موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


م اسمك

فإذا فعل الشيخ أمرًا من الأمور بحضور الناس، ولم يبين أن ذلك خاص به، فللمريد التأسي به أن يفعل فعله إن شاء، لكن بحضوره، فإن لم ينكر عليه، فترك النكير حجة له على من يعترض عليه، ومع هذا فهو سوء أدب من المريد، إلا أن يفهم من قرائن الأحوال، أن الشيخ ما فعل ذلك إلا ليُتَأسى به فيه، فحينئذ يجب على المريد أن يبادر مبادرة لأمره لو أمره، وهذا كما يقال في المثل السائر (إياكِ أعني، فاسمعي يا جارة) وهذ مَثَل الفأل الحسن، كما قال النبي ﷺ للرجل الذي جاء من المشركين في صلح الحديبية «م اسمك؟ فقال الرجل: سهل، فقال: الأمن»، وكان كذلك فانتظم الصلح على م يُرضي الله، ولم يرض بذلك بعض الصحابة، فليس غرض المؤمن إلا فيما يرضي الله لا م يرضيه.

وأما قوله: (فإن كلام الشيخ بأمر الدنيا إخفاءً بحاله) إنما قضى بذلك، لحاله مع الله تعالى المختصة به، فإن كلامه مع الناس، في أمر الدنيا المباح له الكلام فيه منها، إنما ذلك أيضًا من حاله مع الله في ذلك الموطن الخاص، فما ظهر إلا بحاله مع الله، الذي هو فيه إخفاء حال آخر له مع الله، لو لم يكن هذا الموطن، لظهر أظهر بغيره من أحواله مع الله، فالحكم للمواطن في الأشياء، كما قال صلى الله عليه وسلم وقد رأى أبا دجانة يخطو، ويزهو بين الصفين، ويمشي الخيلاء، وبيده السيف الذي أعطاه رسول الله ﷺ وأخذه بحقه، فلما رآه رسول الله ﷺ يمشي به الخيلاء بين الصفين، قال ﷺ: «هذه مشية يبغضها الله ورسوله، إلا في هذا الموطن»، والحكم للمواطن أبدًا. وأما قوله: (وتطييب لقلب المتكلم معه) هذا يحتاج إلى ميزان، فإن رسول الله ﷺ عُوتب في مثل هذا، فلا ينبغي أن يفعل الشيخ هذا، إلا وبيده ذلك الميزان الإلهي، فإن الله تعالى أدب رسول الله ﷺ فحسن أدبه، فلا أدب إلا أدب الله، وفى مثل هذا نزلت ﴿عَبَسَ﴾ [عبس: 1]، فإنه ﷺ قصد تطييب قلوب المؤلفة قلوبهم، حتى يسلموا، فعاتبه الله على ذلك مع هذا القصد الجميل النبوي، فللشيخ أن ينظر في أحوال الجلساء، فمن كان أقرب إلى الله [ينص] الله عليه، فليقصد تطييب ذلك القريب، فليعـرض عمن دونـه سياسة، وفي مثل هذا نزلت ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾[الكهف: 28] الآية، فكان إذا جلسوا إليه ﷺ لا يقوم حتى يكون هم الذين يقومون، وإذا وضع أحدهم يده في يد رسول الله ﷺ لا يزيلها، حتى يكون ذلك الشخص هو الذي يزيل يده. ولعمر بن الخطاب رضي الله عنه  حكاية معهم، إذ كان يشير إليهم إذا أطالوا الجلوس معه، أن يقوموا من غير أن يُعلِم بذلك رسول الله ﷺ لعلمه بأنه ﷺ لا يقوم حتى يقوموا، وكان إذا لقيهم يقول: «مرحبًا بمن عاتبني الله فيهم» ، لكن هذا الشيخ نظر ما نظر من قال: اصغ إلى كلام جليسك، وإن كان ما يأتي به نذرًا، فإن لكل أحد في نفسه قدرًا، وهذه كلمة حكمة جاءت النبوة بها، فقيدت ذلك بما عرفها الله به، والوقوف مع الأدب الإلهي أولى.

ثم قال (وإذا رأيت الشيخ يفعل فعلاً لم يظهر فيه وجه [التقريب] به إلى الله تعالى، فإياك أن ترد ذلك بقلبك، فإن الشيخ لا يفعل شيئًا إلا لله، ولكن خفي عليك ذلك، فتحفظ من هذا الرد، وتضرع إلى الشيخ في إزالة هذه الخواطر الردية، وتبديلها بالخواطر المحمودة، وكذلك في كل شيء تجده من مثل هذا).

يقول: إياك والاعتراض على شيخك، لا بظاهرك ولا بباطنك، فيما تعلم أنه لا يجوز، فكيف فيما تجهل، فلنقل ما جرى لنا في ذلك، وبعد هذا أرجع إلى كلام الشيخ في هذه الوصية، وذلك أني كنت في خدمة شيخ جليل القدر، عيسوي الورث، فقال لي مسألة أعلم أن الحق في خلافها، وذلك أن عين لي شخصًا كان رسول الله ﷺ قد ذكر ذلك الشخص، فقام الشخص وادعى أنه ذلك الشخص، وادعى فيه، ولم يكن هو، فقال الشيخ: إنه هو، فقلت له: يا سيدي ما هو، هو لم يكن غير ذلك، وخرجت من عنده والشيخ متغير عليّ، فما مشيت من عنده يسيرًا إلا ولقيني رجل في الطريق مستقبلاً، فقال لي: سلم إلى الشيخ ما قاله، ولا تعترض عليه، فرجعت من حيني إلى الشيخ مستغفرًا مما جرى، وقد سلمت نفسي إليه، ليعاقبني على ما بدا منى بما يراه، ولما دخلت عليه ابتدأني، وقال لي: يا محمد من أين أقدر في كل وقت تنازعني في مسألة أن يأتيك الخضر، ويقول لك: سلم إلى الشيخ م قاله، فرميت نفسي عليه، فلم يعاقبني، فلما كان بعد ذلك بمدة، ظهر للشيخ صدقي فيم قلته في تلك المسألة، ورجع عما كان يعتقده في ذلك الشخص، فأفادني الخضر التسليم لأهل الله، فقد ينطق الشيخ بما يُلقى إليه من عند الله، وقد ينطق بما يراه في نفسه، لا بما أراه الله، ويكفي في هذا الباب الحديث الصحيح في إبار النخل، ونهى النبي ﷺ عن ذلك ورجوعه عنه، وقال: «أنتم أعلم بمصالح دنياكم»، وأيضً حديث أُسارى بدر، وهو رسول الله ﷺ ولا شك أن الشيخ ما قال لي أن الله أخبرني، فكان الأولى أن أسلم إليه مقالته ولا نعترض، وبعد [هذا] ذقت هذا المقام من نفسي، واعترض عليّ في أمر نتحقق فيه الحق، لما كنت فيه على بينة من ربي.

ومعلوم أن الشيخ في هذ الطريق، وإن كان ليس بمعصوم، أي: الدليل ما يقوم على عصمته في حركاته، وعلى غير عصمته، فإنا لا ندري في نفس الأمر ما هو عند الله، هل هو ممن عصمه الله أم لا؟ وقد ذكرت لك أن أهل الله المخبرين عن الله قد يصدر عنهم مما هو مخالف، لما تقرر في المذاهب، لحديث ورد من طريق صحيحة بالنظر إلى أهل هذا الشأن، ويكون الشيخ قد أعلم في أخباره، أن ذلك الدليل ليس بشيء، وأن النبي ﷺ ما ذكره ول نطق به، فقد [أنبأني] ذلك الحكم عند الفقهاء على دليل واهٍ ساقط، تبين سقوطه عند هذا الشيخ من طريقه المعتادة فيما يخبر به، فربما بل يقطع على الأجانب أنهم يقولون بتخطئة هذا المخالف، ومخالفته أمر الله تعالى، وأنه في هذه المسألة على غير الشرع وهو في نفس الأمر على الشرع المطهر، وأن العلم عنده وعند الفقهاء غلبة ظن لا علم بذلك، فإن الشيخ ما يدعو إلى الله إلا على بصيرة، لاتباعه الصحيح أوامر الشرع ابتداءً، حتى كان من أهل الاختصاص، وقد شهد الرسول لمثل هذ بذلك وأخبرنا الله به فقال:إنما ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ [يوسف: 108]، فقال: إنه بالاتباع يكون الإنسان على بصيرة من أمره.

ولا ينبغي لشخص أن يخدم شيخًا على الشك فيما يدعو إليه، ولا يخدمه على انه معصوم أيضًا، ولا ينبغي له أن يقتدي بأفعال الشيخ في نفسه، إلا أن يأمره الشيخ بذلك، ول يقتدي بما يراه قد أمر به غيره، وربما ذلك الأمر لا يصلح هذا الشخص، فلهذا سكت عنه، فإن الشيخ غير متهم في نصح العامة، فكيف في نصح مريد التربية، وإياك أن يخطر لك في باطنك اعتراض بوجه، ولو رأيته يفعل ما يفعل، ورأى تلميذ شيخه قد جاء إليه شخص بكأس فيه خمر، فناوله إياه، فشرب منه، والتلميذ يتحقق أنه خمر معاينة، فشرب الشيخ بعضه، ثم ناوله التلميذ، فلما شربه التلميذ رأى شرابًا أحلى من العسل، فقال التلميذ: التوبة التوبة مما خطر لي، فتبسم الشيخ، وقد عاينا بأنفسنا من هذا كثيرًا، ولقد جئت لماء ملح لا يشرب جملة واحدة، فسقاني بيده منه شخص كنت أصحبه، ثلاث غرفات وأكثر، حتى رويت، وكنت أنا إذا تناولت منه بيدي لا أقدر على تجرعه لمرارته، والماء هو الماء عينه.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!