موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب حقائق عن التصوف

للشيخ عبد القادر عيسى الحسيني الشاذلي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


علامات المحبة

علامات المحبة:

كثير من الناس من يدّعي محبة الله ورسوله، وما أسهل دعوى اللسان. فل ينبغي للإنسان أن يغترّ بخداع النفس، بل عليه أن يعلم أن للحب علامات تدل عليه، وثمارا تظهر في القلب واللسان والجوارح، فإذا أراد ألاّ يغش نفسه فليضعها في موازين الحب، وليمتحنها بعلاماته، وهي كثيرة، منها:

١ - حب لقاء الحبيب بطريق الكشف والمشاهدة في دار السّلام، فلا يتصور أن يحب القلب محبوبا إلا ويحب مشاهدته ولقاءه، وإذا علم أنه لا وصول إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت، فعليه أن يكون محبا للموت غير فارّ منه، لأن الموت مفتاح اللقاء. قال عليه الصلاة والسّلام: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه (١). ولهذا كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، يحبون الشهادة في سبيل الله، ويقولون حين يدعون للمعركة: مرحبا بلقاء الله.

٢ - أن يكون مؤثرا ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه، فيلزم الطاعة، ويجتنب الكسل واتباع الهوى، ومن أحبّ الله لا يعصيه، ولذلك قال ابن المبارك رحمه الله تعالى:

تعصي الإله وأنت تظهر حبّه ... هذا لعمري في القياس بديع

لو كان حبّك صادقا لأطعته ... إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع

__________

(١) رواه البخاري في صحيحه في كتاب الرقاق، ومسلم في صحيحه في كتاب الذكر، باب من أحب لقاء الله.

وفي هذا المعنى قيل أيضا:

وأترك ما أهوى لما قد هويته ... فأرضى بما ترضى وإن سخطت نفسي

فطاعة الله تعالى ومحبته تستلزم اتباع رسوله صلّى الله عليه وسلّم في الأقوال والأفعال والأخلاق، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١].

٣ - أن يكون مكثرا لذكر الله تعالى، لا يفتر عنه لسانه، ولا يخلو عنه جنانه، فمن أحبّ شيئا أكثر من ذكره.

خيالك في قلبي وذكرك في فمي ... ومثواك في قلبي فأين تغيّب

٤ - أن يكون أنسه بالخلوة ومناجاته لله تعالى وتلاوة كتابه، فيواظب على التهجد ويغتنم هدوء الليل وصفاء الوقت، فأقل درجات المحبة التلذذ بالخلوة بالحبيب، والتنعم بمناجاته.

٥ - أن لا يتأسف على ما يفوته مما سوى الله عز وجل، ويعظم تأسفه على فوت كل ساعة خلت عن ذكر الله وطاعته، فيكثر رجوعه عند الغفلات، بالاستعطاف والتوبة.

٦ - أن يتنعم، ويتلذذ بالطاعة، ولا يستثقلها، ويسقط عنه تعبها.

٧ - أن يكون مشفقا على جميع عباد الله رحيما بهم، شديدا على جميع أعداء الله، كما قال تعالى: {أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ}

[الفتح: ٢٩].

٨ - أن يكون في حبه خائفا متفائلا تحت الهيبة والتعظيم، وقد يظن أن الخوف ينافي الحب، وليس كذلك، بل إدراك العظمة يوجب الهيبة كما أن إدراك الجمال يوجب الحب، وللمحبين مخاوف على حسب



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!