موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب حقائق عن التصوف

للشيخ عبد القادر عيسى الحسيني الشاذلي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الأسباب المورثة للمحبة

قال عليه الصلاة والسّلام: أحبّوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبّوني بحب الله (١).

وقد بشر الرسول صلّى الله عليه وسلّم المحبين بالمعية مع محبوبهم، فقد روى أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم متى الساعة يا رسول الله؟ قال: ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله. قال: أنت مع من أحببت . قال أنس: فقلنا ونحن كذلك؟ قال: نعم . ففرحن بها فرحا شديدا (٢).

والأحاديث في المحبة كثيرة، وكلها تشير إلى عظيم فضلها، وبالغ أثرها، وحين تحقق الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم بمحبة الله ورسوله بلغوا أوج الكمال في الإيمان والأخلاق والتضحية، وأنستهم حلاوة المحبة مرارة الابتلاء وقساوة المحن، وحملهم دافع المحبة على بذل الروح والمال والوقت، وكلّ غال ونفيس في سبيل محبوبهم لعلهم يحوزون رضوانه وحبه.

والحقيقة أن الإسلام أعمال وتكاليف وأحكام، وروحه المحبة، والأعمال بل محبة أشباح لا حياة فيها.

الأسباب المورثة للمحبة:

ذكر العلماء من الأسباب المورثة للمحبة أمورا كثيرة، وأهمها عشرة:

أحدها: قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به.

__________

(١) رواه الترمذي في كتاب المناقب وقال: حسن غريب.

(٢) رواه البخاري في صحيحه في كتاب المناقب، ومسلم في صحيحه في كتاب البر عن أنس رضي الله عنه.

الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها توصل إلى درجة المحبوبية بعد المحبة.

الثالث: دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا التذكر.

الرابع: إيثار محابّه على محابّك عند غلبة الهوى، والتسنّم إلى محابّه وإن صعب المرتقى.

الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومباديها، فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبّه لا محالة.

السادس: مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة، فإنها داعية إلى محبته.

السابع: انكسار القلب بكليته بين يديه تعالى تذللا وتواضعا.

الثامن: الخلوة به وقت التجلي الإلهي لمناجاته لا سيما في الأسحار، وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب والتأدب بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم، كما ينتقي أطايب الثمر. ومن الأدب في مجالستهم ألاّ تتكلم في حضرتهم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك.

العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل (١).

فمن هذه الأسباب وغيرها وصل المحبون إلى منازل المحبة.

__________

(١) انظر كتاب مدارج السالكين ص ١١ - ١٢.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!