
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم أبو عبد الله وهب بن منبه (رضي الله عنه)
كان رضي الله عنه يقول في التوراة علامة الرجل الصالح أن يخاصمه قومه الأقرب فالأقرب، وكان رضي الله عنه يقول: كان الناس ورقاً بلا شوك وأنتم اليوم شوك لا ورق فيه، إن تركهم العبد وهرب تبعوه، وكان يكره النطق بالشعر ويقول: إني أكره أن يوجد في صحيفتي يوم القيامة شعر، وكان يكره القياس في الدين ويقول أخاف على العالم أن تزل قدمه بعد ثبوتها، وكان يقول: إذا قرأ الشريف تواضع وإذا قرأ الوضيع تكبر.
وكان يقول: من لم يسمح لعدوه بالمال لم يجد إلى غير قتاله سبيلا، وكان يقول: ما افتقر أحد إلا رق دينه وضعف عمله وذهبت مروءته واستخف به الناس، وكان رضي الله عنه يقول: اليد للمؤمن كالشكال للدابة، وكان يقول: إن للعلم طغياناً كطغيان المال، وكان يقول: اتخذوا عند الفقراء يداً، فإن لهم دولة يوم القيامة، وكان رضي الله عنه يقول: خلق ابن آدم أحمق ولولا حمقه ما هنأه العيش، وأتاه رجل فقال إني مررت على فلان، وهو يشتمك فغضب وذهب وقال ما وجد الشيطان غيرك رسولا، ثم إن ذلك الشاتم جاءه فأجلسه إلى جنبه، وكان رضى الله عنه يقول: قرأت نيفاً وتسعين كتاباً من كتب الله عز وجل فوجدت فيها كلها أن كل من وكل إلى نفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر، وكان يقول: إن الله عز وجل يقول: في بعض الكتب المنزلة: " يا بن آدم كم لي عليك نعم ما قمت لي بما يجب عليك أذكرك وتنساني وأدعوك فتفر مني خيري إليك نازل وشرك إلي صاعد " وكان يقول: قد أصبح علماؤنا يبذلون علمهم لأهل الدنيا لينالوها منهم فهانوا في أعينهم وزهدوا في علمهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وكان يقول: من كانت بطنه وادياً من الأودية كيف يصلح له الزهد في الدنيا، وكان يقول: قال موسى عليه السلام لربه: يا رب احبس عني كلام الناس فقال الله عز وجل: " لو فعلت هذا بأحد لجعلت ذلك لي " وكان رضي الله عنه يقول: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام أن أسرع الناس مروراً على الصراط الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكري، وكان يقول: إن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله السخرياء بالناس، وكان يقول إذا صام الإنسان زاغ بصره فإذا أفطر على حلاوة عاد بصره، وكان يقول: من تعبد ازداد قوة ومن كسل ازداد فترة، وكان رضى الله عنه يقول: قال عيسى للحواريين " بحق أقول لكم إن أكل خبز الشعير وشرب الماء القراح والنوم على مزابل الكلاب لكثير على من يموت " ، وكان يقول الإيمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء، وصلى رضي الله عنه الصبح بوضوء العشاء عشرين سنة.
توفي بصنعاء سنة أربع عشرة ومائة رضي الله عنه.
![]() |
![]() |