كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
الحديث ودرس، وكان شاعراً مجيداً وله ديوان شعر مشهور، وتوفي بدمشق سنة ست وثمانين وستمائة، ودفن عند قبر أبيه بسفح قاسيون في تربة بني الزكي. ومن شعره:
أنا بالأحبة لا أزال مُولّها |
|
إن لم أكن أنا للصبابة، من لها! |
وقال أيضاً:
تُرى يسمح الدهر الضنين بقربكم |
|
وأحظى بكم يا جيرة العلَم الفرد |
موت صاحبه بدر الحبشي (ملطية 618/1221)
يبدو أنه لما ولد ابنه سعد الدين في ملطية ذهب الشيخ محي الدين إلى هناك، أو ربما كان هناك قبل أن يولد. ولكن مع فرحته بولادة ابنه سعد، جاءه حزن مقابل بموت صاحبه ورفيق عمره بدر الحبشي الذي رافقه ثلاثاً وعشرين سنة منذ أن عرفه بمدينة فاس في المغرب حتى وفاته.
يروي الشيخ محي الدين في الدرّة الفاخرة كيف مات صاحبه بدر بين يديه فيقول إنه لما حضرته الوفاة في منزل الشيخ خُيّر فاختار الرحلة إلى لقاء ربّه، فمات في الليل. وكان الشيخ محي الدين قد نوى أن يغسله بيده فلمّا حضر الناس في الصباح حضر من جملتهم الفقيه الصالح كمال الدين مظفر من أهل ملطية وهو من أهل الله، فقال للشيخ محي الدين: كنت البارحة في منزلي بالبستان، فقيل لي قم فاغتسل، فقلت ما بي جنابة، وعاودني ذلك ثلاث مرات فقيل لي في الثالثة: تأهّب لغسل عبدٍ من عبادي في غدٍ إن شاء الله، ثم قال إنه حين كان يغسله صار يوبّخ نفسه وخطر له أنه من هو حتى يؤهّل لغسل مثل هذا، فيقول إنه لما خطر ذلك بنفسه فتح بدر الحبشي عينيه وهو في المغتسل وتبسّم ثم أغمض عينيه. ويضيف الشيخ محي الدين أنه مشى إلى قبره بين الظهر والعصر وشكى إليه بأمر طرأ عليه بعده فأجابه من قبره بصوت سمعه بأذنه.[1]
السنة 619/1222
لا توجد لدينا كذلك أية معلومات عن هذه السنة فيما يخص رحلات الشيخ محي الدين رضي الله عنه، فلا توجد أية مخطوطات أو أعمال تدل على ذلك. ولكن يمكن أن يكون قضاها في ملطية حيث كان ابنه سعد الدين لا يزال رضيعاً، أو ربما رجع مع عائلته إلى حلب وترك بلاد الروم بشكل نهائي ليستقر في دمشق في السنة التالية كما سنرى في الفصل القادم. كذلك من غير المستبعد أن يكون الشيخ محي
[1] مخطوط مختصر الدرة الفاخرة، ص120.