موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


كن مع الله

وقوله: (كن مع الله سبحانه وتعالى فيما يقلبك فيه) فاعلم أنه م يقلبك إلا فيما تقبله، فلو لم يكن فيك حقيقة القبول ما قلبك فيه، ومعنى قوله: مع الله سبحانه وتعالى فجاء بأداة المصاحبة لكون الأمر بينك وبينه، فمنه التأثير وهو ما نزل بك، ومنك القبول كما لا يرجع على نفسه فيما أنزله بك، كذلك لا يرجع عليك في سخطك لذلك، فأنكر بالطبع النفسي فدفعه كما هو بالذات ينزله، وهنا مذلة قدم لمن ل علم له بأسرار الحق في عباده، أي: في المتسمين عبادًا، شعر:

فما ثَم إلا الحق والعبد ليس ثَم
وقد لاح للأبصار ما جئتها به
فلا تأخذ الألفاظ زورًا فإنها
فكن رب إقدام عليها ولا تكـن

 

وما ثَم إلا العبد والحق يحتكم
فمن شاء فليرحل ومن شاء فليقم
لباس المعاني فلتقل عندها نعم
جبان فتعمى عنك فاثبت ولا تــرم

ثم قال: (فإن أشير إليك في الأخذ عنك، فتأدب واعترف بالتقصير) يقول: إذ أقامك الحق في مقام الاقتداء بك، والتأسي ليأخذ عنك الغير، فتأدب، يقول فاعرف م يقتدى به منك، فتعلم أنه ليس لك، بل ذلك لمن أعطاك إياه، واعترافك بالتقصير هو أن تقول لنفسك أنها تقصر عن ذلك، وإن كان لها القبول، فلولا الوهب الإلهي ما كان لك م تقبله، فالنعمة من الله فهذا معنى الاعتراف بالتقصير، فإن الطريق كله علم لا غير، فلا يشغلك الإقتداء بك عما خُلقت له مما نبهتك عليه، فإنه ما نصبك أسوة حتى خلع عليك خلع العصمة، والحفظ، فاشتغل أنت بما يخصك بينك وبينه وم يفعله، فالمقتفي يرقبه لا أنت، فلا تزهو بنفسك في هذا المقام؛ إلا أن تكون تزهو بربك، فإنه قد نُقل في المناجاة عن الله تعالى: بي فافتخر، بقول الله تعالى لعبده.

رُؤي عُتبة الغلام يتبختر في مشيه، فقيل له: ما هذا الزهو الذي بدا منك؟ فقال: كيف لا يحق لي ذلك، وقد أصبح لي مولى، وأصبحت له عبدًا.

فهو يقيه على عبيد أهوائهم، بخلوص عبوديتي من رق الأهواء إلى الله سبحانه وتعالى، فم زهى إلا بعد التخلص من ذلك وتحرير الملك لله سبحانه وتعالى.

ثم قال رضي الله عنه: (فإن عرض عليك ما تتناوله، فخذ من ذلك اللبن فحسب، ول تتناول ذلك إلا بأدب، هذ ما أعطاه حاله، بل ينبغي لك أن تتناول كل مشروب يعطى من جانب الحق، مما يكون غذاءً أو دواءً، وما ثم إلا هذا أو دق، وكل دواء غذاء لمن فهم) لأن الغذاء يدفع به ألم الطبيعة نفسًا وحسًا، ولو شرب ذلك على وجه الالتذاذ به فل يزول عن كونه دواء، وما جعله يقتصر على اللبن في وصيته؛ إلا حديث الإسراء النبوي، وللرؤيا النبوية وتأويله تلك بالعلم، وفي بعض الروايات: «لو شربت خمر غوت أمتك».

واعلم أن الشاربين عامة وخاصة، والتأويل في حق العوام غير التأويل في حق أهل الله سبحانه وتعالى، فإن الأحوال تختلف، فشرب الخمر في العامة في المنام رديء، وفي أهل الله علم الأحوال، والماء علم المعاني المجردة عن الألفاظ، واللبن علم العبارات، والعسل علم الإلهام، وهو ضرب من ضروب الوحي، وأما إن عُرض عليك ذلك في الحس، فإن كنت من أهل الكشف والإطلاع، فانظر من أي حضرة عرض عليك ذلك المشروب، فإن كان عُرض عليك من حضرة الحس، فقدم اللبن على مذهب القوم، ثم العسل ممزوجًا بالماء، وكذلك  اللبن امزجه بالماء، وإن مزجته بالعسل فحس، واجتنب الخمر جملة واحدة من أجل الموطن الذي منه كان الغرض، فإن الله تعالى حرم الخمر في موطن الحس، وإن عُرض عليك ذلك في الحس من حضرة الخيال، فإن أهل الكشف والاطلاع يرون في اليقظة ما يراه النائم في نومه.

واعلم أن الخمر ما حرمه الله سبحانه وتعالى في النوم، أعني: في حضرة الخيال، ول في الدار الآخرة التي هي الحيوان، فاشربها في الحس إن كانت من هذه الحضرة الخيالية، كما أمرتك أن تشربها في النوم في الرؤيا، فإنك تجد أثر علم الأحوال عند شربها، فهو علم حال تجسد لك في صورة خمر، ومهما شربت شيئًا من هذه المشروبات وطعمتها، فإن كان من حضرة الحس فقل: اللهم بارك لنا فيها، وأطعمنا خيرًا منها؛ إلا في اللبن، فقل: اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه، وإن كان من حضرة الخيال في اليقظة، فقل في كل ذلك: وزدنا منه، كما قلت في اللبن الذي هو من حضرة الحس، وهكذا كل ما يعرض عليك من الأطعمة تحقق من أي حضرة جييء إليك به، فعامله بحسب الحضرة التي جاء منها بما أنت عليه، وهذا معنى قوله رحمه الله في وصيته: أن يتناول ذلك بأدب، فإن الأدب في ذلك أن يُعمل فيه ما يستحقه، فيعطي كل ذي حق حقه من الحال التي أنت عليه، فإنك من المنتمين إلى الله سبحانه وتعالى لست من عامة الناس، فإن الحق ما يطلبك إلا من مقامك، فرب حسنة من غيرك لو جئت بها سيئة لعلو مرتبتك، وكذا قال القوم: حسنات الأبرار سيئات المقربين.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!