موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(168) المكتوب الثامن والستون والمائة إلى الخواجه محمد القاسم بن الخواجكى الأمكنكي في مدح الطريقة النقشبندية وذم من أحدث فيها ما ليس منها

 

 


حضرة أنسه ومظنّة الكمون والبروز مستقبح في جناب قدسه ليس بزمانيّ فإنّ الزّمان مخلوقه تعالى وليس بمكانيّ فإنّ المكان مصنوعه سبحانه لا بداية لوجوده ولا نهاية لبقائه وكلّ خير وكمال ثابت له سبحانه وكلّ نقص وزوال مسلوب عن جنابه المتعالى فيكون مستحقّ العبادة هو تعالى (ورام وكرشن) وأمثالهما من آلهة الهنود كلّها من أحقر مخلوقاته تعالى متولّدات من المخلوقين فإنّ رام ولد جسرت وأخو لكهمن وزوج سيتا فإذا كان رام غير قادر على حفظ زوجته فكيف يمدّ الغير ينبغي استعمال العقل لا اتّباع هؤلاء وتقليدهم فعار على شخص ألف عار اعتقاد أنّ ربّ العالمين هو رام وكرشن وذكره تعالى بهما ومثله مثل شخص يذكر السّلطان المعظّم باسم أرذل الكنّاسين وزعم اتّحاد رام ورحمن من نهاية عدم العقل فإنّ الخالق لا يتّحد بالمخلوق وقبل خلق رام وكرشن ما كان أحد يذكر ربّ العالمين باسم رام وكرشن فلأيّ شيء يطلق اسمهما عليه سبحانه وتعالى بعد ظهورهما ويعتقدون أنّ ذكرهما ذكر ربّ العالمين حاشا وكلّا ثمّ حاشا وكلّا ولقد مضى من انبيائنا عليهم الصّلوات والتّسليمات مائة (١) ألف وأربع وعشرون ألفا تقريبا كلّهم دعوا الخلق إلى عبادة الخالق ورغّبوهم فيها ومنعوهم عن عبادة غيره واعتقدوا أنفسهم عبيدا عاجزين وكانوا خائفين ووجلين من هيبته وعظمته تعالى وآلهة الهنود رغّبوا الخلق في عبادتهم واعتقدوا انفسهم آلهة فإنّهم وإن كانوا قائلين بوجود ربّ العالمين ولكنّهم أثبتوا له سبحانه الحلول فيهم واتّحاده بهم فدعوا الخلق إلى عبادتهم من هذه الجهة وأمروهم بأن يقولوا لهم آلهة ووقعوا في المحرّمات من غير تحاش زعما منهم أنّ الإله لا يكون ممنوعا من شيء أصلا بل يتصرّف في خلقه كيف يشاء وأقسام هذه التّخيّلات الفاسدة كثيرة فيهم ضلّوا فأضلّوا بخلاف أنبيائنا عليهم الصّلوات والتّسليمات فإنّهم امتنعوا عن كلّ ما منعوا الخلق منه على الوجه الأتمّ والأكمل واعتقدوا أنفسهم بشرا مثل سائر البشر (ع) وشتّان ما بين الطّريقين فانظروا *

(١٦٨) المكتوب الثّامن والسّتّون والمائة إلى الخواجه محمّد القاسم بن الخواجكى الأمكنكي في مدح الطّريقة النّقشبنديّة وذمّ من أحدث فيها ما ليس منها

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين وآله الطّاهرين أجمعين وبعد تبليغ دعوات موفورة وتحيّات غير محصورة إلى الجناب العالي سلالة المشائخ الكرام نتيجة الأولياء العظام حضرة المخدوم زاده المستقيم على الجادّة سلّمه الله سبحانه وأبقاه وإظهار اشتياق رؤيته وتمنّي لقائه،

(شعر):

كيف الوصول إلى سعاد ودونها ... قلل الجبال ودونهنّ خيوف

__________

(١) هذا على ما اخرجه البزار والطبرانى وابن مردوية وابن حبان وصححه وأحمد عن ابى ذر رضى الله عنه بلفظ مائة الف واربعة وعشرون الفا الرسل منهم ثلاثمائة خمسة عشر جما غفيرا (القزاني رحمة الله عليه)

ليكن معلوما لجنابه العالي أنّ علوّ هذه الطّريقة العليّة ورفعة الطّبقة النّقشبنديّة إنّما هي بواسطة التزام السّنّة السّنيّة والإجتناب عن البدعة الشّنيعة ولهذا اجتنب أكابر هذه الطّريقة العليّة عن ذكر الجهر وأمروا بالذّكر القلبيّ ومنعوا من السّماع والرّقص والوجد والتّواجد وغير ذلك ممّا لم يكن في عصره عليه الصّلاة والسّلام وعصر الخلفاء الرّاشدين عليهم الرّضوان واختاروا الخلوة في الجلوة بدل خلوة الأربعين لعدم كونها في الصّدر الأوّل فلا جرم ترتّبت على ذلك الإلتزام نتائج عظمى وتفرّعت على ذاك الإجتناب ثمرات كثيرة ومن هاهنا كانت نهاية غيرهم مندرجة في بدايتهم وكانت نسبتهم فوق جميع النّسب كلامهم دواء الأمراض القلبيّة ونظرهم شفاء العلل المعنويّة توّجههم الوجيه ينجّي الطّالبين من تعلّق الكونين وهمّتهم الرّفيعة الشّأن ترفع المريدين إلى ذروة الوجوب من حضيض الإمكان، (شعر):

ما أحسن النّقشبنديّين سيرتهم ... يمشون بالرّكب مخفيّين للحرم

تزيل وسوسة الخلوات صحبتهم ... عن قلب أصحابهم يا حسن ذا الكرم

ولكن قد صارت هذه النّسبة الشّريفة في هذه الآوان كعنقاء المغرب وتوجّهت نحو الإستتار تحت الحجب حتّى سلك جماعة من هذه الطّبقة من عدم وجدان هذه الدّولة العظمى وفقدان تلك النّعمة القصوى كلّ مسلك وفرحوا بنيل قطعات خزف بدلا من الجواهر النّفيسة واطمأنّت قلوبهم بالجوز والموز مثل الأطفال حتّى انّهم من غاية الإضطرار والتّحيّر تركوا طريقة أكابرهم وصاروا يطلبون التّسلّي أحيانا بذكر الجهر وآونة يرومون الإطمئنان بالرّقص والسّماع والدّور ولمّا لم تتيسّر لهم الخلوة في الجلوة اختاروا الأربعينات وأعجب من ذلك زعمهم هذه البدعات الشّنيعة متمّمة ومكمّلة لهذه النّسبة الشّريفة وعدّهم هذا التّخريب عين التّعمير أعطاهم الله سبحانه وتعالى الإنصاف وأوصل شمّة من كمالات أكابر هذه الطّريقة إلى مشامّ أرواحهم حتّى يتركوا الإعتساف بالنّون والصّاد وبحرمة النّبيّ وآله الأمجاد عليه وعليهم الصّلوات والتّسليمات ولمّا شاعت هذه المحدثات في تلك الدّيار وبلغ شيوعها إلى حدّ اختفى أصل طريق الأكابر واختار الوضيع والشّريف هذا الوضع المحدث الجديد هناك وأعرضوا عن طريق الأصل والقديم خطر في الخاطر أن أظهر نبذة من هذه البليّة لخدمة عتبته العليّة وأن أفرغ القلب من الألم بهذه الوسيلة ولا أدري من أيّ طائفة أنيس المخدوم زاده في مجلسه الشّريف ومن أيّ فرقة مؤنسة في محفله المنيف، (شعر):

من مقلتي طار المنام تفكّرا ... من كان من ندمائه وضجيعه

والمسئول من الله سبحانه أن يعصم جناب قدسكم عن عموم هذه البلوى وأن يحفظ عتبة شرفكم عن شمول هذا الإبتلاء أيّها المخدوم المكرّم قد روّجوا المحدثات والمبتدعات في هذه الطّريقة بحيث لوقال المخالفون إنّ في هذه الطّريقة التزام البدعة والإجتناب عن السّنّة لساغ لهم ذلك فإنّهم يصلّون صلاة التّهجّد بجمعيّة تامّة ويروّجون هذه البدعة ويزيّنونها في عيون العامّة بأدائها في المسجد مثل سنّة التّراويح



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!