أذهب الله

فقال هذا الشيخ: (أذهب الله)، وقال الطائفة: (ذهب الله بها عن قلبه)، فإما أن يكون هذا الشيخ قد علم ذلك، وراعى حجاب المريد التارك في صدق الترك، فإن الصادق في ذلك ما عنده خبر بهذا الوجه الذي لله في ذلك المتروك، وإما أن يكون م علم ذلك وهو الأقرب، ولاسيما، وقد قال: (أذهب الله عن قلبه ما سواه مطلقًا) من غير تخصيص عين، فقف عند هذه الإشارة، ولا تغب عن النظر في الأمور بعين م تستحقه، فتعطي لكل حق حقه، وما ثَم إلا من له حق، كما أن الله أعطاه ذلك في قوله: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ [طه: 50]، وذلك حقه.

وأما قوله: (واصطفاك وشغلك به عمن سواك) عقيب هذا الإذهاب أراد قول الله لموسى صلى الله عليه وسلم: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [طه: 41]، فذلك اختصاص تقريب إلهي في قضية عين، فأضاف نفس من وجهه إليه تعالى حيث وجهه إليه، ولذلك أمره باللين في القول، وعلق الرجاء بإجابته عند الذكرى، لمن كان فيه من الحجاب بالعزة الإلهية التي اقتضت المرتبة التي كان فيها، وهي المُلك إذ كان المُلك لله الواحد القهار، فإذا تذكر ذلك رجع إليه ولو بعد حين، وكذا كان نفعته الذكرى فتذكر عند الفرق، فخشي الفوت، فاستعجل بها مقيدة بإيمان بني إسرائيل، فانتقل من نسب القبط إلى نسب الاسرائيلين في الإيمان ليرفع الاشكال والاحتمال، ولذلك قال الله له: ﴿آلآنَ﴾ فكلمه، فصح له من موسى وراثة الكلام، إذا كان الله تعالى قد كلم موسى تكليمًا، حين قربه نجيًا، فقال الله سبحانه وتعالى لفرعون، ولم يذكر الواسطة ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ﴾ فما ذكر أنه عاصٍ في الحال، ﴿وَكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 91]، فيما مضى.