موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كشف الغايات في شرح التجليات

للشيخ ابن سودكين النوري

04 - شرح تجلي الإشارة من عين الجمع والوجود

 

 


04 - متن تجلي الإشارة من عين الجمع والوجود

هذا التجلي يحضر لك فيه حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم .

ويشاهده في حضرة المحادثة مع الله .

فتأدب واستمع ما يلقى إليه في تلك المحادثة فإنك تفوز باسنى ما يكون من المعرفة .

فإن خطابه لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ليس خطابه إياك .

فإن استعداده للقبول أشرف وأعلى .

فألق السمع وأنت شهيد .

فتلك حضرة الربوبية : فيها يتميز الأولياء ويتجاوزون في طرق الهداية من جمعية أدنى إلى جمعية أعلى .

حيث لا ينقال ما يُرى .

فإذا رجعت من هذا التجلي . أقمت في تجلي الآنية من حيث الحجاب .

04 - إملاء ابن سودكين عن شيخه في هذا الموطن : " قال رضي الله عنه ما هذا معناه : الجمع على وجهين :

أحدهم : أن ترد الكل إليه مطلقا .

والثاني: أن ترد إليه ما له وتأخذ أنت مالك .

لأنه سبحانه من لطفه ورحمته لما نزل إلى عباده في لطفه علمهم الدعاوى ؛ سبحانه؛ ما يستحقه، وأخذك أنت ما تستحقه هو الجمع الثاني . واعلم أن الجمعية تقتضي للسالك تعيين المقصد مع علمه بإطلاق الحق .

فإذا توجه السالك إلى الحق فوجده من حيث تعيينه المخصوص، فتح له مطلبا آخر وأقام عنده قصدا آخر. وذلك أن طبع الإنسان يقتضي أن يكون له مقصد لثلا يتبدد.

وكلما وصل إلى مقصد فتح له بمقصد آخر لتصبح له الجمعية. والله أعلم" .

إملاء ابن سودكين قال رضي اللّه عنه ما معناه :

( (إن تجليها الحقيقة المحمدية) ) على قسمين :

القسم الأول وذلك أنها تتجلى بعينها، فيكون كشفك لها محققا.

والقسم الآخر أن للحقيقة المحمدية في كل موجود نسخة هي الحقيقة المحمدية في عالم ذلك الشخص، وكذلك حكم بقية الحقائق للأنبياء والأولياء، عليهم الصلاة والسلام.

وثمة سر يجب التنبيه له وتعظم فائدته.

وذلك أنك متى اعتقدت في حقيقة ما من الحقائق التي لم يرد نص ببيان تفضيلها، أنك أفضل منها أو أنها أفضل منك، فإنه يستحيل أن تتجلى لك في الكشف إلا م اعتقدته من ذلك .

لكونك شغلت محلك بذلك المعتقد الوهمي والفائدة هاهنا لمن تعجلت له هذه الفائدة، أن يحرس محله من أن يقوم به فضول، بل يسلمه إلى الله تعالى طاهرا مهيئا .

ثم إذا رأيت في كشفك أن الحق سبحانه يكلم الحقيقة المحمدية أو غيرها من حقائق الأنبياء عليهم السلام بأمر هو تحت حوطتك، فاعلم أنك أنت المراد بذلك الخطاب، وإنما كانت الحقيقة قبلة خطاب الحق في حقك وإذا رأيته، سبحانه، یکلم حقائق الاولیاء بکلام لا تفاهمه فاعلم أن مشهدهم أعلى من مشهدك، وأنه کلمهم بما لیسی هو تحت علمك.

فها هنا أمران كما تقدم في حقائق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

فاطلب الفرقان الذوقي فيهما. والله الحافظ بمنه وفضله" .

04 - شرح تجلي الإشارة من عين الجمع والوجود

146 - الجمع عند البعض رد الکل إلى الحق وظھور الحق على الکل، باختفاء الکل فيه.

وعند البعض الآخر ردك إليه ما له من الصفات، وأخذك إليك مالك منها من نحو الفرح والضحك والاستهزاء والمرض والجوع والظمأ والتبشبش.

وهذا الرد والأخذ إنما يقع في مقام يقتضي كمال العبودة.

والجمع عند المحققين بمعنى آخر أغمض من الوجهين المذكورين وهو جمعان :

جمع التمحض وجمع التشكيك .

فالتمحض :

هو مقام أحدية الجمع القاضي بمحو أعيان الكل واستهلاكها عن إنائيته وإضافتها إلى الحق بلا إنائيتها فالعبد وأعضاؤه حينئذ في وقاية الحق و مظهريته، إنما يكون مستوراً بل ممحواً عن نفسه وعن أعضائه.

ولذلك حصر الحق تعالى المبايعة في قوله: "إنّ الذين يبايعونك إنما يبايعون الله" 1 الفتح . على نفسه، مع كونها في رأي العين ليده صلى الله عليه وسلم .

ففي هذا المقام تضاف اليد إلى الحق وتكون بحسبه.

كما قال تعالى : " يد الله فوق أيديهم " 10 الفتح .

وقد كان صلى الله عليه وسلم يشير إلى يده فيقول : "هذه يد الله" .

ففي هذا الجمع تندرج هوية العبد في هوية الحق وإنائيته. فافهم.

وجمع التشكيك، هو مقام جمع الجمع .

وفيه مع ذكر العبد وبقائه لا يكون الوجود حقيقة إلا لله.

كما قال تعالى: " وما رميت إذ رميت "17 الأنفال . فنفى عنه الرمي في حالة إثباته له، ثم محضه بقوله عز وجل "ولكن الله رمى" لنفسه فقوله: "ومارميت إذ رميت" تشكيك.

وقوله : "ولكن الله رمى" تمحيض. "تمحيض هنا = نفي الجميع سوى الله في الفعل"

فمن حيثيه اشتماله هذا المقام على التشکیك و التمحیض، سمي جمع الجمع

147 - وأما الوجود فهو هنا على نحوين.

الأول منهما :

تلقيك ما ألقاه الحق إليك مع علمك بوجودك وأخذك وتلقيك، من غير أن يطر عليك، عند تلقيك، الفناء والذهاب عن كونك.

وهذا شأن المتمكن المأمون عن طريان الغلط والعوارض المخلة في التحقيق، عند إشرافه الشهودي على مأخذه الباطنة والظاهرة.

والثاني :

هو غيبتك عن نفسك وحسبك، عند الإلقاء والتجلي ؛ وانطماس مالك فيما له ؟

ثم عودك إلى وجودك ووجدانك الحامل إليك تفصيل أحكامها ولوازمها وما عليه استعدادها الأصلي. فافهم.

148 - قال قدس سره : (هذا التجلي تحضر لك فيه حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم وتشاهده في حضرة المحادثة مع الله تعالى) . فإن لحقيقته في هذا المقام القاضي بوجود هذا التجلي، رتبة الأكملية.

فمن تحقق به فإنما تحقق إما برقيقة من رقائقه، أو استوعب فكان وارثاً له في ذلك.

فعلى التقديرين، له ( (الحقيقة المحمدية) ) الحضور مع كل متحقق فيه.

ولكن حضورها فيه على نحوين.

فالأول :

مختص بالمستوعب الوارث، وذلك حضورها بعينها کماهی ؛ فحينئذ یکون کشفه له محققاً كما ينبغي .

والثاني :

حضورها بصورة تقتضيها رقيقة المناسبة.

فإن لها في كل موجود نسخة هي الحقيقة المحمدية في عالم ذلك الموجود.

وهكذا حكم حقائق سائر الأنبياء والرسل لورثتهم .

149 - (فتأدب) إذ اطلعت على الحقيقة السيادية في حضرة المحادثة وهي حضرة تعطي سماع خطاب الحق من المظاهر الصورية الحسية، كسماع الخطاب من الشجرة قال تعالى :

"وإن أحد المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله". 6 سورة التوبة.وكلام الله إنما كان إذ ذاك من المظهر الحسي المحمدي .

(واستمع ما يلقي إليه في تلك المحادثة) من المطالب العالية وجوامع الحکم في جوامع الکلم (فإنك) إذن (تفوز بأسنى مایکون من المعرفة) الفصاحة عن حقائق الأشياء وأسرارها الجمة كما هي، (فإن خطابه) تعالى ( لمحمد صلى الله عليه وسلم : لیس کخطابه ایاك فإن استعداده للقبول أشرف وأعلى) فإنه يعلم في نقطة من العلم، علم الأولين والآخرين ؛ ويشاهد في كل شيء کل شيء؛ و يسمع صرير القلم الاعلى و خطاب الحق، حيث لا کم ولا کیف.

(فالق السمع وانت شهید) کي تحقق تابعته سماعاً وشهوداً .

150 - (فتلك حضرة الربوبية) يشير إلى حضرة المحادثة مع الله ؛ (فيها يتميز الأولياء) بحسب التلقي والفهم.

فإنهم "الأولياء" يتفاوتون في حضرة الربوبية بحسب رقائق المناسبة وقوة الاستيعاب وضعفه ؛ (ويتاجرون) في ميدان المفاضلة فيما فهموا من الحديث والخطاب (في طلق الهداية) ؛ يوم طلق، بسكون اللام : إذا لم يكن فيه شيء من الأذى.

فطلق الهداية إذا لم يشبها من الضلالة شيء.

فهي الهداية السيادية التي لا يزاحمها تقابل المضلل .

وهي هنا كناية عن جذب الحقيقة السيادية على الطريق الأقوم، ما يحاذيه ويلاقيها بقدر المحاذاة والملاقاة.

ولذلك قال قدس سره :

151 - (من جمعية أدنى) وهي جمعية المنجذب إليها همة وتوجهاً في مبتدأ أمره، بقدر مناسبته الأصلية (إلى جمعية أعلى فأعلى) دفعة بحكم الجذب، أو تدريجاً بحكم السلوك في مناهج الارتقاء والوصول .

وإنما قال: ( (أعلى فأعلى) ) مرتين، إذ النفس الآخذة في التوجه بجمع همها، إما سائرة بدلالة شرح الصدر الناتج من العقد الإسلامي في ظاهر الوجود و مراتبه ومقاماته ؛ و إما سائرة بحكم اطمئنان القلب على وجود الإيقان الناتج من العقد الإيماني في باطنه و مراتبه ومقاماته ؛ فله ( (النفس) ) في منتهى كل سير، جمعية مخصوصة.

152 - و حیث کان سيره «النفس» من حیثیة الجمع بينهما، أعلى وأتم.

قال: (إلى مكانة زلفى) وهي منزلة ناتجة للمجذوب إلى حقيقته العليا، التي هي الحق الظاهر من حيث التعين والتجلي الأول.

فهي مقام القرب النفلي القاضي بكون الحق عين قوى العبد . " إشارة إلى الحديث القدسي : ... لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل... . ".

فلا یکون الحق حينئذ إلا بحسابها.

إذ کینونة الطلق في القید إنما تکون بحسب القید، ککون الحيوان في الإنسان إنساناً، وكون اللون في الأسود سواداً.

153 - ثم قال: (إلى مستوى أزهى) وهو مقام جامع بین ظاهر الوجود و باطنه مع بقاء التمييز بينهما.

فهو مقام القرب الفرضي، القاضي بکون العبد المتعين بالتعيين الحکمی، بصر الحق و سمعه ویده .

فحينئذ یکون العبد بحسب الحق، وإلا لم یکن له. ولذلك تری عین النفس اذن كل شيء، شأنه أن يكون مرتباً بعد وجوده، حالة ثبوته في غيب العلم، لا بجارحة ولا في جهة. وكذلك السمع.

ولما صار قلب العبد في هذا القرب، بحسب الحق، والحق لا يقبل الحد والغاية، فكذلك القلب، حينئذ، لم يقبل الحد والغاية.

ولذلك صح في الحديث القدسي : ( (لا يسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن) ) .

وباعتبار صحة التساوي في عدم التناهي بين الحق والقلب قال : (إلى مستوى أزهى) .

154 - ثم قال : (إلى حضرة علي) وهي حضرة التوحيد في التجريد القاضي بانطواء التفرقة في تمحضها، (إلى المجد الأسمى) وهو حضرة الخلافة المصروف وجه توحيدها إلى عالم الفرق.

وفي هذا المقام ترتفع المزاحمة بين الحق والخلق ؛ وترتفع المزاحمة أيضاً بين وحدة ذاته المقدسة وبين كثرة الذوات الإمكانية.

ولما كان أقصى الغايات في هذا المقام مختصاً بالأكملية التي لا غاية له ولا حصر لأسرارها المصونة في غيبها الأحمى ؛ وفيها انفراد الأكمل الوحيد بالتحقق في أحدية الجمع الكنهية، فلذلك قال قدس سره : (حيث لا ينقال ما يرى) إذ المشهودات من أسرار هذا المقام من مكنونات المطالب ومصوناتها التي لا يسعها عالم العبارة والحروف، فبعضها من قبیل یحرم کشفه، ولو آمکن التعبير عنه .

155 - (فإذا رجعت من هذا التجلي) القاضي بارتقائك إلى المقام المحمدي، على قدر انتمائك إليه بالنسبة الذاتية والمقامية، (أقمت في تجلي الآنية من حيث الحجاب) إذ بتجلي الإشارة من عين الجمع يأخذ كل شيء منتهاه فإذا عاد من كونه فيه هو لا هو، تحقق وجوده الخاص في رتبته الذاتية من حيث حجاب الصورة الإنسانية فاستقام إذ ذلك يفهم ما في كلمة الحضرة من المعاني المصروفة إلى استعداد كلي، يحيط بحق كل ذي حق، من الأولين والآخرين.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!