موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ

واعلم أن الكامل من استنابه الحق عليه، فجعله رقيبًا على نفسه؛ ليرى آثار ربه في قلبه، فيكون يقابل تلك الآثار بما يجب لها من الخِلع، فيكون الرجل الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ﴾ أي: من أجلكم ﴿ِتُحْصِنَكُم﴾ يعني بها ﴿مِّنْ بَأْسِكُمْ﴾ مما يقع بكم من الضرر ﴿فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ﴾ [الأنبياء: 80]، على ذلك حتى يزيدكم منه، ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، فإن له لباس جوع وخوف؛ لمن كفر نعمة الله من بعد ما جاءته، فقال في ضرب مثل: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَ رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ﴾ وأي: قرية أعظم من جمعية الإنسان في نفسه ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾ [النحل: 112]، فسماه لباسًا فمثل هذا اللباس إذا كان عقوبة، أي: أتى عقيب الكفر أن ينبغي للعاقل أن يرد عن نفسه ما يؤديه إلى هذا اللباس، فيخفف عن ظهره لسفره، كما أنه يلبسه أيضًا، أعني: لباس الجوع للتصفية والخوف من الله من هذا الخوف، فإنه من كلمة الله المحمودة في موطنه، فما ثَم مذموم مطلقًا أصلاً، فعليك بمعرفة الأحوال والمواطن، فهي التي تميز لك بين الأشياء، وتُوقفك على حقائق الأمور على ما هي عليه في نفسها.

ثم قال: (وإن كلمتك أحجار، أو أخشاب، أو حيوان، وغير ذلك من المخلوقات، فل تلتفت إلى شيء من ذلك أصلاً، ولا تُعلق قلبك بشيء، ولو عرض عليك الملك والملكوت، والسموات والأرض، والجنة والنار، وغير ذلك، فلا تلتفت إلى شيء، فإن جميع ذلك في بيعك) يقول: فإن انخرقت لك العادة بكلام من ليس من شأنه أن تسمع له كلامًا، كالجمادات، والنباتات، والحيوانات، أو من تسمع له كلامًا؛ إلا أنه خاطبك على التبيين بخطاب فيه تعظيم لقدرك، فأوصاك أنك لا تُعلق قلبك به - يعني بالمحل الذي خُوطبت به- فتقف عنده، بل ينبغي لك أن تقف مع الناطق منه في كل منطق، فم نهاك؛ إل عن الوقوف مع الصورة التي نطق منها فتتقيد بها، فيوقفك الحق معها، وأنت في أول الأمر قد بعت كل ممكن من الله، فلا ترجع فيما وقع فيه البيع فقد حصل القبض من المشتري، فلا يجوز لك استرداده؛ إلا أن يُنعم عليك المشتري بذلك، وله حال خاص.

فإن العاقل ينبغي أن يفرق من الله بين ما يعرضه عليك، وبين ما يعطيك، فإنه إذ أعطاك أمرك، فوجب عليك بالأدب امتثال أمر سيدك، وإذا عرض عليك خيرك، والخير أبدً إذا قيل ما خير فيه، فإنه يقبله بهوى نفسه، وما دخله الهوى فقد هوى، ولكن مع هذ انظر ما يكلمك به في تلك الصورة، فإن كلمك مما لك فيه ترقٍ وزيادة علم؛ فاسمع منه كما تسمع من الناصح، كما تسمع من هذا الشيخ الذي أوصاك ونصحك، فإن الحق نطق بلسانه عندك، وإن لم يقتض ما خاطبك به زيادة علم ولا فائدة، بل كان خطاب فتنة، فانظر فيم بشرك به، وزنه مع حالك الذي أنتج لك الخطاب المعين، فإن طلبه الحال منك، فاسمعه واقبله بحكم الوكالة لذلك لا لعينك، وخذ ذلك بشرى من الله سبحانه وتعالى، واجهد عليه فإنها من أكبر النعم، ولا سيما إن تعلق ذلك بالمال، وإن رأيت حالك لا ينتج ذلك الخطاب المعين، فاعلم أن ذلك فتنة، فاحذر من الفتنة فإنها اختبار من الحق، هل تغتر بذلك أم لا؟ وهل تنسى ما أنت عليه لو تذكره، وهذا معنى قول موسى صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ﴾ أي: ابتلاؤك واختبارك ﴿تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ﴾ أي: تحـير فيها من تشاء ﴿وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ﴾ إلى العلم بذلك حتى يتبين لك أنه الحق، ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا﴾ أي: ناصرن على ما فتنتنا به، ﴿فَاغْفِرْ لَنَا﴾[الأعراف: 155]، أي: استر من أجلنا م يجيرن من فتنتك ويضلنا.

واعلم أن أصل الاختبار الإلهي والفتنة؛ إنما هو الدعوى، فمن لا دعوى له لم يطلبه الله بإقامة دليل على صدق دعواه، أي مدع كان، لا أخصص صاحب دعوى من غيره، فاعلم ذلك حتى عن الشخص إن ادعى أنه لم يدع، اُختبر وفُتن في ذلك، فإنه ادعى تنزيه نفسه عن الأدمي كمثبت النفي، يقال له: أقم البينة والأدلة على إثباتك هذا النفي ل على النفي، فإن النافي لا يطلب الدليل على ؛ إلا إذا أثبت النفي، فإن الدليل يطلب الإثبات لا النفي، فما ثَم إلا مدعٍ، وما ثَم إلا مفتون، فإما صادق، وإما ليس بصادق، فالصادق في دعواه الله@ على الإطلاق، والمخلوق قد يصدق في دعواه وقد ل يصدق، فكل مدعٍ بالله فهو صادق الدعوى، وكل مدعٍ بنفسه ل يخلو؛ إما أن يدعي في حال ذوقه أنه على الصورة الإلهية، خُلقه الصدق في كل ما يدعيه في هذه الحالة، وإما أل يكون ذوقه ذلك، فقد يَصدُق، وقد لا يَصدُق، والفتنة لابد منها، فاطلب نصرة الله في ذلك، كما قررها موسى صلى الله عليه وسلم واقتضى هذا الاختبار مؤمن التكليف، ولول التكليف ما وقع اختبار ولا فتنة حيث كان، ولا توكيل ملك ولا ملازمة قرين شيطاني، ولكان الأمر من الله إلى عبده، ومن العبد إلى ربه، كما يكون في الجنة والنار.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!