وقضائه في خلقه

ثم زاد أيضًا: (وقضائه في خلقه) يقول حكمه فيهم، فإن القضاء يحكم.

ثم قال: (واجتهد أن تخفي جميع ذلك إخفاءً بليغًا) وأكد الشيخ في الوصية بذلك تأكيدًا، يعني ما تقدم ذكره من أحوال الشيخ يقول يكون ذلك في نفسك، لا تُعرِف به أحدًا حتى لا يتطرق الأذى منه لشيخك، فيعود الحرمان والخسران على المنكرين بذلك في حال الشيخ، والطريق رحمة، والرفق بالمحجوبين عن مثل هذا واجب على كل سالك، فإن إظهار مثل هذا في العموم من التغالي في الدين وقد قرر النهي في ذلك من الله تعالى بقوله: ﴿ يَا أَهْلَ الكِتَابِ﴾ وأنت من أهل الكتاب لأنك من أهل القرآن ﴿لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾، ثم قال: ﴿إِلاَّ الحَقَّ﴾ [النساء: 171] عند من يرى أن ذلك غير الحق وهو في العموم وعند من يراه الحق فما تغالِ فافهم ذلك.

ثم قال: (فإن حصل لك شيء مما كنت ترجوه من الله أن يأتيك به على يد شيخك، فل تراجع الشيخ فيه)  يقول لك: لا تشغل وقتك بذكر الحاصل فيفوتك خير الوقت، أي: وارد الوقت الذي هو من الشئون التي هو الله فيها في حق عباده، فإن الحاصل ل فائدة في ذكره؛ إلا أن يجلب بذكره زيادة لامتثال أمـر إلهي، مثـل قوله: ﴿وَأَمَّ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11]، ليسمع الغير فيطمع، فإن النفوس مجبولة على حب النعم، والإنعام من القادر عليه، فيؤثر ذكر ذلك في السامعين التجاءً وهمة، وطلبًا وافتقارًا إلى الله في تحصيل ذلك وأمثاله.