
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم أبو عبد الله جعفر الصادق رضي الله عنه ابن محمد الباقر بن زين العابدين
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين: كان رضي الله عنه يقول: أربع لا ينبغي لشريف، أن يأنف منها قيامه من مجلسه لأبيه وخدمته لضيفه، وقيامه على دابته، ولو أن له مائة عبد وخدمته لمن يتعلم منه، وكان رضي الله عنه يقول: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال أن تصغره إذا صنعته، وتستره وتعجله، وذلك لأنك إذا صغرته عظم، وإذا سترته أتممته، وإذا عجلته هنيته،. وكان رضي الله عنه يقول: إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره، لماذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه، وكان يقول: إذا بلغك عن أخيك ما تكرهه، فاطلب له من عذر واحد إلى سبعين عذراً، فإن لم تجد له عذراً فقل: لعل له عذراً لا أعرفه.
ودخل عليه الثوري رضي الله عنه فرأى عليه جبة من خز، فقال له: إنكم من بيت نبوة تلبسون هذا؟ فقال: ما تدري أدخل يدك فماذا تحته مسح من شعر خشن، ثم قال: يا ثوري، أرني ما تحت جبتك، فوجد تحتها قميصاً أرق من بياض البيض، فخجل سفيان، ثم قال: يا ثوري لا تكثر الدخول علينا تضرنا ونضرك. ودخل عليه أبو حنيفة رضي الله عنه، فقال يا أبا حنيفة: بلغني أنك تقيس، لا تفعل فإن أول من قاس إبليس، وكان رضي الله عنه يقول: إذا سمعتم عن مسلمة كلمة، فاحملوها على أحسن ما تجدون، حتى لا تجدوا لها محملاً فلوموا أنفسكم، وكان رضي الله عنه يقول: لا تكلوا من يد جاعت ثم شبعت، وقال لرجل من قبيلة: من سيد هذه القبيلة فقال الرجل: أنا فقال: لو كنت سيدهم، ما قلت أنا. وكان يقول: إذا أذنبت فاستغفر فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال. قبل أن يخلقوا وإن الهلاك كل الهلاك الإصرار عليها، وكان رضي الله عنه، إذا احتاج إلى شيء قال: يا رباه أنا محتاج إلى كذا، فما يستتم دعاءه إلا وذلك الشيء بجنبه موضوعاً. توفي رضي الله عنه، بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة، وكان رضي الله عنه، يقول: من استبطأ رزقه؛ فليكثر من الإستغفار، وكان رضي الله عنه، يقول: من أعجب بشيء من أموالهم وأراد بقاءه، فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وكان يلبس الجبة الغليظة القصيرة من الصوف على جسده، والحلة من الخز على ظاهره، ويقول: نلبس الجبة لله، والخز لكم، فما كان لله أخفيناه. وما كان لكم أبديناه.
وكان رضي الله عنه يقول: أوحى الله إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك. وكان يقول: الفقهاء أمناء الرسل ما لم يأتوا أبواب السلاطين. وكان يقول: اللهم ارزقني مواساة من قترت عليه رزقك، وكل ما أنا فيه من فضلك رضي الله تعالى عنه.
![]() |
![]() |