موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(214) المكتوب الرابع عشر والمائتان إلى خان خانان في بيان أن الدنيا مزرعة الآخرة وفي سر تأييد عذاب الكفار وتفويض واحد من أرباب الافتقار

 

 


الّذين لا مبالاة فيهم فهم لصوص الدّين من أيّ فرقة كانوا، والإجتناب عن صحبتهم أيضا من الضّروريّات.

وجميع هذه الفتنة والمفسدة الواقعة في الدّين من شآمة هؤلاء الجماعة الّذين جعلوا آخرتهم هباء في جمع حطام الدّنيا. “ أُولئِكَ الَّذِينَ اِشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وما كانُوا مُهْتَدِينَ». رأى شخص إبليس اللّعين قاعدا مستريحا فارغ البال من الإشتغال بالإغواء والإضلال فسأله عن سرّ ذلك فقال اللّعين: ” إنّ علماء السّوء في هذا الوقت قد كفوا أمري وتكفّلوا لي بالإغواء والإضلال “ ومولانا عمر موصوف بحسن السّيرة والطّويّة من بين الطّلبة الموجودين الآن هناك بشرط أن تقوّوا قلبه وتعاونوه على إظهار الحقّ. والحافظ الإمام فيه أيضا جنون الإسلام ولا بدّ من ذاك الجنون في الإسلام، ” لن يؤمن أحدكم حتّى يقال إنّه مجنون». معلوم لجنابكم، وهذا الفقير لم يقصّر في القول والكتابة في التّحريض على الصّحبة الحسنة ولم أرخّص لنفسي أن تترك المبالغة في التّحذير عن المصاحبة السّوء وأرى ذلك أصلا عظيما والقبول من عندكم فطوبى لمن جعل مظهرا للخير، وتذكّر احساناتكم يوردني على هذا القيل والقال وينسيني ملاحظة التّصديع والإملال والسّلام.

(٢١٤) المكتوب الرّابع عشر والمائتان إلى خان خانان في بيان أنّ الدّنيا مزرعة الآخرة وفي سرّ تأييد عذاب الكفّار وتفويض واحد من أرباب الافتقار

طوبى لمن جعله الله مظهرا للخير، وقد جعل الحقّ سبحانه الدّنيا مزرعة الآخرة؛ فيا شقاوة من أكل البذر بالتّمام ولم يزرعه في أرض الإستعداد، ولم يجعل الحبّة الواحدة سبعمائة حبّة، ولم يهيّئه ذخيرة ليوم يفرّ فيه الأخ من أخ والامّ من ولد خسارة الدّنيا والآخرة نقد وقته وحسرة الدّارين وندامتهما في كفّ يده لما كان معرضا لغضب ربّه ومقته وأصحاب الدّولة هم الّذين يغتنمون الفرصة في الدّنيا، لا بمعنى أنّهم يتنعّمون فيها ويتلذّذون بها فإنّه لا مدار على ذلك ولا ثبات لما هنالك. ومع ذلك انّها معدّات المحن والعقبات بل بمعنى أنّهم يعملون فيها ويزرعون لآخرتهم، ويحصّلون من حبّة واحدة من العمل بحكم: والله يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (١) ثمرات غير متناهية. ومن ههنا كان جزاء الأعمال الصّالحة في أيّام معدودة تنعّمات مخلّدة والله ذو الفضل العظيم.

فإنّ قيل: إنّ تضاعف الأجر إنّما هو في الحسنات دون السّيّئات فإنّ الجزاء فيها بالمثل فكيف يجوز تأبيد عذاب الكفّار بواسطة سيّئات معدودة؟ (أجيب) انّ مماثلة الجزاء للعمل مفوّضة إلى علم الواجب تعالى وتقدّس وعلم الممكن قاصر عن إدراكها. ألا ترى أنّ الحقّ سبحانه. أمر في قذف المحصنات بجلد ثمانين جزاء مماثلا وفي حدّ السّرقة بقطع اليمين وفي حدّ الزّنا في البكر مع البكر بمائة

__________

(١) الآية ٢٦١ من سورة البقرة.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!