كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
غيركم.[1]
ثم قال الشيخ الأكبر في نفس الباب إن الفتح الإلهي على نوعين: فتح عن قرع، وفتح ابتداءً لا عن قرع، وهو المطلوب عند القوم؛ أي أن الفتح الذي لا يكون نتيجةً متوقعة لعمل هو الفتح الصحيح مع أن العمل بطبيعته يطلب الفتح ولكن يجب على العبد أن لا ينتظر الفتح جزاءً على عمله وإلا فقد يكون ذلك الفتح استدراجا.[2]
المريد والمراد
فإذاً هناك في طريق الله مريد ومراد، فالمريد هو الذي يسعى جاهدا في طاعة الله ويزكّي نفسه ويحلّيها بالأخلاق الحسنة ويخلّي قلبه من أي تعلق في الدنيا حتى يستطيع أن يستقبل التجلّي الإلهي؛ أما المراد فهو شخص وفّقه الله وهيّأه للفتح من غير جهاد ولا تعب. ففي خلال أجوبته على أسئلة الترمذي يفصّل الشيخ محي الدين معنى المريد والمراد والفرق بينهما فيقول:
فان قلت وما المراد وما المريد؟ قلنا المراد عبارة عن المجذوب عن إرادته مع تهيّؤ الأمر له فجاوز الرسوم كلها والمقامات من غير مكابدة، وأما المريد فهو المتجرّد عن إرادته، وقال أبو حامد هو الذي صحّ له الأسماء ودخل في جملة المنقطعين إلى الله بالاسم. وأما المريد عندنا فنطلقه على شخصين لحالين: الواحد من سلك الطريق بمكابدة ومشاقّ ولم تصرفه تلك المشاقّ عن طريقه، والآخر من تنفُذُ إرادته في الأشياء وهذا هو المتحقق بالإرادة لا المراد.[3]
ثم قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات في الباب السابع والعشرين ومائتان (في معرفة حال المراد) إن المراد في اصطلاح القوم هو المجذوب عن إرادته مع تهيّؤ الأمور، فهو يجاوز الرسوم والمقامات من غير مشقّة بل بتلذّذ وحلاوة وطيب تهوّن عليه الصعاب وشدائد الأمور، وأنشد:[4]
إن المُراد هو المجذوب بالحـال |
|
في كل حالٍ على حلٍّ وترحـال |
أما عن المريد فقال في الباب الثامن والعشرين ومائتان (في حال المريد) أن لفظة المريد عند المحققين من أهل الله تُطلق بإزاء المنقطع إلى الله المؤثِر جناب الله الساعي في محابّ الله ومراضيه، وقد
[1] الفتوحات المكية: ج2ص505.
[2] الفتوحات المكية: ج2ص505.
[3] الفتوحات المكية: ج2ص134.
[4] الفتوحات المكية: ج2ص523.