موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


قاصدًا وجهه الكريم

ثم قال: (قاصدًا وجهه الكريم) إذ لا يُقصد إلا الكريم، فإنه لا يُقصد إل ليسأل منه ما هو السائل مفتقر إليه، فجاء بالاسم الكريم؛ لأن الكريم هو الذي يعطي عند السؤال، والجواد يعطي قبل السؤال، ولهذا كان وجود العالم من حضرة الجود؛ لأن السؤال من المعدوم لا يكون، والسخي المعطي قدر الحاجة من غير زيادة، والمؤثر المعطي ما هو محتاج إليه في الوقت، أو يوهم الحاجة إلى ما أعطى، والواهب المعطي لينعم، والمجازي المعطي ليشكر، فلما كان الشخص طالبًا أمره طلب أن يقصد من الحق وجهه الكريم لا غيره، على حسب ما أعطاه حاله في الوقت.

ثم أمرك أن تترجى منه م يكون لك به التشريف على أبناء جنسك، لتتميز عن مثلك بما [تشرفت] به عليه، وهن أمر ينبغي أن ننبه عليه، وذلك أن الإيمان يعطي أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك، فإذا سألت ما تشرف به على أخيك فقد أردت لنفسك ما لم ترده لأخيك، فمثل ذلك طعن في إيمانك أم لا؟. فاعلم أن الإنسان لا يخلوا إما أن يسأل عن غفلة مثل هذا، أو عن حضور، فإن كان عن غفلة فما هو طعن في إيمانه، فإنه يقول كما يقول: اغفر لي وللمسلمين فتعم، وكذلك يطلب أن يشرفه الحق بما شرف به عباده الصالحين، فكما طلب أن يشرف على غيره طلب أن يشرف عليه غيره، وإن كان عن حضور فرأس المؤمنين وهو سيدنا محمد ﷺ قد طلب منا أن نسأل الله سبحانه وتعالى في حقه أن يعطيه الوسيلة، وهي منزلة في الجنة ولا يناله إلا شخص واحد، قال عليه الصلاة والسلام: «وأرجو أن أكون أنا»، فقد سأل م يشرف به على جميع الخلق، إذ قد علم أن تلك المنزلة لا ينالها إلا واحد، فإن حضر في مثل هذا، فقد سأل ما يشرف به على غيره، فإن الله تعالى قال لنا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال تعالى: ﴿فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 31]، فهذا [مما تبعته] فيه هذا حضور أول.

والحضور الثاني: إذا كان في سؤالك مثل هذا أن الحق تعالى لسانك الذي تسأل به، فهو السائل بلسانك لا أنت، وهو في أسمائه على مراتب متماثلة ومتقاربة، ومتقابلة ومختلفة، فإذا كانت هذه الأحكام قد ظهرت بها الهوية الإلهية، فإن الإنسان أولى بذلك، أعني: لهذه المفاضلات، فأين الغفور من الغفار، من المنتقم من الخلاق، من العفو من الغفار، فالغفور والغفار مثلان، وهما مع الغافر والعفو متقاربان، وهما مع المنتقم على التقابل، وهما مع الخلاق على الخلاف، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه، فللإنسان أن يسأل فيما يختص، وفيما يَعُم، والأحوال تقتضي، فإن السائل يحب حكم الحال، والحال يحب حكم الاسم الإلهي، والاسم الإلهي بعينه القابل، والقبول يعطيه الاستعداد، والاستعداد يطلب بذاته، والمستعد يطلب به، أعني: بالاستعداد، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان الدور، ولو كان الدور لوقع التوقف، فلا يظهر الكون، وقد ظهر [ثَم] ثَم دور، وثَم دور من وجه آخر لا يحتاج إليه، فالعطاء الإلهي لا منع فيه؛ لأنه فيض ذاتي، فلا تلم إلا نفسك، ولا تحمد إلا الله، فإن المنع منك، والعطاء منه.

فلهذ أمرتك بذم نفسك وبحمد الله، فتفطن لهذه الدقيقة، فإن كثيرًا من المنتمين إلى الله سبحانه وتعالى ل يفرقون بين الحمد والذم، ويجعلهما سواء بالنظر إلى الأصل، كإبراهيم بن أدهم - رحمة الله تعالى عليه – وغيره، والأمر ليس كذلك في نفسه، فإن عطاء الحق لا منع فيه، فالنعمة منه، والمنع من القابل، فإنه ما هو علي استعداد ليقبل أمرًا م معينًا، هو محبوب له ومطلوب، فيقول الحق: لم يعطني ما سألت، وهو يكذب، وإنما الصحيح لو أنصف أن يقول: لم أكن على استعداد يقتضي في قبول ما سألته فيه، فلهذا يلوم نفسه ويحمد الله، ولا يجعل هذين الأمرين راجعان إلى غير واحدة، فيحرم الصواب.

ثم قال: (واعلم أن المشايخ إذا عبروا من عالم الدنيا لم يغيبوا عن علمائهم وأصحابهم، بل نظرهم باقٍ بحاله، إذا قصده المريد وجده عاجلاً سريعًا) يقول رحمه الله: إن المشايخ إذا ماتوا تركوا همتهم متعلقة بقلوب من [أُسند] إليهم، كما أنهم يتركون بزواياهم التي كانوا يعمرونها، أرواحًا من أذكارهم وعباداتهم  يعمرون ذلك الموضع، ولهذا يجد كل من يدخل مكان رجل كبير في الدين قد مات، يجد هذا الداخل في منزله خشوعًا ورقة، وإنابة إلى الله تعالى لا يجدها في غير ذلك المكان، ولقد كانت زاوية أبي يزيد - رحمه الله تعالى - بعد موته إذا دخله أحد، وعمل فيها ما ل يقتضيه حال أبي يزيد من المخالفة، احترق ثوبه من غير نار تكون في الموضع، وصار هذ مجربًا عندهم بـ (بسطام) وقد عاينا مثل هذا فى أماكن الصالحين، فإنهم ما ماتوا وم دُرِجوا؛ إلا وهمتهم متعلقة بمصالح الخلق، وخصوصًا بتلامذتهم وأصحابهم، وقد تقدم ذلك أن  للمريد في قلبه مثالاً من شيخه، يسمى الشيخ المتوهم، وهو الذى يلازمه ويبقى له دائمًا، انتقل الشيخ إلى الآخرة أو لم ينتقل ذلك الشيخ القائم فى خياله ل يزول ولا يموت، فلهذا قال نظرهم باقٍ.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!