موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الحكمة الإلهامية

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو لإسحق الحكيم الرومي

وفيه مقدمة طويلة في الرد على الفلاسفة، خصوصًا منهم أرسطوطاليس وابن سينا، ثم في تكفير من قال بوحدة الوجود من الصوفية، أما باقي الكتاب فهو على أربعة فنون: فـ1ـي أحوال تعم الأجسام، فـ2ـي أحوال العناصر وما يتكون منها من الحيوانات والنباتات الخ، فـ3ـي حقائق الأفلاك وحقائق الكواكب وكيفياتها وخواصها، [فـ4ـي الالهيات]؛ ويبدو أنه من تأليف بعض الحكماء من موالي الروم، في عهد السلطان سليمان القانوني (926 هجري -974/1520 هجري -1566)، وقد اعتنق والده الإسلام

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[6] فصل في أحوال البروج وأجزائه

واعلم أنَّ الكواكب كلها ، سوى الكواكب السَّبعة السَّيارة ، مركوزة في فلك الثَّوابت. وسمي به لثبات أبعاد كواكبه ، وهي كثيرة ، وبعضها لا ترى لغاية صغرها . ومنها ألف واثنان وعشرون كوكباً، وأكثرها محصورة في الصور المذكورة اسماؤها في كتب علم الهيئة ، وهي ثمان واربعون صورة ، و مزاج كل واحدٍ من تلك الكواكب وخواصه مكتوبة في كتب علم النجوم . وهي التي تخيلت الفلاسفة اليونانيون من مواضعها وإبعاد بعضها مع بعض صوراً وهي ثمانٍ وأربعون صورة، وأسماؤها مذكورة في كتب علم الهيئة، وقد قسَّموا فلك الثَّوابت إلى اثني عشر قسماً ، وسموا كل قسم برجاً . فلذلك سمي بفلك البروج . وقسموا كل برج إلى ثلاثين قسماً. وسموا كل قسم درجة، وقسموا كل درجة إلى ستين قسماً ، وسموا كل قسم دقيقة . وقسموا كل دقيقة إلى ستين ثانية ، وكل ثانية إلى ستين ثالثة ، وكل ثالثة إلى ستين رابعة، وقس على هذا باقي الأقسام ... وهو بحركته يتم دورته في ستة وثلاثين ألف سنة شمسية ، وعند البعض في أربعة وعشرين ألف سنة شمسية . وقد وقعت من الصور المذكورة اثنتا عشرة صورة على منطقة فلك البروج ، وأسماؤها هي هذه : حمل، ثور، جوزاء ، سرطان، أسد ، سنبلة، ميزان ،عقرب ، قوس، جدي ،دلو، حوت. وللبروج أحوال باعتبار ما هو خارج عنها ، وأحوال باعتبار ما هو داخل فيها . أما أحواله باعتبار ما هو خارج عنها، فإنها باعتبار الفصول تنقسم إلى أربع مثلثات متواصلة البروج. فإنَّ الحمل والثَّور والجوزاء مثلثة ربيعية ، لكون الزمان ربيعاً ما دامت الشَّمس فيها . والسَّرطان والأسد والسَّنبلة مثلثة صيفية، لكون الزمان صيفياً م دامت الشَّمس فيها. والميزان والعقرب والقوس مثلثة خريفية، لكون الزمان خريفاً م دامت الشَّمس فيها. والجدي والدلو والحوت مثلثة شتوية ، لكون الزمان شتاءً ما دامت الشَّمس فيها.

وباعتبار طبائع الفصول تنقسم إلى ثلاث مربعات متفاصلة البروج ، فإنَّ الحمل والسَّرطان والميزان والجدي مربعة منقلبة لانقلاب الهواء من طبيعة الفصل المتقدم إلى طبيعة الفصل المتأخر عند انتقال الشَّمس إلى واحد منها. والثَّور والأسد والعقرب والدلو مربعة ثابتة لثبات الهواء على طبيعة الفصل ما دامت الشَّمس في واحد منها . والجوزاء والسنبلة والقوس والحوت مربعة ذات جسدين لكون الهواء على طبيعة الفصل المتقدم ؛ إذا كانت الشمس في النصف الأول من واحد منها ، وعلى طبيعة الفصل المتأخر إذا كانت الشَّمس في النصف الأخير من واحد منها .

فهذه التَّقسيمات والاعتبارات ، إنما وقعت باعتبار وقوع الشَّمس في ابتداء الربيع في رأس الحمل . وأما أحوالها باعتبار ما هو داخل فيها ، فمنها كون بعضها نارية، وبعضها هوائية، وبعضها مائية، وبعضها أرضية . أما النَّارية فهي الحمل والأسد والقوس ، وسميت هذه بالمثلثة النَّارية ؛ لأنَّ طبع كل واحد منها حار يابس كطبع النار. وأما الهوائية فهي الجوزاء والميزان والدلو، وسميت هذه بالمثلثة الهوائية ؛ لأنَّ طبع كل واحد منها حار رطب كطبع الهواء . وأما المائية فهي السرطان والعقرب والحوت ، وسميت هذه بالمثلثة المائية ؛ لأنَّ طبع كل واحد منها بارد رطب  كطبع الماء . وأم الأرضية فهي الثَّور والسنبلة والجدي ، وسميت هذه بالمثلثة الأرضية ؛ لأنَّ طبع كل واحد منها بارد يابس كطبع الأرض . فكيفية كل برج إنما تحصل من اجتماع كيفيات الكواكب الموجودة في قطعته ؛ لأنَّ طبيعة جرم الفلك واحدة ، لأنه متشابهة الأجزاء ، فلا اختلاف ولا تفاوت فيها أصلاً .

ومنها أي ومن أحوال البروج ، باعتبار ما هو داخل فيها ، اختلاف ألوانها . فإنَّ لون الحمل أحمر مائل إلى البياض ، ولون الثور أبيض ، ولون الجوزاء أبيض مائل إلى الصفرة ، ولون السَّرطان أسمر ، ولون الأسد أحمر وأبيض ، ولون السنبلة أسمر ، ولون الميزان أبيض مائل إلى الأسمر ، ولون العقرب أحمر مائل إلى الخضرة ، ولون القوس أبيض مائل إلى لون العسل، ولون الجدي أسود ، ولون الدلو مثل لون العسل مائلاً إلى السواد ، ولون الحوت مثل لون الفضة .

فلون كل برج إنما يكون باعتبار لون الكواكب الموجودة في قطعته ؛ لأنَّ لون جرم الفلك واحد لكونه متشابهة الأجزاء ، فلا اختلاف ولا تفاوت فيها في الكيف واللون ؛ فإنَّ الاختلاف في الكيف واللون وغير ذلك من الخواص والقوى إنما يكون في أجرام الكواكب. ومنها ، أي ومن أحوال البروج ، باعتبار ما هو داخل فيها ، أن يكون البروج المثلثة النَّارية والهوائية مذكرة ونهارية ، والبروج المثلثة المائية والأرضية مؤنثة وليلية . ومنها أن يكونَ السرطانُ بيتاً للقمر، والأسد بيتاً للشمس ، والجدي والدلو بيتي زحل ، والقوس والحوت بيتي المشتري ، والحمل والعقرب بيتي المريخ ، والثَّور والميزان بيتي الزهرة ، والجوزاء والسنبلة بيتي عطارد . والبرج المقابل لبيت كل كوكب كان وباله ، ومنها أن يكون شرف الشَّمس في تسع عشرة درجة من الحمل ، وشرف القمر في ثلاث درجات من الثور ، وشرف زحل في إحدى وعشرين درجة من الميزان ، وشرف المشتري في خمس عشرة درجة  من السرطان، وشرف المريخ في ثمانٍ وعشرين درجة من الجدي ، وشرف الزهرة في سبع وعشرين درجة من الحوت ، وشرف عطارد في خمس عشرة درجة من السنبلة . وبرج درجة الشرف كله شرف ، إلا أن درجة الشرف أقوى شرفاً من غيرها . والدرجة المقابلة لدرجة شرف كل كوكب كانت هبوطه ، وبرج درجة الهبوط كله هبوط . إلا أنَّ درجة الهبوط أشدُّ هبوطاً من غيرها.

ومنها أن يكونَ للكواكب السَّبعة السَّيارة وجوه في البروج ، فذلك بأن ينقسمَ كل برج إلى ثلاثة أثلاث ، ويبدأ من الحمل ، فيعطي الثلث الأول منه لصاحبه الذي هو المريخ ، فسمي ذلك الثلث وجه المريخ . وهكذ يعطي الثلث الثَّاني للذي دونه في الفلك ، وهو الشَّمس ، والثلث الثَّالث للذي دونها في الفلك ، وهو الزهرة ، والثلث الأول من الثور للذي دونها، وهو عطارد، والثَّاني للذي دونه ، وهو القمر. والثَّالث للذي فوق الكل ، وهو زحل. ثم يبد بالجوزاء والمشتري هكذا إلى آخر الحوت . فيكون الثلث الأخير من الحوت وجهاً للمريخ، فيتوالى به الوجهان : وهما الثلث الأخير من الحوت، والثلث الأول من الحمل . ويسمَّى الوجه صورة أيضاً . وباقي حظوظ الكواكب السَّبعة مذكورة في كتب علم النجوم .

فاعلم أنَّ أحوال البروج التي تكون باعتبار ما هو خارج عنها تتبدل بحركة فلك البروج، فيكون البرج المنقلب برجاً ثابتاً . والبرج الثَّابت برجاً ذا جسدين ، والبرج ذو الجسدين برجاً منقلباً . وذلك أنَّ الشَّمس إذا انتهت بحركتها إلى حذاء نقطة من مواضع منطقة البروج ، أيَّ موضع كان ، وكان اليوم في ذلك الوقت مساوياً لليلته ، ثم يأخذ إلى الازدياد ، كانت القوس من تلك النقطة إلى ثلاثين درجة على توالي البروج ، برجاً منقلباً ربيعياً . والقوس التي بعدها بمقدارها برجاً ثابتاً   ربيعياً ، والتي بعدها بمقدارها برجاً منقلباً صيفياً ، والتي بعدها بمقدارها برجاً ثابتاً صيفياً، وهكذا يكون إلى أن تتم منطقة البروج .

فاعلم أنَّ الشَّمس بعد وقوعها في ابتداء الربيع في رأس الحمل قد انتقلت في السَّنة الثَّانية في ابتداء الربيع إلى الحوت ، فيكون في زماننا هذا ابتداء الربيع حين تدخل الشَّمس في أوائل درج الحوت . فالمنجمون قد أخطؤوا فيما كتبوا من مواضع البروج ، فإنهم يقولون بأنَّ الشَّمس قد انتقلت من الحوت إلى رأس الحمل في ابتداء الربيع ، وهي في ذلك الوقت كانت في أوائل درج الحوت كما قلنا . ويقولون بأنَّ الشَّمس دخلت في ذلك الوقت في بيت المريخ، وهي في بيت المشتري . ويقولون : هي في شرفها ، وهي في شرف الزهرة . ويقولون :  في وجه المريخ ، وهي في وجه الزهرة . ويقولون : إنها بعد قطعها ثمان عشرة درجة تدخل في درجة شرفها ، وهي تدخل في أواخر درج الحوت . ويقولون : إنها بعد قطعها ثلاثين درجة تنتقل إلى الثَّور، وهي في ذلك الوقت في أوائل درج الحمل . وهكذا يخطؤون في مواضع البروج إلى آخر الحوت .

وأما أحوالها التي تكون باعتبار ما هو داخل في ذواتها ، ككونها نارية وهوائية ومائية وأرضية ، ومذكرة ومؤنثة ، وغير ذلك من قواها الذاتية ، فإنها لا تتبدل اصلاً .



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!