موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم مطرف بن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه

كان رضي الله عنه يقول: لو أتاني آت من ربي عز وجل فقال: أنت مخير بين الجنة والنار، أو تصير تراباً لاخترت أن أصير تراباً. ولما مات ابن له رضي الله عنه، سرح لحيته ولبس أحسن ثيابه. فقيل له: في ذلك قال: أتأمروني أن أستكين للمصيبة، والله لو أن الدنيا وما فيها كانت لي ثم وعدني الحق تعالى، على أخذها كلها بشربة ماء في الآخرة، لاخترت تلك الشربة، وكان رضي الله عنه يقول: لأبيت نائماً وأصبح نادماً، أحب إلي من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً، وكان رضي الله عنه يقول: إذا استوت سريرة العبد وعلانيته. قال الله عز وجل هذا عبدي حقاً، وكان إذا خلا في بيته تسبح معه لبنة بيته، وظلمه رجل فقال: أماتك الله على عجل فمات في الحال فطلبوه إلى زيادة وهو على البصرة فقال: هل مسه قالوا: لا قال: فهل هي إلا دعوة رجل صالح، وافقت قدراً فأطلقوه، وكان رضي الله عنه يقول: اللهم إني أستغفرك من كل عمل، ادعيت أني مخلص فيه، وأني أردت به وجهك، وكان رضي الله عنه يقول: اللهم ارض عنا، فإن لم ترض فاعف فإن المولى قد يعفو عن عبده، وهو غير راض عنه، وكان رضي الله عنه يقول: أجلوا الله أن تذكروه عند الحمار أو الكلب، فيقول: أحدكم لكلبه أخزاك الله أو فعل الله بك كذا، وكان رضي الله عنه يقول: المتقي عند ذكر خطايا الناس مشغول، وكان يقول: أكثر الناس خطايا أفرغهم لذكر خطايا الناس، وكان رضي الله عنه يقول: من لم يجزع من الضرب فهو لئيم.

وكان يقول: لا تحمل قط كتاباً إلى أمير وأنت لا تعلم ما فيه، وكان رضي الله عنه يقول: ذهب العلم وبقيت عبارات في أوعية سوء، وكان يقول لا يحتكم ورع إلا على أهله. وسئل رضي الله عنه عن الرجل يتبع الجنازة حياء من أهلها فقط، هل له في ذلك أجر؟ فقال ذهب ابن سيرين إلى أن له أجرين أجر صلاته على أخيه وأجر مشيه للحي، وكان رضي الله عنه يقول: من ترك النساء والطعام فلا بد له من ظهور كرامة! وكانوا يرون السائح من ترك الطعام والشراب والنساء ولو كان مقيماً في بلده، وكان يقول: إذا أمرت غلامي بحاجة فقدم حاجة صديقي عليها ازددت في ذلك الغلام حباً، وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن يكون غيري أسعد مني بما علمته له، وكان رضي الله عنه يقول: رأيت أني نزلت إلى الأموات فرأيتهم جالسين فسلمت عليهم، فلم يرد علي منهم أحد السلام فقلت لهم: في ذلك فقالوا: إن رد السلام حسنة وإنا لا نستطيع أن نزيد في الحسنات، وسمع رجلاً يقول: اللهم لا ترد هؤلاء القوم من أجلي فقال: هذا هو العارف بنفسه، وكان يقول: لا يقل أحدكم إن الله تعالى يقول، ولكن ليقل إن الله تعالى قال، وكان رضي الله عنه، يقول: من كذب صاحب وكان يقول: عليك بالشرف فإنك لا تزال كريماً على إخوانك ما لم تحتج إليهم، وكان رضي الله عنه يقول: يود أقوام من الناس يوم القيامة، أن أقلامهم كانت من نار حتى لا يكتبوا بها ما كتبوا. وكان رضي الله عنه يقول: ما بقي في زماننا قراءة إنما هم مترفون في الدنيا، وكان يقول: ليس بصاحبي من يغتاب عندي الناس، وكان يقول لولا الغفلة في قلوب الصديقين لماتوا من عظيم ما تجلى لقلوبهم، وكان يلبس المطارف والبرانس ويركب الخيول، ومع ذلك كان يقول: في دعائه اللهم لا ترد السائلين معي من أجلي. توفي رضي الله عنه بعد الطاعون الجارف، لما تولى الحجاج العراق سنة سبع ومائتين رضي الله تعالى عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!