موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب المبادئ والغايات فيما تحوي عليه حروف المعجم من المعاني والآيات

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو للشيخ فخر الدين عبد اللّه أبى الحسن على بن أحمد ابن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن محمد التجيبى الحرّالى

رتبة «الميم»

 

 


ولمَّا كان تمامُ ما هو الظاهرُ في الآحادِ وثباتُهُ الدالَ، وكان الميمُ تمامَ ظاهرِ الوجودِ ونهايةَ الكونِ لمَّا لم يكن فيما بعده منِ رتبِ المئين قوامٌ منِ الألفِ كالياءِ، فلا طموحَ بسِرٍّ ولا حركةٍ، ولا حياةَ منِ سوى الحروفِ العُلى الثلاث، فلم يكن بعد الميمِ تمامٌ، ولا بعد اللامِ جامعُ وصلةٍ، فكان «الم» كمالَ الوجودِ كله قوامًا وعيناً وإرسالًا، وكان محاولةُ كلِّ أمرٍ بمقدارِ رتبةِ الميمِ الذي هو أربعون فاتحًا لغلقِه، ومنه قولُه -عليه السلامُ-: «مَن أخلص لله أربعين صباحًا ظهرت ينابيعُ الحكمةِ منِ قلبهِ على لسانهِ»، ومنه قولُه تعالى: ﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ﴾ [البقرة: 51]، ومنه لمَّا سُئل -عليه السلامُ- كم بين النفختين، قال: أربعون؛ لأنَّها كمالُ أمرٍ مفصَّلٍ يكون قوامُه بالياءِ، فيجب أن يكونَ أربعين، ومنه الأربعون المؤثرةُ التي تطوَّر فيها أطوارُ خَلقِ الإنسانِ، والأربعون التي يتمُّ فيها أشدَّه حتى الأربعين المنتظرةِ التي هي مُدَّةُ خلافةِ المهدي الظاهرِ في عصرِ قومِ محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، [فإنَّ الخلافةَ بعده أربعون، ولذلك قيَّد صلّى الله عليه وسلّم] الخلافةَ الأولى فيما يؤثرُ عنه منِ قولهِ: «الخلافةُ بعدي ثلاثون سنة، ثم تعودُ مُلْكًا عَضُودًا»، وهذه الثلاثون والأربعون هي عددُ «الم» الذي هو أوَّلُ أكلٍ أُطْعِمَتْهُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم على ما نطقَ به حيي بن أخطب وأخوه بين يدَي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فلَم يَرُد ذلك عليهما، فإنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قد أوتي يومه ختم كلِّ ما أوتيته أمَّةٌ منِ الأممِ مما بين المثلين آدمَ وعيسى -عليهما السلامُ-، فأوتي في ذاتهِ صلّى الله عليه وسلّم، [وفي آلهِ ما] أوتي مما لا [يحيطُ به] إلا الله، فأوتي في أمَّتهِ مما أوتيته الأممُ منِ الخلافةِ له بدءٌ، وللمهدي منه ختم إحدى وسبعين سنةً، وهو أوَّلُ أكلِ أمَّتهِ، ثم أوتي منِ المُلكِ في أمَّتهِ ما يكافئُ [في يومهِ بسَنةَ] مُلْكِ الملوكِ فيما قبل يومهِ، وهو أكلٌ بان لأمَّتهِ ظَهَرَ فيه أمرُ الملكِ وبَطُنَ أمرُ الخلافةِ، ثُمَّ لذلك يكون في كُليَّةِ مَن دعاه منِ أنواعِ ما أُطعِمَته الأممُ ما يكافئ أكلَهم في كلِّ شيءٍ حتى يستوفي صلّى الله عليه وسلّم في أكلِ أمَّتهِ أعدادَ حروفِ القرآنِ جمعًا وتفصيلًا في رتبٍ شَتَّى، فقد قال -عليه الصلاةُ والسلامُ-: «الناسُ كلُّهم تبعٌ لقريش مؤمنهُم لمؤمنهِم، وكافرُهم لكافرِهم»، وحتى يكونَ في يومهِ منِ الكفرِ أو الشركِ مما يكافئُ ما تقدَّم عَلى ما يشيرُ إليه قولُه -عليه السلامُ-: «لا تقومُ الساعةُ حتى تُعُبَدَ اللات والعزى»، [«ولا تقومُ الساعةُ حتى تضطربَ ألياتُ نسِاءِ دوس على ذي الخلصة]»، ففي يومهِ صلّى الله عليه وسلّم كمالُ كليَّةِ أمرِ الله وختمِه.

* * *


hXPh3Gy1sKg

 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!