المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
الحكم العطائية
للشيخ أبو الفضل تاج الدين أحمد ابن عطاء الله السكندري
مع الشرح للشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري
علم أن العباد يتشوفون إلى ظهور سر العناية فقال {يختص برحمته من يشاء} وعلم أنه لو خلاهم وذلك لتركوا العمل اعتمادا على الأزل فقال {إن رحمت الله قريب من المحسنين}
عَلِمَ أَنَّ الْعِبَادَ يَتَشَوَّفُونَ إِلَى ظُهُورِ سِرِّ الْعِنَايَةِ فَقَالَ {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ خَلاَّهُمْ وَذَلِكَ لَتَرَكُوا الْعَمَلَ اعْتِمَادًا عَلَى الأَزَلِ فَقَالَ {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}
أي علم سبحانه أن العباد يتشوفون - بالفاء - أي يتطلعون إلى ظهور سر العناية التي مقتضاها الرحمة والولاية فيطلبون ذلك بالدعاء والأعمال الصالحة ويعتقدون تأثير ذلك فيه . فقال: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ } ( 105 ) البقرة زجراً لهم وقطعاً لطماعيتهم على حد قوله تعالى: { اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } ( 124 ) الأنعام فلا علة لذلك من العباد . وعلم سبحانه أن لو خلاهم أي لو تركهم وذلك أي وملاحظتهم أنها خاصة ببعض الناس وليست عامة لتركوا العمل الذي هو مقتضى العبودية اعتماداً منهم على السابق في الأزل فقال: { إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ } ( 56 ) الأعراف . فجعل الإحسان بالأعمال الصالحة علامة على العناية الأزلية وإن لم يكن علة موجبة لها عند تحقيق القضية . فقم بما أدبك الله به وإن كنت في رقدة فانتبه.