قلنا

قلنا: أن نبين صورة الحق  في ذلك، وذلك أن الإنسان السالك ما يصبر على ما يناله من الأمور الشاقة في سلوكه؛ إلا وهو في حجاب بشري، فلا يكلمه الله إل من وراء حجاب البشرية، كما قال تعالى، فإن الله في نفس الأمر جميع قواه وأعضائه، فإذا صبر من اسمه تعالى الصبور، حينئذٍ يكون متحققًا بقوله تعالى: ﴿وَمَ صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ﴾ [النحل: 127]، وليس الصبر إلا حبس النفس على الحال الذي ابتلاه الله به، فمعنى قوله: (رفعت عن هذا العالم) أي: كشف الله لك عنك أنك ما أنت أنت، فإنك تقول في حال صبرك: أنا أنا، والحق من وراء هذا الحجاب يقول: لا بل أنا أنا، وأنت لا تسمع، فإذا لم تبرح من موطنك، رفع الله عنك حجاب أنانيتك بأنانيته، فشهدت ما لم تكن تشهد، فتخيلت أنك انتقلت إلى عالم آخر وما انتقلت، وإنم كشف لك عنك، فرأيت ما لم تكن تراه قبل ذلك، وإنما عبر عنه هذا الشيخ بعالم آخر؛ لأن الحق أخذ العالم محلاً له، وقد تنوع التجلي في حق هذا العبد، ورأى صورة لم يكن يراها قبل ذلك، فعبر عن ذلك بتحول في الصورة الأخرى بعالم الأخرى، مع كونه في موطن الدنيا، والحكم في الحق للصور التي يتجلى فيها، ويستلزم من النعوت والأسماء م يلزمها، فإن قلت: بانتقالك صدقت من حيث أن هذه الصفة ما هي تلك الصورة، مثل اختلاف الأحوال على الشخص الواحد، فالقائم ما هو القاعد، فإن القيام ما هو القعود، وزيد القائم ما هو زيد القاعد، فالعين واحدة من وجه، ما هى واحدة من وجه، والحق وإن كان هو المتجلي في الصورة الأولى، فهو عينه في الصورة الأُخرى، لكن الصورة ما هي هذه الصورة.