موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب إنشاء الدوائر والجداول

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

باب سبب بدء العالم ونشئه

 

 


اعلم وفّقك اللّه وسدّدك أنّه لمّا نظرنا العالم على ما هو عليه وعرفنا حقيقته ومورده ومصدره ونظرنا ما ظهر فيه من الحضرة الإلهيّة بعد ما فصّلناه تفصيلا فوجدن الذات الإلهيّة منزّهة عن أن يكون لها بعالم الكون.

والخلق وللأمر مناسبة أو تعلّق بنوع ما من الأنواع لأنّ الحقيقة تأبى ذلك فنظرن ما الحاكم المؤثّر في هذا العالم فوجدنا الأسماء الحسني ظهرت في العالم كلّه ظهور لا خفاء به كلّيّا وحصلت فيه بآثارها وأحكامها لا بذواتها.

لكن بأمثالها لا بحقائقها لكن برقائقها فأبقينا الذات المقدّسة على تقديسه وتنزيهها ونظرنا إلى الأسماء فوجدناها.

كثيرة فقلنا الكثرة جمع ولا بدّ من أئمّة متقدّمة في هذه الكثرة فلتكن الأئمّة هي المسلّطة على العالمين وما بقي من عدد الأسماء إذ الأئمّة الجامعون لحقائقها.

فالإمام المقدّم الجامع اسمه اللّه فهو الجامع المعاني الأسماء كلّها وهو دليل الذات فنزّهناه كما نزّهنا الذات وأيضا فإنّه من حيث ما وضع جامع الأسماء فإن أخذناه لكون ما من الأكوان ما نأخذه من حيث ما وضع.

وإنّما نأخذه من جهة حقيقة ما من حقائقه الّتي هو مهيمن عليها ولتلك الحقيقة اسم يدلّ عليها من غير اسم اللّه فلنأخذها من جهة ذلك الاسم الّذي لا يحتمل غيرها ونبرز الكوّن منها ونترك اسمه اللّه على منزلته من التقديس.

فإذا تقرّر هذا وخرج الاسم الجامع عن التعلّق بالكون وبقي على مرتبته حتّى ل تبقى حقيقة إلّا برزت فحينئذ يظهر سلطان ذاته كلّيّا فلنرجع إلى الأئمّة الّذين هم من جملة حقائقه.

ونقول أنّ أئمّة الأسماء كلّها عقلا وشرعا سبعة ليس غيرها وما بقي من الأسماء فتبع لهؤلاء وهي الحيّ العليم المريد القائل القادر الجواد المقسط .

فالحيّ إمام الأئمّة ومقدّمهم والمقسط آخر الأئمّة والقائل أدخله الشرع في الأئمّة خاصّة وقبله المقام وسرّ به وما بقي فالروح العقليّ اقتضاه إماما وانفرد الروح

القدسيّ بالقائل خاصّة وله مدخل في المقسط من جهة ما وفي اسمه الجواد لا غير.

فاسمه الجواد يعمّ كلّ اسم رحمانيّ يعطى سرّا ونعمة فهو المهيمن على هذا القبيل من الأسماء والمقسط يعمّ كلّ اسم غضبيّ يعطى ضرّا ونقمة وهو المهيمن على هذا القبيل من الأسماء وليس في العالم إلّا هؤلاء الأئمّة.

وهذان القبيلان من الأسماء لا غير ولولا ظهور الأحكام الشرعيّة ما احتجنا إلى الاسم المقسط احتياجا ضروريّا فالعقاب والوعيد اضطرّنا إلى إمامة الاسم المقسط.

ولكن ليس إيلام البهائم وما في ضمن ذلك من حكم اسمه المقسط ولكن من حكم اسمه المريد وهو من الأئمّة المقدّمين فتحقّق الشكل إذا رسمناه لك ليثبت في خيالك فإني سأقيم لك دائرة العالم من غير نظر إلى شريعة وما يحكم فيه من هؤلاء الأئمّة.

وسأقيم لك دائرة السعادة من العالم ودائرة الشقاوة وما يحكم فيه من هؤلاء الأئمّة فانظر امتداد الرقائق من حضرات الأئمّة إلى العالم ومراتب الأئمّة الأوّل فالأوّل الأعلى فالأعلى.

وسأقيم لك القبيلين من الأسماء بين دوائر العالم وحضرات الأئمّة وأجعل لهم ثلث دوائر دائرة تضمّ القبيلين في مقابلة دائرة العالم الكبرى المطلقة ودائرتان في مقابلة عالم السعادة وعالم الشقاوة وبتميّز القبيلين فانظرها وتحقّقها حتّى تحصّله في خيالك وسأجعل الرقائق من الأئمّة تمتدّ إلى سدنة من الأسماء ومن السدنة إلى العوالم وقد تمتدّ الرقيقة من بعض الأئمّة إلى بعض وحينئذ تنزل.

وتتّصل بالعالم لوقوف بعض الأئمّة على بعض واكتب على الرقائق إثرها حتّى تعقل فألق بالك واشحذ فؤادك والشكر اللّه الّذي سخّرني لك حتّى علمت من الوجود ما غاب عنه أكثر الخلق بأقرب محلولة وأصحّ مثال وذلك بفضل اللّه وحوله وقوّته ومنّه هذه صورة الدائرة المتقدّمة الذكر .

( اعلم أنّ من الكشف ما هو عقليّ وهو ما يدركه العقل بجوهره المطلق عن قيود الفكر والمزاج ومنه ما هو نفسانيّ وهو ما يرتسم في النفوس الخياليّة المطلقة عن قيوده المزاجيّة بأزمان الرياضات والمجاهدات بعد كشف الحجب المباينات والممايزات ومنه ما هو روحانيّ وذلك بعد كشف والحاجب العقليّة والنفسانيّة ومطالعة مطالع الأنفس الرحمانيّة ومنه ما هو ربّانيّ.

وذلك بطريق التجلّى إمّا بالتنزّل أو بالعروج أو بمنازلات أسرار وهذا النوع يتعدّد بتعدّد الحضرات الأسمائيّة فإنّ للحقّ تجلّيات من كلّ حضرة من الحضرات الأسمائيّة وأعلاها هو التجلّى الإلهيّ الجمعيّ الأحديّ يعطى المكاشفات الكلّيّة وفوقها التجلّى الذاتيّ

الّذي يعطى الكشف بحقيقة الحقائق وبمراتبها وبحقيقة النفس والعماء وبالحقيقة الإلهيّة وبحقيقة الطبيعة الكلّيّة وقوله وكانت الملائكة من بعض قوى تلك الصورة أي الملائكة هي أرواح القوى القائمة بالصورة الحسّيّة والقوى النفسانيّة والعقليّة.

وإنّما سمّيت ملائكة لكونها روابط موصّلات تربط الأحكام الربّانيّة والآثار الإلهيّة بالعوالم الجسمانيّات فإنّ الملك باللغة هو القوّة والشدّة.

فلمّا قويت هذه الأرواح بالأنوار الربّانيّة وقويت الآثار الإلهيّة بها على إيقاع أحكامها وإيصال أنوارها سمّيت ملائكة وهم ينقسمون إلى علويّ روحيّ وسفليّ طبيعيّ عنصريّ ومثاليّ نورانيّ فمنهم المهيّمون ومنهم المسخّرون ومنهم المولّدة من الأعمال والأقوال والأنفاس ،.

ظهور الحقّ في العالم الروحانيّ ليس كظهور في العالم الطبيعيّ فإنّه في الأوّل بسيط نورانيّ نزيه فعليّ وحدانيّ وفي الثاني مركّب ظلمانيّ انفعاليّ ، قيل التقى آدم إبليس بعد الخطيئة فقال يا شقيّ وسوست إليّ وفعلت.

فقال يا آدم هب أني كنت إبليسك فمن كان إبليسي الشكل مقيّد بشكله والفرع منتشر عن أصله.

اعلم أنّ سبب نشء العالم على ما اقتضاه الكشف المثاليّ والحكم الالهيّ ما ذكرناه في كتاب عنقاء مغرب في باب محاضرة أزليّة على نشأة أبديّة.

وسأذكر منه في هذا الكتاب ما يحتاج إليه في هذا الموضع وذلك أنّ السدنة من هذه الأسماء لمّا كانت بأيديهم مقاليد السماوات والأرض ولا سماوات ولا أرض بقي كلّ سادن بمقلاده لا يجد ما يفتح.

فقالوا يا للعجب خزّان بمفاتيح مخازن لا تعرف مخزنا موجودا فما نصنع بهذه المقاليد فأجمعوا أمرهم وقالوا لا بدّ لنا من أئمّتنا السبعة الّذين أعطونا هذه المقاليد ولم يعرّفونا المخازن الّتي نكون عليها فقاموا على أبواب الأئمّة على باب الامام المخصّص والامام المنعم والإمام المقسط.

فأخبروهم الأمر فقالوا صدقتم الخبر عندنا وسنعيّنها لكم إن شاء اللّه تعالى ولكن تعالوا نصل إلى من بقي من الأئمّة ونجتمع على باب حضرة الإمام الإلهيّ إمام الأئمّة.

فاجتمع الكلّ وهم بالإضافة إلى الإمام المعروف باللّه سدنة فوقف الجميع ببابه فبرز لهم وقال ما الّذي جاء بكم فذكروا له الأمر وأنّهم طالبون وجود السماوات والأرض حتّى يضعوا كلّ مقلاد على بابه.

فقال أين الإمام المخصّص فبادر إليه المريد فقال له أليس الخبر عندك وعند العليم فقال له نعم قال فإن كان فأرح هؤلاء ممّا هم فيه من تعلّق الخاطر وشغل البال فقال العليم والمريد أيّها الامام الأكمل قل للإمام القادر يساعدنا والقائل فإنّه ل نقوم به بأنفسنا إلّا أربعتنا فنادى اللّه تعالى القادر والقائل.

وقال لهما أعينا أخويكما فيما هما بسبيله فقالا نعم فدخلا حضرة الجواد فقال للجواد عزمنا على إيجاد الأكوان وعالم الحدثان وإخراجهم من العدم إلى الوجود وهذ من حضرتك حضرة الجود.

فادفع لنا من الجود ما نبرزهم به فدفع لهم الجود المطلق فخرجوا به من عنده وتعلّقوا بالعالم فأبرزوه على غاية الإحكام والإتقان فلم يبق في الإمكان أبدع منه.

فإنّه صدر عن الجود المطلق ولو بقي أبدع منه لكان الجواد قد بخل بما لم يعط وأبقاه عنده من الكمال ولم يصحّ عليه إطلاق اسم الجواد وفيه شيء من البخل فليس اسم الجواد عليه فيما أعطى بأولى من اسم البخيل عليه فيما أمسك وبطلت الحقائق.

وقد ثبت أن اسم البخيل عليه محال فكونه إن أبقى عنده ما هو أكمل محال وهذا أصل نشء العالم وسببه وما ظهر الإمام المقسط إلّا بعد نزول الشرائع فتأهّبت الأسماء بمقاليدها وعلمت حقيقة ما كان عندها وما هي عليه بوجود الأكوان فتحقّق هذا الفصل المختصر العجيب فإنّه نافع في هذا الباب.

اللّه المرشد للصواب

تمّ الكتاب


Xq0FzwasfBY

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!