موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب حقائق عن التصوف

للشيخ عبد القادر عيسى الحسيني الشاذلي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


طريق الوصول إلى الله

طريق الوصول إلى الله

بعد أن بينا نبذة عن المنهج العملي الذي اقتبسه أئمة الصوفية من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم؛ كالصحبة والعلم والذكر والخلوة ..

وغيرها، وهي أعمال بدنية في شكلها ومحلها، قلبية في روحها وجوهرها لا بد من بيان الطريق الذي يختص بأحوال القلب، وصفات النفس، ويعنى بالجانب الروحي، لأن الأصل صلاح القلب وشفاؤه من أمراضه، وتحليته بصفات الكمال.

فطريق الوصول إلى الله تعالى هو تلك المقامات القلبية: كالتوبة والمحاسبة والخوف والرجاء والمراقبة ... والصفات الخلقية:

كالصدق والإخلاص والصبر ... التي يتحلى بها السالك في طريقه إلى معرفة الله تعالى معرفة ذوقية، والوصول إلى مقام الإحسان الذي لا حدّ لمراتبه.

وليس المراد بالوصول المعنى المفهوم بين ذوات الأشياء، فإن الله تعالى جلّ أن يحده مكان أو زمان، ولذا قال ابن عطاء الله السكندري:

(وصولك إلى الله وصولك إلى العلم به، وإلا فجلّ ربّنا أن يتصل به شيء، أو يتصل هو بشيء) (١).

وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: (معنى الوصول هو الرؤية

__________

(١) إيقاظ الهمم ج ٢/ص ٢٩٥.

والمشاهدة بسر القلب في الدنيا، وبعين الرأس في الآخرة، فليس معنى الوصول اتصال الذات بالذات، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) (١).

وإن السير في طريق الوصول إلى الله تعالى صفة المؤمنين الصالحين، ومن أجله جاء الأنبياء والمرسلون، وإليه يدعو العلماء والمرشدون، كي يرتقي المرء من حضيض المادية والحيوانية إلى مستوى الإنسانية والملكية، ويذوق نعيم القرب ولذة الأنس بالله تعالى.

وإن الطريق واحدة في حقيقتها، وإن تعددت المناهج العملية، وتنوعت أساليب السير والسلوك تبعا للاجتهاد وتبدل المكان والزمان، ولهذا تعددت الطرق الصوفية وهي في ذاتها وحقيقتها وجوهرها طريق واحدة.

وفي هذا المعنى قال ابن القيّم: (الناس قسمان: علية (٢) وسفلة، فالعلية: من عرف الطريق إلى ربه، وسلكها قاصدا للوصول إليه، وهذا هو الكريم على ربه، والسّفلة: من لم يعرف الطريق إلى ربه، ولم يتعرفها، فهذا هو اللئيم الذي قال الله تعالى فيه: {ومَنْ يُهِنِ الله فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: ١٨]. والطريق إلى الله في الحقيقة واحدة لا تعدد فيها ... وأما ما يقع في كلام بعض العلماء أن الطريق إلى الله متعددة متنوعة، جعلها الله كذلك لتنوع الاستعدادات واختلافها، رحمة منه وفضلا، فهو صحيح لا ينافي ما ذكرناه من وحدة الطريق.

وكشف ذلك وإيضاحه أن الطريق واحدة جامعة لكل ما يرضي الله، وما يرضيه متعدد متنوع، فجميع ما يرضيه طريق واحدة، ومراضيه

__________

(١) روض الطالبين للغزالي ص ١٥٠.

(٢) علية: فلان من علية الناس، وهو جمع رجل علي، أي شريف رفيع مثل صبي وصبية.

متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال، وكلها طرق مرضاته. فهذه الطرق جعلها الله لرحمته وحكمته كثيرة متنوعة جدا لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم، ولو جعلها نوعا واحدا مع اختلاف الأذهان والعقول وقوة الاستعدادات لم يسلكها إلا واحد بعد واحد. ولكن لما اختلفت الاستعدادات تنوعت الطرق ليسلك كل امرئ إلى ربه طريقا يقتضيها استعداده وقوته وقبوله، ومن هنا يعلم تنوع الشرائع واختلافها، مع رجوعها كلها إلى دين واحد، مع وحدة المعبود ودينه) (١).

ولقد عني رجال التصوف برسم معالم هذا الطريق، وتوضيح منازله ومقاماته، ووسائل السير فيه.

قال أبو بكر الكتاني وأبو الحسن الرملي رحمهما الله تعالى: سألنا أبا سعيد الخراز، فقلنا: أخبرنا عن أوائل الطريق إلى الله تعالى؟ فقال: (التوبة، وذكر شرائطها، ثم ينقل من مقام التوبة إلى مقام الخوف، ومن مقام الخوف إلى مقام الرجاء، ومن مقام الرجاء إلى مقام الصالحين، ومن مقام الصالحين إلى مقام المريدين، ومن مقام المريدين إلى مقام المطيعين، ومن مقام المطيعين إلى مقام المحبين، ومن مقام المحبين إلى مقام المشتاقين، ومن مقام المشتاقين إلى مقام الأولياء، ومن مقام الأولياء إلى مقام المقربين. وذكروا لكل مقام عشر شرائط، إذا عاناها وأحكمها وحلّت القلوب هذه المحلة أدمنت النظرة في النعمة، وفكرت في الأيادي والإحسان، فانفردت النفوس بالذكر، وجالت الأرواح في ملكوت عزه بخالص العلم به، واردة على حياض المعرفة، إليه

__________

(١) طريق الهجرتين لابن قيم الجوزية ص ٢٢٣ - ٢٢٥.

صادرة، ولبابه قارعة، وإليه في محبته ناظرة، أما سمعت قول الحكيم وهو يقول:

أراعي سواد الليل أنسا بذكره ... وشوقا إليه غير مستكره الصبر

ولكن سرورا دائما وتعرضا ... وقرعا لباب الرب ذي العز والفخر

فحالهم أنهم قربوا فلم يتباعدوا، ورفعت لهم منازل فلم يخفضوا، ونوّرت قلوبهم لكي ينظروا إلى ملك عدن بها ينزلون، فتاهوا بمن يعبدون، وتعززوا بمن به يكتفون، حلّوا فلم يظعنوا، واستوطنوا محلته فلم يرحلوا، فهم الأولياء وهم العاملون، وهم الأصفياء وهم المقربون، أين يذهبون عن مقام قرب هم به آمنون، وعزوا في غرف هم بها ساكنون، جزاء بما كانوا يعملون، فلمثل هذا فليعمل العاملون) (١).

ولكي يقطع المرء عقبات الطريق، ويجتاز مقاماته لا بد له من مجاهدات نفسية ومواصلة للذكر والمراقبة والمحاسبة والخلوات، فالوصول إلى الله تعالى لا ينال بالتشهي والتمني بل لا بد من إيمان وتقوى، وصدق في القصد، وإخلاص في الغاية، وعند ذلك يكرم الله السالكين إليه بالمعرفة الكاملة، والسعادة القلبية الحقة.

قال الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى: (إن طريق الوصول إلى علم القوم الإيمان والتقوى {ومَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٣]. والرزق نوعان: روحاني وجسماني، قال الله تعالى: {واِتَّقُوا الله ويُعَلِّمُكُمُ الله} [البقرة: ٢٨٢].

__________

(١) حلية الأولياء لأبي نعيم ج ١٠/ص ٢٤٨ - ٢٤٩.

أي يعلمكم ما لم تكونوا تعلمونه بالوسائط من العلوم الإلهية) (١).

ومن كلام الشيخ محي الدين يتبين أن الإنسان لا يمكن له أن يسير إلى الله تعالى إلا بإيمان صحيح وعقيدة ثابتة، وقلب يرعى حدود الله، وأعمال مقيدة بشريعة الله، وأخلاق عالية مقتبسة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فمن لم يترفّع عن الشهوات الدنيئة والرعونات النفسية لا بد إلا أن ينحرف في سيره، أو ينقطع في منتصف الطريق، فيضل ويشقى.

قال ابن القيم رحمه الله: (لو كشف للعبد الغطاء عن ألطافه تعالى وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه محبة له وشوقا إليه، ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك إخلادها إلى عالم الشهوات والتعلق بالأسباب، فصدت عن كمال نعيمها، وذلك تقدير العزيز العليم، وإلا فأي قلب يذوق حلاوة معرفة الله ومحبته ثم يركن إلى غيره، ويسكن إلى ما سواه؟! هذا ما لا يكون أبدا، ومن ذاق شيئا من ذلك، وعرف طريقا موصلة إلى الله ثم تركها، وأقبل على إرادته وراحته وشهواته ولذاته وقع في آثار المعاطب، وأودع قلبه سجون المضايق، وعذّب في حياته عذابا لم يعذّب به أحد من العالمين، فحياته عجز وغم وحزن، وموته كدر وحسرة، ومعاده أسف وندامة ... فنار الحجاب تطلع كل وقت على فؤاده، وإعراض الكون عنه - إذا أعرض عن ربه - حائل بينه وبين مراده، فهو قبر يمشي على وجه الأرض، وروحه في وحشة من جسمه، وقلبه في ملال من حياته ...

فأصبح كالبازي المنتّف ريشه ... يرى حسرات كلما طار طائر

وقد كان دهرا في الرياض منعما ... على كل ما يهوى من الصيد قادر

__________

(١) النصرة النبوية للشيخ مصطفى المدني ص ٨٤ بتصرف.

إلى أن أصابته من الدهر نكبة ... إذا هو مقصوص الجناحين حاسر) (١)

فالانقطاع عن الطريق مصيبة كبرى، وخسران مبين، وسببه موافقة السالك لشهوات نفسه وتطلعه للمقامات والكشوفات وانحرافه عن مقصده الأسمى. فالسالك الصادق المخلص لا يطلب المقامات ولا يقصد المراتب والكرامات، وإنما هي منازل يقطعها في طريقه إلى الغاية الكبرى دون انحراف أو التفات:

فلا تلتفت في السير غيرا وكلّ ما ... سوى الله غير فاتخذ ذكره حصنا

وكل مقام لا تقم فيه، إنه ... حجاب فجدّ السير واستنجد العونا

ومهما ترى كلّ المراتب تجتلى ... عليك فحل عنها، فعن مثلها حلنا

وقل ليس لي في غير ذاتك مطلب ... فلا صورة تجلى، ولا طرفة تجنى

قال ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى: (ما أرادت همة سالك أن تقف عند ما كشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة: الذي تطلب أمامك) (٢).

وكما أن لكل طريق حسي مخاطر وعوائق وقطاعا، فإن للطريق الروحي القلبي مزالق ووهادا وعقبات لا بد من الانتباه إليها، ومن هنا يظهر فضل الدليل، وضرورة المرشد الذي يمسك بيد السالك فيجنبه المخاطر، ويقيه شر المهالك. ولطالما كثر تحذير العلماء المرشدين للسائرين إلى الله تعالى من الوقوف والانقطاع، وشحذ هممهم لمواصلة السير ومتابعة الجد، وترغيبهم بنعيم الوصول وسعادة القرب.

__________

(١) طريق الهجرتين ابن القيم ص ٢٢٧ - ٢٣٠.

(٢) إيقاظ الهمم في شرح الحكم ج ١/ص ٥١.

قال ابن القيم رحمه الله: (السائر إلى ربه إذا أبصر الطريق وأعلامها، وأبصر المغاير والوهاد والطرق الناكبة عنها؛ فقد حصل له شطر السعادة والفلاح، وبقي عليه الشطر الآخر؛ وهو أن يضع عصاه على عاتقه ويشمر مسافرا في الطريق، قاطع منازلها منزلة بعد منزلة، فكلما قطع مرحلة استعد لقطع الأخرى، واستشعر القرب من المنزل، فهانت عليه مشقة السفر، وكلما سكنت نفسه من كلال السير ومواصلة الشدّ والرحيل؛ وعدها قرب التلاقي وبرد العيش عند الوصول، فيحدث لها ذلك نشاطا وفرحا وهمة فهو يقول: يا نفس أبشري فقد قرب المنزل، ودنا التلاقي فلا تنقطعي في الطريق دون الوصول فيحال بينك وبين منازل الأحبة، فإن صبرت وواصلت المسرى وصلت حميدة مسرورة جذلة وتلقتك الأحبة بأنواع التحف والكرامات، وليس بينك وبين ذلك إلا صبر ساعة، فإن الدنيا كلها كساعة من ساعات الآخرة، وعمرك درجة من درج تلك الساعة، الله الله ل تنقطعي في المفازة، فهو والله الهلاك والعطب لو كنت تعلمين.

فإن استصعبت عليه فليذكّرها ما أمامها من أحبابها، وما لديهم من الإكرام والإنعام، وما خلفها من أعدائها، وما لديهم من الإهانة والعذاب وأنواع البلاء. فإن رجعت فإلى أعدائها رجوعها، وإن تقدمت فإلى أحبابها مصيرها، وإن وقفت في طريقه أدركها أعداؤها فإنهم وراءها في الطلب. ولا بد لها من قسم من هذه الأقسام الثلاثة فلتختر أيها شاءت. وليجعل حديث الأحبة حاديها وسائقها، ونور معرفتهم وإرشادهم هاديها ودليلها، وصدق ودادهم وحبهم غذاءها وشرابها ودواءها، ولا يوحشه انفراده في طريق سفره، ولا يغترّ بكثرة المنقطعين، فألم انقطاعه وبعاده واصل إليه دونهم، وحظه من القرب

والكرامة مختص به دونهم فما معنى الاشتغال بهم والانقطاع معهم؟!.

وليعلم أن هذه الوحشة لا تدوم، بل هي من عوارض الطريق، فسوف تبدو له الخيام، وسوف يخرج عليه المتلقون يهنئونه بالسلامة والوصول إليهم، فيا قرة عينه إذ ذاك، ويا فرحته إذ يقول: {يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: ٢٦ - ٢٧] (١).

ويختلف الواصلون في وصولهم إلى الله تعالى كل على حسب مقامه وهمته:

فمنهم من وصل في سيره إلى وحدة الأفعال ذوقا وشهودا، ويفنى فعله وفعل غيره، ويتذوق معنى قوله تعالى: {وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى} [الأنفال: ١٧]. وهذه رتبة في الوصول.

ومنهم من يصل في سيره إلى وحدة الصفات ذوقا وشهودا، فيتذوق معنى قوله تعالى: {وما تَشاؤُنَ إِلّا أَنْ يَشاءَ الله} [الدهر: ٣٠]. ويتذوق معنى الحديث القدسي: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (٢). وهذه رتبة في الوصول.

ومنهم من يترقى إلى مقام الفناء في الذات، فيشهد عرضية كل شيء مقابل وجود الحق عز وجل، وتفيض عليه أنوار اليقين، ولسان حاله يقول:

وجودي أن أغيب عن الوجود ... بما يبدو عليّ من الشهود

ويتذوق قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:

__________

(١) طريق الهجرتين لابن القيم ص ٢٣٢ - ٢٣٣.

(٢) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الرقاق عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل ... (١).

والصوفية في طريقهم للوصول إلى الله تعالى قد جعلوا قدوتهم ورائدهم سيد الوجود وإمام المتقين محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنهجوا نهجه حين فرّ عليه الصلاة والسّلام إلى ربه، ولجأ إليه بعيدا عن الجو الوثني وعبادة الأصنام والأحجار وعن صخب الحياة وأوضارها.

قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِدً ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا (٤٥) وداعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسِراجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: ٤٥ - ٤٦]. فساروا وراءه متبعين له في جميع حالاته وأخلاقه وأفعاله.

وقال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١]. فساروا في طريقه الحنيف الذي سنه لهم غير منحرفين ولا ملتفتين.

وسمعوا نداء الله: {وأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ول تَتَّبِعُوا اَلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣]. وقوله تعالى: {وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]. فلم تغرّهم الدنيا بزخارفها ولم توقفهم بعلائقها.

وسمعوا هواتف الحقيقة تهتف من وراء حجب الغيب: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّم خَلَقْناكُمْ عَبَثًا وأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: ١١٥]. فأحبو لقاء من سيرجعون إليه، وجدّوا واجتهدوا في سيرهم الحثيث حتى وصلوا إلى ربهم سالمين غانمين.

__________

(١) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب المناقب عن أبي هريرة رضي الله عنه والمراد بالبطلان: الفناء أي: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) ويَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والْإِكْرامِ} [الرحمن: ٢٦ - ٢٧] كما في هداية الباري لترتيب أحاديث البخاري ج ١/ص ٩٢.

وها نحن نوضح بعض المقامات التي يمر بها السالك في سيره إلى الله تعالى، وأولها التوبة؛ فمن لا توبة له لا سير له، وهي منطلق السالك في سيره إلى ربه.

***



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!