موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم سيدي بركات الخياط (رضي الله عنه)

كان رضي الله عنه من الملامتية، وهو شيخ أخي أفضل الدين، وشيخ الشيخ رمضان الصائغ الذي بنى له الزاوية، وكان رضي الله عنه يلبس الشاش المخطط كعمامة النصارى، فيقول له: الناس حشاك يا نصراني، وكان يخيط المضربات المثمنة، وكان رضي الله عنه يقول: لمن يخيط له هات معك فوطة، وإلا يتسخ قماشك من ثيابي، وكان دكانه منتناً قذراً لأن كل كلب وجده ميتاً أو قطاً أو خروفاً يأتي به، فيضعه داخل الدكان، فكان لا يستطيع أحد أن يجلس عنده، وكان سيدي الشيخ نور الدين المرصفي رضي الله عنه، وغيره يرسلون له الحملات. فيضعون له الحجر على حانوته فيعلم بالحاجة فيقضيها، ويقول: الاسم لطوبى، والفعايل لأمشير نحن نتعب، وهؤلاء يأخذون الهدايا منهم، وأخبرني الشيخ عبد الواحد رضي الله عنه أحد جماعة سيدي أبي السعود الجارحي رضي الله عنه قال: مدحته للشيخ جمال الدين الصائغ مفتي الجامع الأزهر، وجماعة فقالوا امضوا بنا نزوره، وكان يوم جمعة فسلم المؤذن على المنارة فقالوا له: نصلي الجعة فقال: مالي عادة بذلك فأنكروا عليه فقال: نصلي اليوم لأجلكم، فخرج إلى جامع المارداني فوجد في الطريق مسقاة الكلاب فتطهر منها ثم وقع في مشخة حمير ففارقوه، وصاروا يوبخون الشيخ عبد الواحد الذي جاء بهم إلى هذا الرجل، وصار الشيخ بركات يوبخ عبد الواحد، ويقول: أيش هؤلاء الحجارة الذين أتيت بهم لا يعود لك بالعادة أبداً والله يا ولدي مسقاة الكلاب إنما هي مثال مطعمهم، ومشربهم، وكذلك مشخة الحمير إنما هي صورة اعتقادهم النجس، وأخبرني سيدي أفضل الدين رحمه الله تعالى قال: فبينما نحن يوماً خارج باب زويلة بالقرب من بيت الوالي، وإذا هو بشخص تاجر مغربي راكب بغلة فمسكه الشيخ رضي الله عنه، وقال: هذا سرق بيتي فدخلوا به بيت الوالي فقال: للوالي يا سيدي اضربه مقارع وكسارات، وإن مات أنا أزن ديته فلما فرغ الوالي من عقابه نظر إلى وجه التاجر، وقال: للوالي أنا غلطت هذا ما هو الذي أخذ حوائجي، فضرب الوالي الشيخ بعصاه، فخرج، ورقد على بابه، وقال: والله يا زربون ما أفارق هذه العتبة حتى أعزلك، فقام فجاء الفاصد بعزله من السلطان في الحال، وكان رضي الله عنه إذا قدموا له لحم الضاني، واشتهى لحم حمام ينقلب في الحال حماماً وله وقائع مشهورة. مات رضي الله عنه سنة دخول ابن عثمان مصر سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بالقرب من حوض الصارم بالحسينية، رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!