موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(164) المكتوب الرابع والستون والمائة إلى الحافظ بهاء الدين السرهندي في بيان أن فيض الحق سبحانه وتعالى وارد على الخواص والعوام على الدوام والتفاوت إنما هو بقبوله وعدم قبوله من طرف العبد

 

 


من يطلب منهم الهمّة ويتوسّل بهم وقد قال الله سبحانه في كلامه المجيد (وما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلّا فِي ضَلالٍ) فدعاء هؤلاء الأعداء باطل عار عن الحاصل فأنّى يكون احتمال الإجابة فيه بل يستلزم ذلك فسادا كبيرا من إعزاز هؤلاء الكلاب ولئن باشر هؤلاء المخذولون الدّعاء يتوسّلون بأصنامهم فينبغي التّفكّر إلى اين ينجرّ الأمر بل لا تبقى رائحة من الإسلام قال واحد من الأعزّة: ما لم يصل أحدكم إلى حدّ الجنون لا يصل إلى الإسلام والجنون عبارة عن عدم الإلتفات إلى نفع نفسه وضرره وعدم المبالاة بحصول شيء وفوته في إعلاء كلمة الإسلام والمسلمين فإذا حصل الإسلام فقد حصل رضا الحقّ ورضا رسوله عليه الصّلاة والسّلام ولا دولة أعظم من رضا المولى سبحانه رضينا بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمّد عليه الصّلاة والسّلام نبيّا ورسولا وأحينا يا ربّ على ذلك بحرمة سيّد المرسلين عليه وعلى آله من الصّلوات أفضلها ومن التّسليمات أكملها والسّلام أوّلا وآخرا فقد كتبت ما هو ضروريّ وما لا بدّ منه عجالة الوقت بطريق الإجمال وأرسلته فإن كان التّوفيق رفيقا بعد ذلك أكتب مفصّلا وأرسله وكما أنّ الإسلام ضدّ الكفر كذلك الآخرة ضدّ الدّنيا لا تجتمع إحداهما بالاخرى وترك الدّنيا على نوعين تركها مع جميع مباحاتها الّا قدر الضّرورة وهذا القسم أعلى نوعي ترك الدّنيا والاخرى الإجتناب عن محرّماتها ومشتبهاتها مع التّنعّم بمباحاتها وهذا القسم أيضا عزيز الوجود جدّا خصوصا في هذه الأزمان، (شعر):

إذا قسنا السّما بالعرش ينحطّ ... وما أعلاه إن قسنا بأرض

فلا بدّ بالضّرورة من الاجتناب عن استعمال الذّهب والفضّة ولبس الحرير وأمثالها ممّا هو محرّم في الشّريعة المصطفويّة على مصدرها الصّلاة والسّلام والتّحيّة فإن حفظت أواني الذّهب والفضّة للتّجمّل وزينة البيت فلا بأس به بل له مساغ في الجملة ولكنّ استعمالها بايّ وجه كان من شرب ماء وأكل طعام فيها ووضع العطر واتّخاذ المكحلة منها وغير ذلك حرام والحاصل أنّ الحقّ سبحانه وسّع دائرة المباح جدّا حتّى إنّ التّنعّمات والتّمتّعات بها أزيد منها بالأمور المحرّمة مع أنّ في استعمال المباحات رضا الحقّ سبحانه وفي استعمال المحرّمات سخطه تعالى والعقل السّليم لا يجوّز أصلا اختيار لذّة فانية فيها عدم رضا مولاه مع أنّ مولاه جوّز له بدل تلك اللّذّة المحرّمة اللّذّة المباحة رزقنا الله سبحانه وإيّاكم الاستقامة على متابعة صاحب الشّريعة عليه وعلى آله الصّلاة والتّحيّة. وينبغي الرّجوع في المعاملة إلى العلماء المتورّعين دائما والإستفسار منهم والعمل بمقتضى فتواهم فإنّ طريق النّجاة هو الشّريعة وما عدا الشّريعة كلّه باطل لا اعتبار له فماذا بعد الحقّ الّا الضّلال والسّلام أوّلا وآخرا.

(١٦٤) المكتوب الرّابع والسّتّون والمائة إلى الحافظ بهاء الدّين السّرهنديّ في بيان أنّ فيض الحقّ سبحانه وتعالى وارد على الخواصّ والعوامّ على الدّوام والتّفاوت إنّما هو بقبوله وعدم قبوله من طرف العبد



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!