فتقييده في الدنيا بصورة امرأة، إنما ذلك تفيد حالة فلا تطرد ذلك، فإن الأمر على ما قلنا، وإنما يعرض الله على هؤلاء القوم مملكته لكونهم ادعوا فيه، وأنهم طالبون إياه غير ملتفتين إلى ما يكون منهم، فابتلاهم الله بكل مستحسن ليفتتن ذلك الطالب، فإذا عرض عليه ما هو محبوب له فهنا يتفاضل الناس، والجاهل منهم بالأمور لا يلتفت إلى ما جاء ولا إلى ما عرض عليه، فهو الصادق في دعواه؛ إلا أنه لا يجيء منه مربي ولا شيخ أبدًا، والحاذق النحرير صاحب الفهم عن الله، إذا ابتلاه الله  بعرض م ذكرناه عليه، يقبله أدبًا مع الله لا تعشقًا به، ويعرف نور تلك الصورة ومصدره، و بماذا يكون حجابًا، وبماذا يُصرف حجابها، ويحيط علمًا بها كل ذلك في نفس التجلي، ثم يقول بعد تحصيل ما ذكرناه من العلم بتفاضل ذلك: رتب ما طلبك لهذا، أو أنت تعرف مطلبي، فيجلى له ملكه شيئًا بعد شيء عرضًا وهو يقابل كل ذلك بما ذكرناه، ولا يقف معه بعد تحصيل العلم بذلك إلى أن يترك له شيئًا مما هو موجود، فإذا لم يقف حينئذ عرف صدق دعواه، وقُرب ووهب مشاهدة الحق، فيعلم عند ذلك أنه عين كل ما جلي له في الابتلاء، فعرفه في كل شيء، ورآه صورة كل شيء، فهذا يجيء منه شيخ حقيقة للتربية، ولو كان في زمان نبوة شريعة لكان صاحب هذا الذوق رسولاً، ولكن أُغلق هذا الباب وم بقي إلا الوارث خاصة، وهو شرع خفي لا يشعر به إلا صاحبه، وحجابه الوراثة، فلو قلت رسولاً كفرت، ولو قلت وارثًا صدقت، والعين واحدة.