موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


وتجعل نفسك أقل الخلق وأفقرهم إلى الله تعالى

وأما قوله: (وتجعل نفسك أقل الخلق وأفقرهم إلى الله تعالى)  يشير بوصيته إلى التواضع، حتى تكون مثل الأرض الذلول، يطؤك البر والفاجر، وكالشمس مع علوها ونزاهتها، تطرح شعاعها على المزابل والقاذورات، وما تنزه نفسها عن ذلك، فهكذ ينبغي  أن يكون المؤمن عليه مع الخلق، ولا ينظر إلى ما هو عليه من طاعة ومعصية، وكفر وإيمان، ولا تحجبه حقارتهم عن ذلك، فإن الله تعالى ما يدري هذا العبد، بما يختم لكل واحد على التعيين، ولهذا ذكر القشيري - رحمه الله تعالى - عن بعض السادات حين ذكر المشايخ أنه قال: من ظن أنه خير من فرعون فهو متكبر.

فينظر العبد نفسه مسخرًا لجميع الخلق، فمن حيث أنه مسخر لجميع الخلق بتسخير الله، يجعل في نفسه أنه أقل الخلق قدرًا، لأن مقدار المسخر بالنظر إلى من سخر له دونه، وهو مسخر لأقل الخلق قدرًا، فهو أقل عند نفسه من ذلك الأقل، يقول الله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِياً﴾ [الزخرف: 32]، فسخر الأرفع للأدنى لما هو مسخر فيه، فاجعل بالك لهذه المسألة، فإنها نافعة جدًا في باب المعرفة، وكون العامة والرعايا مسخرة بسلطانها في مهماتها مع علو السلطنة والإمامة.

وأما قوله: (وأفقرهم إلى الله تعالى) [فإن الخلق كله فقير إلى الله تعالى ل أنه] يطرأ عليه عوارض نفسية من روائح العزة الإلهية، بقدر ما [حصله] من الصورة الإلهية التي فُطر عليها، فإن كل إنسان يجد في نفسه أوقاتًا عزة ورفعة، ولا يعرف سببها، وليس إلا كونه على الصورة الإلهية، ولا سيما وما يمشي عليه زمان؛ إلا وهو متخلق فيه باسم إلهي، وليست الرتبة الإلهية في الصورة إلا عين هذه الأسماء، فيشتغل العالم من غنائه بالله بفقره إلى الله تعالى، فهو أولى به فدله على الأولى والأوجب، فإن الله تعالى يقول: ﴿يَ أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾[فاطر: 15]، فيكون هذا العبد من أفقر الخلق إلى الله، أي: أقلهم مشاهدة لغناه بالله، وعزته بالله، فى قوله: ﴿وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون: 8]، فشرفه فى ذلك، وفقره هو عين غناه عن العالَم، فإضافته واتصافه بالفقر إذ هذا الأصل أولى به من اتصافه، وإضافته إلى الغنى بالله، فإنه الفرع والاعتماد على الأمور الذاتية الأصلية، لا على العوارض الطارئة الفرعية، فاعلم ذلك.

وأما قوله: (وتبتديء بأهل بيتك ما استطعت، وتؤثرهم على نفسك) فاعلم أن الله تعالى فيما شرع قد رتب لك وعين من تقدم، فهذا قوله: (ما استطعت) فإنه قد يجيء مواطن يقول لك الحق فيها بلسان الشرع: قدم نفسك، فما أنت مستطيع في ذلك الوقت بحكم الشرع وعليك، وإنما استطاعتك فيما أنت مخير فيه، فتقدم عند ذلك الأولى فالأولى، وتتصف عند ذلك بالإتيان، وأما إذا تساوت الحاجات في الكل، فلتقدم من قدمه الشرع، فإنه الأوجب، ثم الذي يليه حتى ينتهي إلى الآخر في الوجوب، وفي الأفضلية، فإن الإنسان بترك الواجب يكون عاصيًا، وبترك الأوجب يكون ناقص الحظ في الهمة.

وانظروا في قوله صلى الله عليه وسلم «م نهيتكم عنه فانتهوا» مطلقًا «وم أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم»، فجعل الاستطاعة في الأمر، وأمر بامتثال النهي مطلقًا، وقد نهى عن الصلاة النافلة بعد العصر، وقد أمر بتحية المسجد للداخل فيه، فإذا دخل العالِم المسجد بعد العصر فالذي يترجح عنده أنه لا يصلي، للنهي الوارد الذي أُمر باتباعه من غير تقييد، ويكون ممتثلاً لأمر الله تعالى أيضًا، فإنه قال فيه: «فاتوا منه ما استطعتم» فيقول: يا رب لم يتركني نهيك مستطيعً للصلاة عند دخول المسجد وهو الأولى، فهذ فائدة قوله: (ما استطعت وجهد طاقتك) فإن العالِم بحكم العلم فيمشي أحواله في نفسه على السداد، فإن الإنسان إذا مشى في أحوال غيره، فإنما هو ماشٍٍ في أحوال نفسه، فإن سعيه على الإطلاق إنما هو له إذ كان في الصلاح، كما هو عليه إذا كان في الإساءة، يقول الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾[فصلت: 46]، وقال: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى﴾[النجم: 39،40]، فتكون مرتبته بحيث رتبة سعيه، بحيث رتبة من سعى في حقه يميز ذلك الشرع الحق، فهو [الميزان] الموضوع في الأرض، الذي يتعامل به المستعملون له.

وأما قوله: (وتقدم مصالح شيخك على مصلحتك إن رضي منك بالسعي في ذلك) يقول النبي ﷺ «لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله، و ماله، وولده، والناس أجمعين»، وهو من جملة الناس، فلابد أن يكون الرسول أحب إليه من نفسه، مع أنه لا يحبه إلا من أجل نفسه، فلنفسه أحبه، لأن ثمرة ذلك الحب إنما يحصل لنفسه لا يعود على ذلك المحبوب منه شيء، إلا إن دفع عنه في الوقت ما يضره خاصة، فمن المصالح في ذلك أن يقوم في الذب عن عِرضه، ويسعى في دفع الضرر عنه، ويتقي ذلك كله ويتلقاه بنفسه.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!