موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب المبادئ والغايات فيما تحوي عليه حروف المعجم من المعاني والآيات

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو للشيخ فخر الدين عبد اللّه أبى الحسن على بن أحمد ابن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن محمد التجيبى الحرّالى

معنى لفظ «حرف»

 

 


[الحرف] منِ الشيءِ طرفه وحَدُّهُ الذي ينقطعُ عنده، [فالحرفُ منِ اسمِ الحرفِ]، هو ما يوجدُ ساكناً منه، وهو أوّلُ ما يظهرُ في النطقِ باسمِه إلّا ما كنى عنه لعلوِّه أو فَوْتهِ نحو ما يأخذه منِ كلمةِ «باء» التي هي اسمُ الحرفِ، الذي إذا أريد النطقُ به أُخِذَ ساكناً، واخْتَلبَ الناَّطقُ للتوصلِ إليه حرفَ الهمزةِ متحركًا، فيقولُ: «إب»، وهو الذي يُنظمُ في الكَّلمِ مع غيره، مثالُه أنَّ هذه الحروفَ الثلاثةَ مثلًا إذا عبَّرْتَ عنها بأسمائها قلتَ: «باء شين راء،» وهي كلماتٌ وأسماءٌ تنتظمُ جملةَ حروفٍ، ولحروفهِا أسماءٌ هي أسبق منها رتبةً، وكذلك أسماءُ حروفِ تلك الأسماءِ إلى حيثُ تنتهي، فإذا أثبت منها كلمةً اقتصر منها على ما يوجد ساكناً منها، وهو مبدؤها، فأخذ منِ الباءِ «إب» وخفيت ألفُها وهمزتُها اللذان هما تتمَّةُ اسمِ هذا الحرفِ، وذلك الساكنُ طرفُ ذلك الاسمِ وحرفهِ، وأخذ منِ الشينِ «إش» كذلك وخفيت ياؤه ونونُه، وأخذ منِ الراءِ كذلك «إر» وخفيت ألفُها وهمزتُها، فقيل «بَشَر»، فكانت هذه حروفًا؛ أي حدودًا وأطرافًا منِ أسمائها، وأسماءِ ما تتضمَّنه أسماؤها إلى وفاءِ ما تتحلَّلُ إليه، فـ«إبّ» منِ «بشر» طرفُ الاسمِ الذي هو باءٌ، وأحرفُ ذلك الاسم، واسمُه ألفٌ، فقد خَفِيَ في بَاءِ بشر حروفُ ألفٍ، وهي الهمزةُ واللامُ، والفاءُ خَفِيَ فيما خَفَى فيها حروفُ الهمزةِ مثلاً، وأسماؤها وهي الهاءُ والميمُ والزايُ، وهكذا إلى أقصى وفاءِ ما ينتهى إليه تفسيرُ الحرفِ باسمِه، وتفسيرُ تفسيرِه بالغًا ما بلغ، فوضح [بهذا أنَّ المذكورَ في الكَّلمِ منِ أسماءِ الحروفِ إنّما هو حدودٌ منها وأطرافٌ منِ أسمائها كما] تحيطُ الحدودُ بالأشياءِ والأماكنِ على ما تتضمّنه تلك الحدودُ [منِ معانيها وحقائقها وحدودِها.

واعلم أنّ فرقَ ما بين أحدِ الحروفِ في الكلمةِ، وذكر اسمِ الحرفِ كلمةً، أنَّ ذكرَ اسمِ الحرفِ كلمةٌ تفيدُ وفاءَ مدلولِ اسمِه ونهايةَ حدِّه وكمالَ حقيقتهِ، فإذا قلت: «لم» مثلاً، فقد ذكرت وفاءَ معنى الوصلةِ الذي لاَ لمحَ وصلةٍ إلا وقد انتظمته دلالةُ اسمِه، وإذا أخذ حرف في كلمةٍ نحو موقعِه مثلًا في «لحم»، فإنه يفيدُ وصلةَ ما هو وصلةٌ بين العظمِ والجلدِ الذي يلحمُ ما بينهما كما تلحمُ اللحمةُ سُدى الثوبِ، وليس ذلك كليّةُ الوصلةِ، فأسماءُ الحروفِ بما فيها منِ الحروفِ بمنزلةِ الأمرِ الجامعِ الذي يتفصَّلُ إلى أنهى ما ينتهى عددُ تفصيلهِ، وبمنزلةِ آدمَ -عليه السلامُ- مثلًا لذريِّتهِ، فلذلك وجب أن لا تُذْكَرُ أسماءُ الحروفِ في كتابٍ خاصٍّ، ولا يُخاطَبُ بها إلا نبيٌّ خاصُّ النبوُّةِ، وأنْ يختصَّ ذكرُها بالكتابِ الجامعِ المحيطِ بكلِّ كتابٍ، وأن يُخَاطَبَ بها النبّيُّ الجامعُ المحيطةُ نبوُّتُه بكلِّ نبوةٍ، ولذلك لا يُكَاشفُ إلَّا الخواصُّ منِ أمَّتهِ، فهذا موقعُ معنى الحرفِ ومعنى اسمِه، وتبيَّن بهذا أنَّ الكَلمَ والأسماءَ تفصيلُ ما تضمَّنته أسماءُ الحروفِ، وتحقيقُ أنَّها جامعةٌ لمعاني الكَلمِ.

* * *


hXPh3Gy1sKg

 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!