موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(200) المكتوب الموفى المائتين إلى الملا شكيبي الأصفهاني في حل بعض عبارات النفحات التي طلب شرحها منه قدس سره

 

 


(٢٠٠) المكتوب الموفى المائتين إلى الملّا شكيبي الأصفهانيّ في حلّ بعض عبارات النّفحات الّتي طلب شرحها منه قدّس سرّه

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين وعلى آله وأصحابه الطّاهرين أجمعين (أيّها) الأخ إنّكم سألتم أن أشرح لكم بعض عبارات النّفحات الّذي فيه إغلاق فبناء على ذلك اجترأت على تحرير كلمات (أيّها المخدوم) إنّ عين القضاة الهمدانيّ قدّس سرّه قال في بيان حال جماعة سلكوا طريقا غير مسلوك من غير دليل فبعضهم حفظته مغلوبته في كنف حمايتها وكان السّكر ظلّا على رأسه والّذي كان منهم صاحب تمييز قطعوا رأسه يعني أهلكوه المراد بالطّريق المسلوك والله سبحانه أعلم طريق مسلوك بطيّ المقامات العشرة المشهورة بالتّرتيب والتّفصيل وتزكية النّفس مقدّمة في هذا الطّريق على تصفية القلب والإنابة فيه شرط الولاية والهداية والطّريق الغير المسلوك عبارة عن طريق الجذبة والمحبّة وطريق الإجتباء وهو غير مشروط بالإنابة وتقدّم فيه التّصفية على التّزكية وهذا الطّريق هو طريق المحبوبين والمرادين بخلاف الطّريق الأوّل فإنّه طريق المحبّين والمريدين والبعض الّذي كان له قوّة الجذبة منهم واستيلاء المحبّة الّذي المغلوبيّة والسّكر عبارة عنه بقي محفوظا من شرّ الشّياطين الآفاقيّة والأنفسيّة ومصونا من إغوائهم وإضلالهم فهم وإن لم يتّخذوا دليلا لانفسهم ولكن كان فضل الله جلّ سلطانه هاديا لهم إلى الطّريق وأوصلهم إلى المطلوب الحقيقيّ ومن كان منهم صاحب تميّز يعني لم تكن له قوّة الجذبة وكان استيلاء المحبّة مفقودا في حقّه ولم يكن له دليل أضلّته أعداء الدّين عن الطّريق وأهلكوه وأذاقوه شربة الموت الأبديّ وكان من جملة المغلوبين هذان الشّخصان من التّراكمة اللّذان حكى عنهما الحسين القصّاب برمز وإشارة حيث قال: كنت في سفر مع قافلة عظيمة فخرج اثنان من التّراكمة من بين القافلة وسلكا طريقا غير مسلوك إلى آخر القصّة المراد بالطّريق الّذي سلكه القافلة الطّريق المسلوك الّذي يحصل بقطع المقامات العشرة المشهورة بالتّرتيب والتّفصيل فإنّ أكثر المشائخ خصوصا المتقدّمين منهم وصلوا إلى مقاصدهم من هذا الطّريق والمراد بالطّريق الغير المسلوك الّذي اختاره هذان الشّخصان من التّراكمة وتبعهما الحسين القصّاب في اختيار هذا الطّريق هو طريق الجذبة والمحبّة الّذي هو أقرب إلى الوصول من ذاك الطّريق المسلوك المعهود ومقدّمة هذا الطّريق الإلتذاذ والسّكون الّذي هو سبب الغيبة عن الحسّ وباعث على الذّهول عن الشّعور وكنى عن هذه الحالة باللّيل ولمّا كانت هذه الغيبة عن الخلق متضمّنة للحضور والشّعور بالخالق تعالى وتقدّس أشار إلى هذا الحضور والشّعور بالبدر وهذا المقام يقتضي بيانا ينبغي أن يسمعه بسمع العقل اعلم أنّ مدبّر الجسد هو الرّوح ومربّي القالب القلب والقوى الجسمانيّة مكتسبة من القوّة الرّوحانيّة والحواسّ القالبيّة مستفادة من النّورانيّة القلبيّة فبالضّرورة يتطرّق الفتور في مبادي الحال الّتي هي أوان النّقص والضّعف إلى تدبير الجسد وتربية القالب حين توجّه القلب والرّوح إلى جناب قدس الحقّ جلّ شأنه الّذي هو لازم طريق الجذبة فيكون

ذلك الفتور سببا لتعطّل الحسّ والذّهول عن الإحساس ويفضي إلى ضعف القوى والجوارح والسّقوط على الأرض بلا اختيار وعبّر الشّيخ الأجلّ محيي الدّين بن عربيّ قدّس سرّه في الفتوحات المكّيّة عن هذه الحالة بالسّماع الرّوحيّ وقال للسّماع الّذي يكون بالرّقص والحركة الدّوريّة سماعا جسديّا وبالغ في المنع منه فتحقّق من هذا البيان أنّ هذه الغيبة الصّوريّة متضمّنة للحضور المعنويّ وذاك الذّهول الرّوحيّ مشتمل على الشّعور الرّوحيّ الّذي يناسبه التّعبير عنه بالبدر ولنرجع إلى أصل الكلام ينبغي أن يعلم أنّ استتار وجه البدر بالغيم الأسود كناية عن ظهور الصّفات البشريّة الّتي يحصل الحضور والشّعور للمبتدئين باستتارها وهذا الإستتار يمتدّ إلى أواسط الأحوال فإنّ المتوسّطين ليس لهم هذا الإستتار وإن لم يخلوا عن نحو من الاستتار ويمكن أن يكون أنّه لهذا المعنى قال ولمّا كان نصف اللّيل ظهر البدر من الغيم ثانيا فوجدت أثر قدم هذين الشّخصين فإنّ الطّريق يتّضح حالة البسط الّتي هي أوان الحضور والشّعور ويكون قطع المسافة أزيد ولمّا طلع الفجر يعني زالت تلك الغيبة والذّهول وقوى ذلك الحضور والشّعور واجتمع مع التّوجّه إلى الخلق وكنى عن هذا الحضور بطلوع الشّمس. والجبل عبارة عن وجود البشريّة الّذي ظهر له في ذلك الوقت فإنّ تزكية النّفس إنّما هي بعد تصفية القلب في هذا الطّريق ولمّا كانت بهذين الشّخصين من التّراكمة قوّة الجذب واستيلاء المحبّة فلا جرم وضعا أقدامهما على ذروة الجبل بالسّرعة والسّهولة وطلعا فوقه في ساعة واحدة وتشرّفا بنحو من الفناء ولمّا لم تكن لحسين القصّاب هذه القوّة طلع فوق ذلك الجبل بمحنة كثيرة وهذا أيضا إنّما تيسّر له ببركة متابعته لهذين الشّخصين والّا لقطع رأسه والمعسكر عبارة عن الأعيان الثّابتة الّتي هي جامعة لتعيّنات الحقائق الإمكانيّة والتّعيّن الوجوبيّ والخيام الغير المتناهية كناية عن تلك التّعيّنات والخيمة الكبيرة فيما بينهما إشارة إلى التّعيّن العلميّ الوجوبيّ تعالى وتقدّس ولذا قيل له إنّها خيمة سلطانيّة ولمّا سمع الحسين القصّاب أنّها خيمة سلطانيّة تخيّل أنّه قد بلغ المطلب فأراد أن ينزل من مركب السّكر الّذي لا يتيسّر قطع مسافة هذا الطّريق بدون مدده ورام أن يستريح بالوصول إلى المطلوب ولمّا أخرج رجله اليمنى الّتي هي عبارة عن الرّوح فإنّ السّير إنّما يكون في هذا الطّريق الغير المسلوك بقدم الرّوح والقلب لا بقدم العلم والعمل فإنّه مناسب للطّريق المسلوك وأوّل شيء ينزل من مركب السّكر هو الرّوح ثمّ بعده القلب الّذي عبّر عنه بالرّجل اليسرى من الرّكاب وصل خطاب الهاميّ إلى سمع قلبه أنّ السّلطان ليس في الخيمة والحقّ أنّه كذلك ولكن لمّا لم تكن في الحسين القصّاب قوّة الجذب نزل من السّكر ببشارة قليلة وأمّا هذان الشّخصان فإنّهما لمّا كان بهما جذب قويّ لم يغترّا بأمثال هذه المبشّرات بل طلعا الفوق مثل الشّجعان فإن انتظر الحسين القصّاب هناك ألف سنة مثلا لما وجد السّلطان في الخيمة أصلا فإنّه تعالى وراء الوراء قوله بل هو قعد يصطاد يعني قعد على المجالى والمظاهر الجميلة وشرع في صيد قلوب العشّاق وهذا النّداء المتضمّن لهذا المعنى إنّما كان على مقدار استعداد الحسين القصّاب وحوصلة فهمه ودرايته تكلّموا معه بطريق التّنزّل والّا فلا معنى للقعود فيما فيه هو تعالى وتقدّس، (شعر):



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!