المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
الحكم العطائية
للشيخ أبو الفضل تاج الدين أحمد ابن عطاء الله السكندري
مع الشرح للشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري
الحقائق ترد فى حال التجلى مجملة ، وبعد الوعى يكون البيان {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم أن علينا بيانه}
الْحَقَائِقُ تَرِدُ فِى حَالِ التَّجَلِّى مُجْمَلَةً ، وَبَعْدَ الْوَعْىِ يَكُونُ الْبَيَانُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ أن عَلَيْنَا بَيَانَهُ}
يعني: أن العلوم اللدنية التي يقذفها الحق تعالى في أسرار الأبرار عند براءتهم من الدعوى و تحررهم من رق الأغيار لا تتوقف على تعلم و لا دراسة بل هي منح إلهية في غاية النفاسة ترد في حال التجلي من الله على قلوبهم مجملة لا تتبين لهم معانيها لعظم تجلي الرحمن . و بعد الوعي بزوال ذلك التجلي يكون البيان فيتبين لهم معناها وموافقتها لما في أيديهم من العلوم النقلية و العقلية .
فإن الحقيقة موافقة للشريعة لقولهم: حقيقة بلا شريعة باطلة بلا حقيقة عاطلة .
فالحقائق الواردة على قلوب العارفين فيها نوع شبه بالوحي المنزل على سيد العالمين و لذلك استدل بقوله تعالى: { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ } أي: أقرأناه لك على لسان جبريل: { فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } أي: فاستمع لقراءته ثم اقرأه بعد ذلك . { ثُمَّ أن عَلَيْنَا بَيَانَهُ } أي: بيان معانيه لك .
والمراد هنا: فإذا ألقينا عليك - أيها العارف - شيئاً من الحقائق اللدنية والعلوم الإلهامية فلا تعمل فكرك وراجع إلينا في تبيين المبهم وتفصيل المجمل فإن ذلك علينا . وصدق الالتجاء منك أجمل.