
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم إبراهيم بن يزيد النخعي رضي الله عنه
كان رضي الله عنه يقول: أدركنا الناس وهم يكرهون إذا اجتمعوا أن يحدث الرجل بأحسن ما عنده، وكان يقول لا بأس أن يقول المريض إذا سئل كيف تجدك: بخير، ثم يشكو ما به، وكان يقول ما أوتي عبد بعد الإيمان أفضل من الصبر على الأذى، وكان رضي الله عنه يخفي أعماله ويتوقى الشهرة حتى إنه كان لا يجلس قط إلى أسطوانة، وكان يقول: أدركنا الناس وهم يهابون أن يفسروا القرآن والآن قد صار كل من أراد أن يفسره جلس إليه، وكان رضي الله عنه يقول: وددت أني لم كن تكلمت بعلم وإن زماناً صرت فيه فقيهاً لزمان سوء، وكان رضي الله عنه يقول: لا بأس أن تسلم على النصراني إذا كانت لك إليه حاجة أو بينكما معروف.
قلت: والمراد بالسلام والله أعلم أن يقول للنصراني كيف حالك مثلا لا قوله السلام عليك لأنه لا يسلم إلا على من اتبع الهدى، ويحتمل أن يكون ذلك من باب إذا تعارض مفسدتان ارتكبنا الأخف منهما أو مصلحتان فعلنا أدونهما عند تعفر أعلاهما والله أعلم، وكان يقول: إن الرجل يتكلم بالكلمة من العلم ليصرف بها وجوه الناس إليه، يهوي بها في جهنم فكيف بمن كان ذلك نيته منا أول جلوسه إلى أن فرغ، وكان إذا استأجر دابة ليركبها إلى موضع فوقع سوطه يميناً أو شمالا ينزل عنها ويأخذها ولا يعرج بها ويقول إنما استأجرتها لأذهب بها هكذا لا هكذا، وكان رضي الله عنه يقول كفى بالمرء إثماً أن يشار عليه بالأصابع في دين أو دنيا إلا من حفظه الله تعالى، وكان يلبس الثوب المصبوغ بالزعفران أو العصفر، حتى لا يدري من رآه أهو من القراء أو الفتيان. توفي سنة خمس وتسعين رضي الله تعالى عنه.
![]() |
![]() |