موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الدرة البيضاء

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[الوجود الممكن]

 

 


ثم قال قدس سره[5]:[6]

فلا بدَّ أن يكون وجود هذا الممكن عن عدم، يعني (له ابتداء في الزمان، لأنه) لم يكن، ثمَّ كان، فإن الممكن هو الذي ليس في حقيقته أن يمتنع من الوجود، كالمحال (الذي لا يُتخيَّل وجوده: مثل وجود شريك لله سبحانه وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرا!)، ولا من العدم، كالواجب (الذي لا يُتخيل عدمه، مثل وجود الله سبحانه وتعالى)؛ فهو (أي العدم) جائزٌ أن يكون موجوداً وجائزٌ أن يكون معدوماً، وجائزٌ إذا كان موجوداً أن يُعدم، وجائزٌ إذا كان معدوماً أن يوجد، فيفتقر بالضرورة إلى المرجِّح (لكي يخرجه من ظلمة العدم إلى نور الوجود، كما قال الله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 257]).

ولا بدَّ أن يكون المرجِّح غير ممكن مثله، لكون الممكن (هو بحد ذات معدوم و) يفتقر إلى مرجِّح، وذلك محال، لأن المعدوم لا يرجِّح شيئاً، فلا بدَّ أن يكون المرجِّحُ واجبَ الوجود لنفسه، وهو الله سبحانه (ولا أحد غيره واجب الوجود لنفسه).

ولا يصح أن يكون هذا الممكن واجبَ الوجود بالله، تعالى، فيكون معه أزلا، والممكن يستحيل وجودُه أزلا، لأنه لا فائدة لواجب الوجود إلا أن يكون "لا عن عدم".

وحقيقة الممكن لا تقبل الوجوب العقلي، ولا تقبل الوجوب المقيد، الذي يُقال عنه "واجبٌ بغيره"، ومن المُحال تعلُّق الإرادة بالموجود، وإنما تتعلق بالمعدوم، وإذا تعلقت ببقاء الموجود لم يقع، فهو مستأنف. (وهذه مسألة عويصة بحاجة إلى بعض الشرح والتفصيل؛ فكما قلنا أعلاه: وجود الممكن آني لا يدوم، ولا بدَّ من تجديد الخلق عليه، فيظهر بوجود جديد في كل آن. فالإرادة تنقله من العدم إلى الوجود، ولا تنقله من الوجود إلى العدم، لأن ذلك واقع من غير فعل فاعل، كما قال الشيخ في بداية الفتوحات إن "فعل لا شيء" لا يقول به عاقل، فالفعل لا يُنتج العدم، بل هو صفة لازمة لكل موجود غير الله سبحانه وتعالى. وهذا يعني أنه لا بقاء لموجودٍ [مخلوق] بعينه، بل بقاؤه بتجدد الأعراض عليه، وزوالها في كل آن، وعينه لا تزال ثابتة على حالها في الإمكان.)

والممكن هو الذي يُتصوَّر عدمُه ووجوُده على السواء، من غير ترجيحٍ لنفسه. فإنه لو رجَّح لنفسه الوجودَ على العدم، لم يخل أنه يرجح نفسه (حالَ ترجيحها) وهو "موجود" أو "معدوم": فإن رجَّح وجودَه وهو موجود فما الذي رجَّح؟ ومن المحال أن يرجِّح وجودَه وهو معدوم، فإن المعدوم ليس بشيء فلا يتصور حكمٌ منه عقلا!

فإذا رأينا قد ترجَّح له (أي للممكن) أحد الجائزين (وهما الوجود أو العدم)، علمنا أن ذلك من مشيئة مرجِّحِه، وأنَّ مرجِّحَه لا بدَّ أن يكون واجبَ الوجود (وهو الباري سبحانه وتعالى)، مريداً لإيجاد هذا الممكن.

والواجبُ الوجود هو الذي لا يُتصوَّر عدمُه عقلاً، كما أن المحال لا يُتصور وجودُه عقلا.

وليس يلزم من كون المشيئة واجبة الوجود أن هذا الممكن الذي تعلقت به لم يزل معها، فيكون أزليا بأزليتها؛ هذا لا يلزم. فإن الإرادة قد ثبت لها أنها لا تتعلق إلا بمعدوم، فإذا وُجد المعدوم لم تتعلق الإرادة به من كونه موجود، فقد ثبت له العدم أصلاً، وإنما تتعلق عند وجوده ببقاء وجوده، وهو معدوم، أو بعدمه في الزمان الثاني، زماناً مقدراً أو واقعاً، أي زمان كان وهو معدوم، فإن العين موجودة، ولا بد أن يكون كل ممكن وجوده عن عدم أصلا.

وكذلك القدرة؛ يزول تعلقها بالموجود، لأنها إنما تتعلق لِتُوجد، وما بقي تعلق لهذا الموجود إلا بخلق الأعراض التي بها بقاؤه، فلا يزال يُجدَّد له ذلك، ولهذا لا يزال الباري تعالى خالقا في الدنيا والآخرة.

 


VTYD-HuQMg4

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!