألت الله تعالى أن يجمعني عليه فبينما أنا ليلة بعد صلاة المغرب أصلي صلاة السنة، وإذا بشخص جلس خلفي، وحسس على كتفي، وقال لي: قد استجاب الله تعالى دعاءك يا ولدي مالك أنا المهدي فقلت تذهب معي إلى الدار، فقال نعم، فذهب معي، فقال: أخل لي مكاناً أنفرد فيه فأخليت له مكاناً فأقام عندي سبعة أيام بلياليها، ولقنني الذكر، وقال أعلمك ورعي تدوم عليه إن شاء الله تعالى تصوم يوماً، وتفطر يوماً، وتصلي كل ليلة خمسمائة ركعة، فقلت: نعم فكنت أصلي خلفه كل ليلة خمسمائة ركعة وكنت شاباً أمرد حسن الصورة فكان يقول: لا تجلس قط إلا ورائي فكنت أفعل، وكانت عمامته كعمامة العجم، وعليه جبة من وبر الجمال فلما انقضت السبعة أيام خرج، فودعته، وقال لي: يا حسن ما وقع لي قط مع أحد ما وقع معك فدم علي، ورعك حتى تعجز، فإنك ستعمر عمراً طويلا انتهى كلام المهدي.
قال: فعمري الآن مائة وسبعة وعشرون سنة قال: فلما فارقني المهدي عليه السلام خرجت سائحاً فرحت إلى أرض الهند، والسند والصين، ورجعت إلى بلاد العجم، والروم، والمغرب ثم رجعت إلى مصر بعد خمسين سنة سياحة فلما أردت الدخول إلى مصر منعوني من ذلك، وكان المشار إليه فيها سيدي مدين المتبولي رضي الله عنه فأرسل يقول لي: أقم في القرافة فأقمت في قبة مهجورة عشر سنين تخدمني الدنيا في صورة عجوز تأتيني كل يوم برغيفين وإناء فيه طعام فلا كلمتها، ولا كلمتني قط ثم سألت في الدخول فأذنوا لي أن أسكن في بركة القرع فأقمت فيها سنين عديدة في حارة.
ثم جاء الشيخ عبد القادر الدشطوطي رضي الله عنه يريد أن يبني له جامعاً هناك فصار يقاتلني، ويقول: اخرج من هذه الحارة فقلت له يوماً مالك، ولي أنا مالي أحد يعتقدني من الأمراء، ولا من غيرهم فما لك ولي فلم يزل بي حتى خرجت إلى هذا الكوم فيه سبع سنين فبينما أنا ذات يوم جالس هنا إذ طلع على الدشطوطي، فقال: انزل من هذا الكوم، فقلت: لا أنزل، فخرجت النفس مني، ومنه فدعا علي بالكساح، فتكسحت، ودعوت عليه بالعمى فعمي فهو كالطوبة الآن هناك، وأنا رمة في هذا الموضع وأنا أوصيك يا عبد الوهاب أنك لا تصادم أحداً قط بنفس، وإن صدمك فلا تصادمه، وإن قال لك: اخرج من زاويتك أو دارك، فاخرج، وأجرك على الله، وكان رضي الله عنه إذا جاءه شخص بجوخة أو ثوب صوف يأخذ السكين، ويشرحها سيوراً سيوراً ثم يخيطها بخيط دارج، ومسلة، ويقول: إن نفسي تميل إلى الأشياء الجديدة، فإذا قطعتها لم يبق عندها ميل. توفي رضي الله عنه سنة نيف وثلاثين وتسعمائة، ودفن في القبة التي في الكوم المتقدم ذكره رضي الله عنه.
![]() |
![]() |






