موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

الباب الأول: في وصية الأخ البار بمصاحبة الأخيار ومجانبة الاشرار

 

 


وجهالات منسوبة إلى بعض المشهورين * وانكار أمور عليها مدار العلماء العاملين المتقدمين منهم والمتأخرين * فوضع رسالة مثبتة لما انكروه ومبتتة لما زوروه * احتسابا لوجه الله الاكرم وانتصارا لأسم الله الاعظم ونصحا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم * كيلا يقعوا في ورطة الانكار وكيلا يبقى الاخ المنكر على الاصرار * فيؤل به إلى دخول النار * لما اشتهر أنه يخشى عليه من سوء الخاتمة نعوذ بالله من ذلك «وسميتها الرحمة الهابطة في ذكر اسم الذات والرابطة» ورتبتها على سبعة أبواب الباب الأول في وصية الأخر البار * بمصاحبة الاخيار * ومجانية الاشرار * الباب الثاني في النقل الموجب للذات * في ذكر اسم الذات الباب الثالث في تعريف رابطة أولى الاجتباء * وثبوت الرابطة لكل انسان شاء اوابى * الباب الرابع في القول الاسني * واستحباب الرابطة الحسنى * الباب الخامس في قول أهل الاصطفاء * في رابطة المصطفى * صلى الله عليه وسلم الباب السادس في القول المجمل * في رابطة الأولياء الكمل * الباب السابع فينصح المنكرين الخاص والعام * لحصول حسن الختام * وجعلت الخطاب لواحد في جميع الأبواب رجاء أن يتوجه إلى هذا الكلام بقلبه * وأن يقبل على ربه * ويستغفر من ذنبه * والله اسئل أن يمن على من تأملها بعين الانصاف باتباع الصواب * وإن يحعلنا واياه ممن أناب * وإن يهب لنا رضاه أنه الكريم الوهاب *

(الباب الأول) في وصية الأخ البار بمصاحبة الأخيار ومجانبة الاشرار

اعلم ايها الأخ بصرني الله واياك طريق الحق والهدى * وازال من قلوبنا داء الحسد وجنبنا الاعتداء * انك في زمان دين أهله اتباع الهوى * ورفض التقوي * وطى المليح * ونشر القبيح * ووصل الطلاح وهجر الصلاح * واشاعة البهتان * وكتمان الاحسان * ومجانبة من قال الله * ومصاحبة من اتخذ هواه * اذا ذكروا لا يذكرون * واذا رأوا آية يستسخرون * ويطنبون بالنميمة وعلى الغيبة لا يقتصرون * واخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون * يبارز أمثلهم الملك القدير * كي يذكر عند الأمير والوزير * ويعمل ما يوجب الخلود في النار * لكي يمدح بين الفجار * فكره وذكره تكريرهات * وتقرير الترهات واضاعة الأوقات والحرص على المربقات * وبغض المتقين * ومحبة الفاسقين * واخفاء النصائح. * وابداع الفضائح * واظهار الود * واضمار الحقد * ونزع الحياء * والتقمص بالريا * ونفي التواضع والبر * واثبات العجب والكبر * إلى قول الزور وإن كثر يجنحون * وبه يفرحون * وعليه ما برحون * وعن ذكر الله وإن قل يجمحون * واذا سمعوه يكلحون * وعلى فاعله يقدحون * فلا جرم أنهم بالخطأ قائلون * وعن الصواب عادلون * وإلى المراء مائلون * وعلى الافتراء حاصلون اذا هم رحلوا عن نوادي العدل وفي بوادي الجهل هم نازلون * فأولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون * قلوبهم بحب الفساد مشغوفة * وعلى كسب مال العباد ملهوفة * وعن ذكر ربهم مصروفة * يبذل احدهم في الجهالات والضلالات والتخليطات والتخبيطات جميع قواه * ويعرض عن ذكر ربه بايعا دينه بأقل من نواه * ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه * إن طلت بالغيبة لسانك * واصغيت لها آذانك * عظموا حين رؤيتهم للك شأنك * ورفعوا مكانك وإذا غبت عنهم اظهروا عدواتك * وقرروا بهتانك * فلا مليحك شيعوه * ولا قبيحك يدعوه * قلوبهم مملوة حسدا * كأنهم لم يروا الحشر غدا * أكثرهم طوى بساط الهدي * كأنهم خلقوا سدا * ولا يزالون في قال وقيل * ومن لم يوافقوهم يرمونه بالاباطيل * فمن التعطيل أن نحن بذكرهم نطيل * فلا حاجة إلى

التطويل * وما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلّا ما رَحِمَ رَبِّي * والاعتراف بالاقتراف والتوبة إن شاء الله تعالى دأبي * والرجاء وحسن الظن بالله حسبي * رحم الله الشيخ القوي حيث يقول (اشعار)

فؤاد لا يقر له قرار ... وأجفان مدامعها غزار

وليل طال بالافكار حتى ... ظننت الليل ليس له نهار

ولم لا والتقى حلت عراه ... وبأن على بنيه الانكسار

ليبك معي على الدين البواكي ... فقد اضحت مواطنه فقار

واضحي لا تقام له حدود ... وامسى لا يبين له شعار

وعاد كما بدا فينا غريبا ... هنالك ماله في الخلق جار

فقد نقضوا عهودهم جهارا ... اسروا بالعداوة ثم ساروا

فعليك يا أخي بحسن الاعتقاد وسلوك سبيل الرشاد ولا يغرك تخبيط أهل العناد قال الفضيل اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين وذلك أنه لا تزر وازرة وزر أخرى وعن قريب تجتمع الخلائق في الاخرى ويمتاز الذين ظلموا والذين لهم البشرى فعليك بصحبة من ينهضك حاله ويدلك على الله مقاله واهتد بمقال افضل مرسل صدق مقاله صلى الله عليه وسلم ما نور الافق كوكب الفلك وهلاله إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك اما أن يحذيك وأما تبتاع منه وأما أن تجد منه رائحة طيبة ونافخ الكير أما ان يحرق ثيابك وأما أن تجد منه ريحا خبيثة وقوله صلى الله عليه وسلم خياركم الذين إذا رأوا اذكر الله وهذان الحدينان يصلحان أن يكونا دليلا للتوجه والرابطة لأن من ألفاظهما ومعانيهما ما هو مطابق للواقع كما انهما يرغبان في صحبة الصالحين فإنه صلى الله عليه وسلم شبه الصالح بحال المسك ثم ذكر انه يحصل من مجالسته احدى ثلاث فوائد واحدة مقطوع بها وهي وجدان الريح اذ لا مانع فقال اما أن يحذيك أي يعطيك بلا عوض والعطا هنا أما إفادة علم بلا سؤال وإما افادة حال بتوجه من ذي كمال قيل ونظرته منه إن صحت إليه على سبيل ود بإذن الله تغنيه وأما قوله فإما ان تبتاع منه أي تسأله فيجيبك بما ينفعك هذا من حيث اللسان أو تستمد منه فيمدك بروحانيته وهذا من حيث الجنان وقد يجمع بينهما وهذا الاخذ والإعطاء الروحاني عند أهله مدرك بالوجدان كالمحسوس فإنكار من لم يسلك سبيلهم لا يلتفت إليه أذ لا يستوى الأعمى والبصير كما لا يستوي المسك والكير وإني للابكم الفصاحة وحسن التقرير وإما قوله وإما أن تجد منه ريحا طيبة أي يسيري إليك من حاله ما تنتفع به وهذه الجملة مطابقة ظاهرة لفعل التوجه من وجه إذ هو انعكاس حاصل بالفعل تارة من غير استدعاء وإليه الاشار وبإما أن يحذيك وتارة بالاستدعاء والفعل وإليه الاشارة بتبتاع منه وتراة انعكاس من غير استدعاء ولا فعل وإليه الاشارة بتجد منه ريحا طيبة عبر بالواجدان دون غيره من الالفاظ لأن الجليس يدرك بذوقه ما يسرى إليه من قلب جليسه الصالح وإذا كانت الطباع تسرق فمن باب أولى أن القلوب المنيرة تسرق وتحصل الفائدة من الجليس الصامت ولا معنى لها سوى سيران حاله في جليسه ومن المعلوم أن من جالس شخصا سيما إذا كان الجلوس على طريق المحبة والاعتقاد لا بد أن ترسم صورته في ذهنه فمهما تذكره تخيل صورته فإن كان الشخص من أحباب الله فتخيل صورته يدعو إلى محبته والشوق إليه ومحبته مطلوبة والشوق إليه محبوب فتخيل صورته محبوب إذ من تصور موصوفا تصور صفاته فإذا كانت صفاته محبوبة عند الله فتصوره الموجب لتصور صفاته المحبوبة محبوب ولا معنى للرابطة سوى هذا ولا يرتاب عاقل في أن الانسان مختار في حركاته الظاهرة وتصوراته الباطنة أذ لا حجر عليه من جهة الشارع إلاى أن

تحرك في معصية أو إلى معصية وكذا إن تصور فعل معصية كمن يتصور أنه يزني فهذا مخطور بخلاف من تصور أنه يأتي حرثه فلا منع من ذلك وأن قوله صلى الله عليه وسلم خياركم الذين إذا رأوا ذكر الله فهذا كالشرح لقوله أو تجد منه ريحا طيبة جعل مجرد رؤيتهم محصلة لذكر الله وذلك لأنهم منسبون إلى ذكر الله وإذا رأى المنسوب ذكر المنسوب إليه وهو عين الذكر لا سيما اذا كانت رؤيتهم على طريق المحبة والاعتقاد الصحيح فإنه يحصل بها رفع الحجاب عن القلب فينتقش فيه ذكر الله فإن كانت رؤية مع مجالسة فهذه أبلغ من حصول الذكر بسبب انعكاس انوار القلوب ولتتيقن يا أخي وتجزم بأني لم اذكر لك جميع ذلك عن ظن وتخمين لا والذي وسعت رحمته كل شيء بل عن تجربة وتحقيق والشفيق يجتهد في النصيحة فقل لمن لم يسلك هذا السبيل ولم يذق من شرابه السلسبيل (شعر)

على نفسه فلبيك من ضاع عمره ... وليس له فيها نصيب ولا سهم

والحاصل أن صحبة الصالحين محتاج إليها وقد قالوا الرفيق قبل الطريق وتطهير القلب عن الصفات المذمومة كالكبر والعجب والرباء ومحبة الدنيا ونحوها فرض على كل مسلم بإجماع العلماء لأن جميع الطاعات يترتب وجودها والاحسان فيها على تطهير القلب ويكفيك قوله صلى الله عليه وسلم أن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله الحديث وتطهير القلب لا يحصل على الوجه المراد إلا بصحبة مرشد كامل وتأمل عهود الشعراني الكبري يتحقق عندك صحة هذا القول قال الحبيب سيدي عبد الله باعلوى الحداد عليكم بصحبة الاخيار والتأدب بأدابهم مع التعظيم البالغ لهم وحسن الظن الصادق فيهم فإنما قل انتفاع أهل الزمان بالصالحين من حيث قلة التعظيم لهم وضعف الظن بهم فحرموا بسبب ذلك بركاتهم ولم يشاهدوا كراماتهم حتى توهموا أن الزمان خال من الأولياء وهم بحمد الله كثيرون ظاهرون ومخفيون وذلك لأن ظهورهم في كل زمان لأبد منه ومن اعتقد غير ذلك يخشى عليه تكذيب النبي عليه السلام فإنه قال لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة وصفهم بالظهور وهو شامل للشهرة كالغابة والنصرة فاعتقاد خلافه مهجور أوو محضور فإن قيل المراد بالطائفة أهل السنة وهم ظاهرون ولله الحمد فيقال لا شك أن مذهب السنة هو الحق وأن أهل السنة بالنسبة إلى فرق هذه الامة هم الطائفة لكن للحق شروط لا يتم إلا بها وليس كل فرد من أهل السنة جامع الشروط فخواص أهل السنة بالنسبة إلى عوامهم هم الطائفة ومنهم المجتهدون في الاحكام والعقائد الدينية والمجاهدون لإعلاء كلمة الله فإن قيل بل المراد بالطائفة أهل العلم من الفقهاء والمدرسين من أهل السنة فيقال وهذا حق أيضا وهل الطائفة المحققة المهدية إلا أهل العلم لكن إذا كان هذا الفقيه المدرس عدلا جامعا لشروط الاسلام فضلا عن الايمان فضلا عن الاحسان والمسلم من سلم المسلمون من لسان ومع ان هذه المقامات التي وردت بها الشريعة لا يكون العبد محقا ظاهرا وباطنا حتى يتصف بها وأما الفقهاء والمدرسون الذين يقرأون درس الغيبة ويقررون مسائل الريبة ويقعون في الاخيار ويزدرون بالفقراء ويتذللون للجهلة والحمقي من الاغنياء والتجار وكادوا يعبدون الأمراء مع ما يشاهد من أكلهم الحرام والكبر والعجب والترفع على الآنام فهؤلاء فسقة الآنام وقد تعرف الفسقة جملة من العلوم والاحكام وهم أقبح حالا من العوام وأين هم وأين الطائفة الظاهرة على الحق على الدوام وإنما المراد بالطائفة العدول من العلماء العاملين الكاملين الذين يصدق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم يحمل



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!