موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(103) المكتوب الثالث والمائة إلى السيد فريد في بيان معنى العافية وطلب القاضي لبلد سرهند

 

 


ابتلوا بهذا البلاء وتنبيههم على عدم صدق هذه الحيلة وعدم جوازها، وكيف ينبغي للإنسان اختيار هذا القسم من الابتلاء بارتكاب محظور.

فإنّ أسباب المعاش كثيرة ليست بمحصورة على شيء واحد. وحيث انّكم من أهل الصّلاح والتّقوى أرسلنا لكم رواية الطّيّب في الأكل. وكتبتم أنّ الخالي عن الشّبهة لا يوجد في هذا الزّمان، فهذا الكلام صحيح ولكن ينبغي الإحتراز من الشّبهة مهما أمكن، وقد قيل إنّ الزّراعة بلا طهارة منافية للطّيب، والإجتناب عن ذلك غير ممكن في بلاد الهند “ لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها ” ولكنّ ترك أكل طعام الرّبا في غاية السّهولة، واعتقاد الحلال حلالا والحرام حراما إنّما هو في الحلال والحرام القطعيّين اللّذين يكفّر جاحدهما، وفي الظّنيّات ليس كذلك. وكم من أمور مباحة عند الحنفيّة غير مباحة عند الشّافعيّة وبالعكس. ففيما نحن فيه إذا توقّف شخص في حلّيّة القرض بالفيض لمن يشكّ في احتياجه لكونه مخالفا في الظّاهر حكم النّصّ القطعيّ لا ينبغي تضليله وتكليفه باعتقاد حلّيّته، بل الرّاجح أنّ الصّواب في جانبه، بل هذا متيقّن ومخالفه في خطر.

(ونقل) بعض أصحابكم أنّ مولانا عبد الفتّاح قال يوما في حضوركم: لو وجد قرض بلا فيض فهو حسن فلماذا يستقرض الإنسان بالفيض فزجرتموه قائلا لا تنكر الحلال.

(أيّها المخدوم)، إنّ امثال هذه الكلمات لها مساغ ومجال في الحلال القطعيّ، وأمّا إن كان مشكوكا في حلّيّته فلا شكّ أنّ تركه أولى.

وأهل الورع لا يأمرون بالرّخصة بل يدلّون على العزيمة، وقد أفتى علماء لاهور بالحلّيّة بعلّة الإحتياج وذيل الإحتياج واسع بحيث لو مدّ لا يبقى ربا أصلا، ويكون الحكم القطعيّ بحرمة الرّبا عبثا كما سبق آنفا، وكان ينبغي لهم ملاحظة أنّ إطعام الغير أيّ قسم هو من احتياج المستقرض بالفيض، ورواية القنية مجوّزة للاستقراض بالفيض بعد اللّتيّا، والّتي في حقّ المحتاج نفسه فقط لا في حقّ الغير.

فإن قيل: يجوز أن يطبخ المحتاج هذا الطّعام للإطعام بنيّة كفّارة اليمين أو الظّهار أو غيرهما ولا شكّ أنّه محتاج إلى أداء هذه الكفّارات. (أقول): إذا لم يكن فيه استطاعة الإطعام يصوم لها لا إنّه يستقرض بالفيض ويكفّر عنها. وكلّ ما يظهر من أقسام الإحتياج من هذا القبيل يندفع بأدنى تأمّل وتوجّه ببركة التّقوى “ ومن يتّق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ” والزّيادة على ذلك إطناب والسّلام عليكم وعلى من اتّبع الهدى.

(١٠٣) المكتوب الثّالث والمائة إلى السّيّد فريد في بيان معنى العافية وطلب القاضي لبلد سرهند



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!