موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

من مراسلات الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


-سلام على الشيخ الولى المبارك اللازم للطاعة القائم بالسنة والجماعة كرمه اللّه بعبودية الاختصاص ومنحه مفاتيح الصدق والاخلاص كتابى للمولى كتاب عبد مفتون بنفسه محجوب بحسه مستمرة غفلاته كثيرة هفواته مطبقة ركعته قلبه شهواته انف فى السماء واست فى الماء دعواه دعوى العارفين وافعاله افعال الشياطين عبد ما ارتفع من مهاده ولا نظر فى غير سواده دلاه الشيطان بغروره وخدعه باباطيل زوره ونصب له حبالة امانيه واعماه برؤية اسافله عن ملاحظة اعاليه عين جامدة وارض هامدة وقلب قاس وعبد عاص آه كيف الخلاص من كدر الانتقاص الى صفوة الاجتباء والاختصاص العبد مبعود بذنبه مطرود عن باب ربه انظر اليه بعين العناية وارسمه فى ديوان الولاية وانشر عليه رداء الهداية البصر حديد النظر فى غير العبر واليد باطشة من غير ارتباط والقدم ساعية فى محال الاختلاط والاذن واعية لسيىء الكلام لا حسنه واللسان ناطق بزور القول وفتنه والقلب بالوساوس معمور وبحجاب الدعاوى مستور قد سدت دونه ابواب التحقيق وسلك برعيته على غير طريق فهو تائه فى قفر لا انيس به ولا يستيقظ لذلك ولا ينتبه بل يخبط فى عشوة ظلماء حيث لا ظل ولا ماء.

فبينا هو يسحب اذ يال عجبه ويتردد فى ظلم حجبه اذ صرخ به الشيطان بآية ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فافتتن بهذا الخطاب وسكر به وطاب وتخيل انه على المنظر البهيج وقد لعبت به رياح  الهوج فكان عند هواه يسير على غير هداه حتى اشرف على شف جرف هار وعاين اقبال الليل وادبار النهار نادى بالدليل فرجع ورآه وقال منه بالبراءة فتحقق عند ذلك انه اللعين ابليس صاحب الخيال والتلبيس فرجع الى مولاه بالاقالة فاذا النبأ الصادق قد قاله (فَدَلاّٰهُمٰا بِغُرُورٍ فَلَمّٰا ذٰاقَ اَلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمٰا سَوْآتُهُمٰا) الآيات وقامت له الشواهد والدلالات فناداه بلمته الملك يا من ابق عن سيده وهلك، كم لى انادى غير سميع هلا نويت اليه سبحانه الرجوع قلت واياه اريد قال خدعك المريد فقلت يا ايها الملك الكريم ورسول العزيز الحكيم كن امامى واسع بالنور امامى، وارفع لى منار الهدى، وجنبنى سبيل الرداء اكنفنى من طائشات سهام العدا وجد بى السير واسترنى عن الغير حتى يتصل حبلى بحبل الرحمن وينتظم الشمل بالامان وطهرنى من اوضار الماثم ونزهنى من ارتكاب الجرائم وحلنى بالصفات الكرام واهدنى طريق التفويض والاستسلام، فانى استحيى من محمد عليه السلام حيث لم انهج مناهجه ولا عرجت معارجه وعصيت امره ونبذت زجره وخالفت من والاه وحالفت من عاداه فسلك غير بعيد باسمه المجيد وقال الق السمع وانت شهيد فسمعت ترجيع الالحان بتلاوة القرآن فقلت من هؤلاء الكرم قال اهل قيام الليل والناس نيام يا نائم هكذا فليكن الاحترام.

 ثم استنشقت رائحة الطيب فقال هذا خلوف افواه الصائمين لمناجاة الحبيب بابطال هكذا فليكن الاحتشام والاهتمام ولم يزل يسيرنى على مقامات المعاملات ويخترق بى سموات المناجاة حتى اوقفنى بحضرة الانوار وقال هذا محل المستغفرين بالاسحار فتذكرت حال مولانا الزكى فى ذلك المقام الكريم فى دعائه لكل ولى وحميم فخاطبنى له الملك بمن تعلق الخاطر ايها الغادر فقلت بحالة من سمتنى همته وعظمت لدى قيمته فهمت له عزاما وذبت وجدا وسقاما فهذا المقام هجيرها وانيسها وسميرها فقال لى اقرع الباب وانظر هل رسم فى ام الكتاب فقرعت باب الاستغفار فتجلى من وراء الاستار فصافحنى مصافحة حبيب وقال لى يا ايها الغريب العذيب لقد اطلت مغيبك حتى شوقت الى حميمك وقريبك ذاتى بذاتك منوطة وهمتى بنجاتك مربوطة ادخل فى حزب الرحمن دخول متيم هيمان فرأيته ضجيعا لهمة ما رضيت بالدون وما برحت عن التعلق بنجاة المغبون وقد اتخذت الشريعة جلبابا والخلق الالهية اسبابا ودارت اكؤس راح الاشتياق لا الاشواق.

و ليعلم السيد ابقاه اللّه لما رمانى بسهمه البين وقد تفطر الكبد وهمت العين لم ازل اقطع المناهل بتذكاركم واعمر المنازل بجميل آثاركم حتى وصلنا قصر كتامه والفينا بها الشيخ العلامة درة الفاخرة المواجد الموسوم فى ابناء الآخرة فدعا لكم بما يسر الواد ويسىء المعاد ثم رجعنا  نحو الجزيرة الخضراء والمدينة الغراء فلقينا بها الشيخ العارف الصوفى الواقف الطريف الظريف ابا اسحاق بن طريف فذكرتم عنده باطيب الذكر وحبيتم منه باسنى الدعاء واوفى الاجر ثم سرنا الى رندة فنزلن بمحل الصوفى لمحقق الربانى المتخلق ابو الحسن الخونى  فشكرتم عنده فوعى وحمد مساعيكم ودعا.

ثم شددنا الرحال وأخذنا فى الترحال الى اشبيلية لوارث الامام الاوحدى ابى عبد اللّه المحاسبى الشيخ القار ندنبه   و الذاب خواطر السوء بعلمه وحسن يقينه ابو عمران موسى بن عمران الماويلى والفقيه العابد التقى الزاهد ابى عبد اللّه بن عسوم خليفة الامام ابى عبد اللّه المنسوب الى قسطلة  ٣ فما منهم الا من كان له الى ذكركم ابتهاج، ودعاء كريم فى نهار مشرق وليل داج، ورد علينا بها من قدس اللّه صفاته وكرم بالمشاهدة ذاته محبكم وشاكركم ووليكم وذاكركم الحاج السنى الاخلاق ابو محمد عبد اللّه المورارى خديم عبد الرزاق وهو قائل بحميد صحبتكم معترف بحسن عشرتكم داع لكم بانتظام السعادتين فى الحياتين وقد اعملنا الركاب بعون العزيز الوهاب الى. . . المكرمة ذات المشاهد المعظمة فلقيت بها الشاب الصالح المبادر الى جميع المصالح الفقير السنى المتشرع الحنيفى ابا عبد اللّه الاسطنى فاودعته من محاسنكم ما يحب ثم رحلنا الى غرناطة الى سيدها وعابدها ومجتهدها وزاهدها ابى محمد عبد اللّه السكار الداعى فدعا لكم بما يسر اللّه على فؤاده ان يجعلكم من خير من اصطفاه من عباده ثم امتطينا الاقدام للاوحدى الامام ابى احمد بن سيدبون  فلقيته بمرسية وقداد به الحق وهجره الخلق مكسوف البدر خامل القدر، لا ينظر اليه ولا يعول عليه قد هجره حبيبه ومقته قريبه تصفية ان شاء اللّه وتطهيرا ليحقق بكون اللّه عليما خبيرا، وذلك لامور طرأت لا يمكن ذكرها الا مشافهة ولا يتحدث به الا مواجهة لكن الشيخ وفقه اللّه اغراضه حميدة ومساعيه فى نفسه منججة سعيدة، غير أنه اعطى ملكا غاب عنه تدبيره فاول من ثار عليه وزيره وحرم سياسته فلم يحكم رياسته يبدو لك الصدق على وجهه والمقصد الحسن على عرضه، فان امضاه فى عالم الشهادة عاد قبيحا وصار فاسدا بعد ما كان صحيحا فدعا لكم والشيخ ابى عمران المعلم وثبته   بكل صفة فاضلة فيه فرحلت من عنده وقد بكى لفراقى متفجعا وخرج معى الى بعض الطريق مشيعا وهنا انتهى ما لقيت ولا ازور احدا بعدها ما بقيت، والسلام.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!