موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب المعرفة الأولى،

انظر أيضاً كتاب المسائل

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

يرجى الملاحظة أن هناك نسخ كثيرة من هذا الكتاب وقد جمعت في مراحل مختلفة، فيما أن الأصل قد كتبه الشيخ الأكبر في المرحلة الأندلسية قبل كتابة الفتوحات المكية، ثم وضع بعض هذه المسائل في بداية الفتوحات ثم هناك نسخ لاحقة فيها مسائل جمعت من كتبه الأخرى

مسألة النعم والمصائب

 

 

263 - مسألة النعم والمصائب


اعلم أن النعم تنقسم إلى مطلقة من كل وجه ، وإلى مقيدة من وجه .أما النعم المطلقة فكالإيمان ، وحسن الخلق ، وما يعين عليهما مما يفضي إلى السعادة في الآخرة بالقرب من جوار الله تعالى .وأمّا النعم المقيدة فكالمال ، وصحة البدن وغيرهما بما فيه صلاح الدين من وجه ، وفساده من وجه .وكذلك المصائب تنقسم إلى مطلقة من وجه ، وإلى مقيدة من وجه دون وجه .أما المصائب المطلقة : فالكفر ، والمعصية ، وسوء الخلق المفضية إلى الشقاوة في الآخرة بالعبد عن جوار الله تعالى : إما مدة ، وإما أبداً .وأما المصائب المقيدة من وجه دون وجه . فالكفقر والمرض ، وسائر أنواع المصائب . فأما النعم المطلقة فإنه يجري فيها حكم الصبر والشكر معاً ، أو الصبر على الطاعة هو عين شكر الطاعة .وأما المصائب المطلقة فالصبر عنها أيضاً هو عين شكر النعمة التي امتنع من استعمالها في المعصية . فقد ظهر جريان حكم الصبر والشكر في فعل النعم المطلقة ، وفي الصبر عن المصائب المطلقة .أما الصبر على المصائب المطلقة فلا معنى له بل حق تركها . بل كل مؤلم يمكن إزالته ومات بسببه مات عاصياً . وإنما يؤمر بالصبر على ما لم يمكن إزالته ، وقد صح أن الله تعالى لم يخلق شيئاً إلا وفيه حكمة ونعمة . إما على جميع الخلق ، وإما على بعضهم . فإذا في كل معصية نعمة . إما على المبتلى وإما على غيره . فإذا كل حالة لا توصف أنها بلاء مطلق ، ولا نعمة مطلقة يجتمع فيها الصبر والشكر معاً .فإن قيل هما المتضادان فكيف يجتمعان إذ لا صبر إلا على مغم ، ولا شكر إلا على مفرح .فاعلم أن الشيء قد يغتم به من وجه ، ويفرح به من وجه آخر ، فيكون الصبر من حيث الاغتمام ، ويكون الشكر من حيث الفرح . ومن آمن بأن أجر المصيبة خير من المصيبة ، تصور منه الشكر على المصيبة .واعلم أن النعمة أفضل من البلاء . ولذلك قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :( سلوا الله العافية . فما أعطي عبد أفضل من العافية إلا اليقين ) .أشار به إلى عافية القلب من مرض الجهل والشك . وقد كان يستعيذ بالله من شر الدنيا والآخرة . ولأن البلاء إنما صار نعمة بالإضافة إلى ما هو أكبر منه ، إما في الدنيا ، وإما في الآخرة ، وبالإضافة إلى ما يرجى بالصبر عليه من الثواب .وأما بيان أن الصبر أفضل أو الشكر ؟ فقد وقع فيه خلاف بعيد التحصيل ، والذي يوضح حقيقة هذه المسألة هو أن تعلم أن الصبر ، والشكر اسمان لمسمى واحد ، باعتبارين مختلفين فثبات باعث الدين في مقابلة باعث الهوى ، يسمى صبراً ، بالإضافة إلى باعث الهوى . ويسمى شكراً بالإضافة إلى باعث الدين . وباعث الدين إنما خلق لهذه الحكمة فهما عبارتان عن معنى واحد فكيف يفضل الشيء على نفسه ؟واعلم أن مجاري الصبر ثلاثة : الطاعة ، والمعصية ، والمصيبة .فقد ظهر حكم الصبر ، والشكر في الطاعة والمعصية . وأما المصيبة فعبارة عن فقد نعمة . وهي إما نعمة ضرورية كالعين مثلاً . وإما نعمة احتياجية كالزائد على قدر الضرورة من المال . أما العينان فصبر فاقدهما إنما هو بأن لا يظهر الشكوى وأن يظهر الرضى بقضاء الله تعالى وشكره . وأحدهما إنما بأن يستعملهما في طاعة الله تعالى ، وأن لا يستعين بهما على معصية . وكل منها لا يخلو من الصبر والشكر . وأما الزيادة على قدر الضرورة من المال . ففقد الزيادة على قدر الضرورة مما هو محتاج إليه مغم مؤلم . ففي العبد عليه مجاهدة ، وهو جهاد الفقر ، ووجود الزيادة نعمة . وشكرها أن تصرف في الطاعة ، وأن لا تستعمل في المعصية . فإن أضيف صبر الفاقد ، إلى شكر الواجد الذي صرف الزيادة في الخيرات ، فهذا الشكر أفضل من هذا الصبر ، لأن فيه فرح بأنعم الله ، وفيه صبر على احتمال ألم صرفه للفقراء ، وترك صرفه إلى التنعم المباح .وأما إذا كان شكره لا يستعين به على معصية ، بل يصرفه إلى التنعم المباح ، فالصبر هناك أفضل من الشكر . فالفقير الصابر أفضل من الغني الصارف ماله إلى المباحات ، لا من الصارف ماله إلى الخيرات . فرب غني شاكر ، أفضل من فقير صابر ، وهو الذي لا يمسك لنفسه مالاً إلا قدر الحاجة ، ويصرف الباقي في الخيرات . أو يمسكه على أنه خازن للمحتاجين . فمتى وجد محتاجاً صرف إليه قدر حاجته ابتغاء مرضاة الله في نفع عباده . فهذا هو الغني الشاكر ، الذي هو أفضل من الفقير الصابر .^



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!