موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(234) المكتوب الرابع والثلاثون والمائتان إلى المخدوم الأعظم الشيخ محمد صادق قدس سره في بيان حقيقة الواجب الوجود وحقائق الممكنات ومعنى: «من عرف نفسه» ومعنى: «التجلي الذاتي» ومعنى: «الله نور السموات» وما يناسب ذلك من الأسئلة والأجوبة

 

 


جسارتكم أن أمنع وأحمي عتبتكم العليّة عمّا لا يليق بها بالتّأكيد والمبالغة وأن لا أترك في المجلس الشّريف من ليس بأهل له (ولكن اعلم) أنّ جميع التّمنّي لا يتيسّر فبالضّرورة أكون رطب اللّسان بالدّعاء من ظهر الغيب وعسى أن يقع في معرض القبول قال الخواجه أحرار قدّس سرّه: وإن كان جعل شخص نفسه عظيما بحيث يلزم من خرابه خراب جميع العالم شركا وكفرا ولكن جعلوني عظيما بلا صنع منّي ومثل هذه العظمة كاد أن يصدّق اليوم في حقّكم فإنّ في رفاهيّتكم رفاهيّة الخلائق وبالعكس ولهذا كان دعاء النّاس لكم بالخير كطلب المطر في شمول نفعه لعامّة الخلق فيكون من تلك العظمة والجلالة بقاء مقدار بذرة الخشخاش ومحلّ الأنملة محروما وبالا وثقلا عظيما على قلوب الأحباب والنّاصحين فينبغي التّخفيف عنهم على وجه الكرم وهذا النّاصح لم يكتب من هذه المقولة شيئا من مدّة مديدة خوفا من كون المبالغة ثقيلة، (شعر):

وكلّ لطيف الجسم يؤذيه كلّما ... يمرّ به كالورد يطرحه الصّبا

ولكن أرى اختيار التّقاعد والسّكوت بملاحظة حصول الثّقل على الخاطر بعيدا عن المودّة،

(شعر):

وظيفتك الدّعاء فحسب صاح ... وليس لك التّفكّر في قبوله

وقد وقعت في الخاطر داعية زيارة الحرمين الشّريفين حرسهما الله عن الآفات منذ أوقات والباعث على هذا السّفر هو هذه الدّاعية ولمّا كان هذا المعنى منوطا بمشاورتكم واسترضائكم أوقع خبر الرّحلة هذه الدّاعية إلى التّسويف الخير فيما صنع الله سبحانه والسّلام.

(٢٣٤) المكتوب الرّابع والثّلاثون والمائتان إلى المخدوم الأعظم الشّيخ محمّد صادق قدّس سرّه في بيان حقيقة الواجب الوجود وحقائق الممكنات ومعنى: «من عرف نفسه» ومعنى: «التّجلّي الذّاتيّ» ومعنى: «الله نور السّموات» وما يناسب ذلك من الأسئلة والأجوبة

بسم الله الرّحمن الرّحيم أمّا بعد حمد الله المنزّه عن المثال وصلاة نبيّه الهادي فليعلم الولد الأرشد أنّ حقيقة الحقّ سبحانه وجود صرف لم ينضمّ إليه شيء غيره أصلا وذلك الوجود الصّرف الّذي هو حقيقة الحقّ سبحانه منشأ لجميع الخير والكمال ومبدأ لكلّ حسن وجمال وجزئيّ حقيقيّ بسيط لم يتطرّق إليه تركيب أصلا لا ذهنا ولا خارجا وممتنع التّصوّر بحسب الحقيقة ومحمول على الذّات تعالت مواطأة لا اشتقاقا وإن لم يكن لنسبة الحمل في ذلك الموطن مجال لأنّ جميع النّسب ساقطة هناك

والوجود العامّ المشترك من ظلال ذلك الوجود الخاصّ وهذا الوجود الظّلّيّ محمول على ذاته تعالى وتقدّس وعلى سائر الأشياء على سبيل التّشكيك اشتقاقا لا مواطأة والمراد بكون هذا الوجود ظلّا لذاك ظهور حضرة الوجود يعني الخاصّ في مراتب التّنزّلات والفرد الأولى والأقدم والأشرف من أفراد ذلك الظّلّ محمول على ذاته تعالى اشتقاقا ففي مرتبة الأصالة يمكن أن نقول الله وجود لا أن نقول الله موجود وفي مرتبة الظّلّ يصدق الله موجود لا الله وجود ولمّا قال الحكماء وطائفة من الصّوفيّة بعينيّة الوجود ولم يطّلعوا على حقيقة هذا الفرق ولم يميّزوا الأصل من الظّلّ أثبتوا كلّا من الحمل المواطئّ والحمل الاشتقاقيّ في مرتبة واحدة فاحتاجوا في تصحيح الحمل الاشتقاقيّ إلى تمحّل وتكلّف والحقّ ما حقّقت بإلهام الله سبحانه وهذه الأصالة والظّلّيّة كأصالة سائر الصّفات الحقيقيّة وظلّيّتها فإنّ حمل تلك الصّفات في مرتبة الأصالة الّتي هي موطن الإجمال وغيب الغيب بطريق المواطأة لا بطريق الإشتقاق فيمكن أن يقال الله علم ولا يمكن أن يقال الله عالم لأنّ الحمل الاشتقاقيّ لا بدّ فيه من حصول المغايرة ولو بالإعتبار وهي مفقودة في ذلك الموطن رأسا إذ التّغاير لا يكون الّا في مراتب الظّلّيّة ولا ظلّيّة ثمّة لأنّه فوق التّعيّن الأوّل بمراحل لأنّ النّسب ملحوظة بطريق الإجمال في ذلك التّعيّن ولا ملاحظة لشيء من الأشياء بوجه من الوجوه في ذلك الموطن والحمل الاشتقاقيّ صادق في مرتبة الظّلّ الّتي هي تفصيل ذلك الإجمال دون الحمل بالمواطأة ولكن عينيّة تلك الصّفة في تلك المرتبة فرع عينيّة وجوده تعالى الّذي هو مبدأ جميع الخير والكمال ومنشأ كلّ حسن وجمال وكلّ محلّ من كتب هذا الفقير ورسائله فيه نفي عينيّة الوجود ينبغي أن يراد به الوجود الظّلّيّ الّذي هو مصحّح الحمل الاشتقاقيّ وهذا الوجود الظّلّيّ أيضا مبدأ للآثار الخارجيّة فالماهيّات الّتي تتّصف بذلك الوجود ينبغي أن تكون في كلّ مرتبة من المراتب موجودات خارجيّة فافهم فإنّه ينفعك في كثير من المواضع فتكون الصّفات الحقيقيّة أيضا موجودات خارجيّة وتكون الممكنات أيضا موجودات في الخارج (أيّها الولد) اسمع سرّا غامضا انّ الكمالات الذّاتيّة في مرتبة حضرة الذّات تعالت وتقدّست عين حضرة الذّات فصفة العلم مثلا في ذلك الموطن عين حضرة الذّات وكذلك القدرة والإرادة وسائر الصّفات (وأيضا) انّ حضرة الذّات في ذلك الموطن بتمامها علم وكذلك بتمامها قدرة لا أنّ بعض حضرة الذّات علم وبعضا آخر منها قدرة فإنّ التّبعّض والتّجزّي محال هناك وهذه الكمالات كأنّها منتزعات من حضرة الذّات وعرض لها التّفصيل في حضرة العلم وحصل بينها التّمييز مع بقاء حضرة الذّات تعالت وتقدّست على تلك الصّرافة الإجماليّة الوحدانيّة ولم يبق شيء في ذلك الموطن غير داخل في ذلك التّفصيل وغير مميّز بل جميع الكمالات الّتي كان كلّ واحد منها عين الذّات ورد إلى مرتبة العلم واكتسبت هذه الكمالات المفصّلة في مرتبة ثانية وجودا ظلّيّا وسمّيت باسم الصّفات وحصل لها القيام بحضرة الذّات الّتي هي أصلها والأعيان الثّابتة عند صاحب الفصوص عبارة عن تلك الكمالات المفصّلة الّتي اكتسبت وجودا علميّا في موطن العلم وحقائق

الممكنات عند الفقير العدمات الّتي هي مبادى جميع الشّرّ والنّقص مع تلك الكمالات الّتي انعكست عليها وهذا الكلام يستدعي تفصيلا ينبغي الإستماع له بأذن العقل

(أرشدك الله) إنّ العدم مقابل للوجود ونقيض له فيكون منشأ جميع الشّرّ والنّقص بالذّات بل عين جميع الشّرّ والفساد كما أنّ الوجود في مرتبة الإجمال عين كلّ خير وكمال وكما أنّ الوجود في موطن أصل الأصل غير محمول على الذّات بطريق الإشتقاق كذلك العدم المقابل لذلك الوجود غير محمول على ماهيّة العدم بطريق الإشتقاق ولا يمكن أن يقال لتلك الماهيّة في تلك المرتبة إنّها معدومة بل هي عدم محض وفي مراتب التّفصيل العلميّ المتعلّق بتلك الماهيّة العدميّة تتّصف جزئيّات تلك الماهيّة بالعدم ويصدق عليها العدم بالحمل الاشتقاقيّ ومفهوم العدم الّذي هو كالمنتزع من الماهيّة العدميّة الإجماليّة وكالظّلّ لها يحمل على جميع أفرادها المفصّلة بطريق الإشتقاق كما سيجيء ولمّا كان ذلك العدم في مرتبة الإجمال عين كلّ شرّ وفساد وامتاز كلّ فرد من أفراد الشّرّ والفساد في علم الله سبحانه عن فرد آخر كما أنّ في جانب الوجود كان حضرة الوجود في مرتبة الإجمال عين كلّ خير وكمال وفي مرتبة التّفصيل العلميّ امتاز كلّ فرد من أفراد الكمال والخير من فرد آخر انعكس كلّ فرد من أفراد تلك الكمالات الوجوديّة على كلّ فرد من أفراد تلك النّقائص العدميّة الّتي هي في مقابلتها في مرتبة العلم وامتزجت صور كلّ منهما العلميّة بالاخرى وتلك العدمات الّتي هي عبارة عن الشّرور والنّقائص مع تلك الكمالات المنعكسة عليها اللّتان حصلا لهما في مرتبة حضرة العلم التّفصيل العلميّ ماهيّات الممكنات.

(غاية) ما في الباب أنّ تلك العدمات كأصول تلك الماهيّات وموادّها وتلك الكمالات كالصّور الحالّة فيها فالأعيان الثّابتة عند هذا الحقير عبارة عن تلك العدمات وتلك الكمالات اللّتين امتزجت كلّ منهما بالاخرى والقادر المختار جلّ سلطانه صبغ تلك الماهيّة العدميّة مع لوازمها ومع الكمالات الظّلاليّة الوجوديّة المنعكسة عليها في حضرة العلم المسمّاة بماهيّة الممكنات بصبغ الوجود الظّلّيّ في وقت اراده وجعلها موجودات خارجيّة ومبدأ للآثار الخارجيّة (ينبغي) أن يعلم أن جعل الصّور العلميّة الّتي هي عبارة عن الأعيان الثّابتة الممكنة وماهيّاتها منصبغة يعني بالوجود لا بمعنى خروج الصّور العلميّة من موطن العلم وحصول الوجود الخارجيّ لها فإنّ ذلك محال لاستلزامه الجهل له سبحانه تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا بل بمعنى أنّ الممكنات عرض لها الوجود في الخارج على طبق تلك الصّور العلميّة وراء الوجود العلميّ كما أنّ النّجّار يتصوّر في ذهنه صورة السّرير ثمّ يخترعها في الخارج ففى هذه الصّورة لا تخرج تلك الصّورة الذّهنيّة السّريريّة الّتي هي بمثابة الماهيّة للسّرير من علم النّجّار بل عرض للسّرير وجود في الخارج على طبق تلك الصّورة الذّهنيّة فافهم.

(اعلم) أنّ كلّ عدم لمّا انصبغ بظلّ من ظلال الكمالات الوجوديّة المقابلة لها والمنعكسة عليها عرض له وجود وزينة في الخارج بخلاف العدم الصّرف فإنّه لم يتأثّر بهذه الظّلال ولم يقبل لونا وصبغا

وكيف يقبل اللّون والصّبغ فإنّه ليس مقابلا لهذه الظّلال فإن كانت له مقابلة فهي بحضرة الوجود الصّرف تعالى وتقدّس فالعارف التّامّ المعرفة إذا نزل إلى مقام العدم الصّرف بعد ترقّيه على حضرة الوجود الصّرف يحصل لهذا العدم أيضا بتوسّله انصباغ بحضرة الوجود وتزيّن به وحسن فحينئذ يحصل لجميع مراتب اعدام هذا العارف الّتي هي في الحقيقة مراتبه الذّاتيّة الحسن والخيريّة إجمالا وتفصيلا ويحصل لها الجمال والكمال وهذه الخيريّة السّارية في جميع المراتب الذّاتيّة مخصوصة بمثل هذا العارف فإن سرت الخيريّة في غيره فهى إمّا مقصورة على بعض المراتب التّفصيليّة من اعدامه الذّاتيّة أو سارية في جميع مراتبها التّفصيليّة على تفاوت الدّرجات وهذا القسم الأخير أيضا نادر الوجود وأمّا مرتبة إجمال العدم الّذي هو عين كلّ شرّ ونقص فلم تحصل فيها رائحة من الخيريّة لأحد سوى العارف المذكور ولا نوع من الحسن فيحصل لشيطان هذا العارف المتّصف بالخيريّة التّامّة أيضا حسن الإسلام وتصير نفسه الأمّارة مطمئنّة وراضية عن مولاها ومن ههنا قال سيّد المرسلين عليه وعليهم الصّلوات والتّسليمات الا انّ (١) شيطاني قد أسلم فإذا كان كذلك فلا يسبقه غاز في غزوة أصلا ولا يدلّ مثل الشّيطان على الخير أبدا سبحان الله إنّ المعارف الّتي تظهر من هذا الحقير من غير اختيار لو اجتمع الجمّ الغفير واجتهدوا في تصوّرها لا يدرى يتيسّر أو لا ويشبه أن يكون الحظّ الوافر من هذه المعارف نصيب حضرة المهديّ الموعود عليه الرّضوان، (شعر):

ومتى أتى باب العجوز خليفة ... إيّاك يا صاح ونتف سبالكا

فتبارك الله أحسن الخالقين والحمد لله ربّ العالمين فتكون ذوات الممكنات عدمات انعكست عليها ظلال الكمالات الوجوديّة وزيّنتها فلا جرم تكون الممكنات مأوى كلّ شرّ وفساد وملاذ كلّ سوء ونقص وعناد وما فيها من الخير والكمال فهو عارية من حضرة الوجود الّذي هو خير محض ومفاض عليها منه ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك شاهد لهذا المعنى فإذا استولت رؤية كونه عارية على السّالك بفضل الله جلّ سلطانه ورأى كمالاته من ذلك الطّرف يجد نفسه شرّا محضا ونقصا خالصا ولا يشاهد في نفسه كمالا أصلا ولو بطريق الإنعكاس ويكون كعريان لبس ثوب العارية واستولت عليه رؤية كونه عارية غاية الإستيلاء على نهج يعطي الثّوب لصاحبه بالكلّيّة في التّخيّل فحينئذ يجد نفسه بالذّوق عاريا ألبتّة وإن كان متلبّسا بثوب العارية وصاحب هذه الرّؤية مشرّف بمقام

__________

(١) قوله الا ان شيطانى الخ اخرج مسلم عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد الا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا واياك يا رسول الله قال واياى ولكن الله اعاننى عليه فاسلم فلا يأمرنى الا بخير اهروى بضم الميم وفتحه وهو الارجح واخرج البزار عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الانبياء بخصلتين كان شيطانى كافرا فاعاننى الله حتى اسلم الحديث واخرج البيهقي وابو نعيم عن ابن عمر رضى الله عنهما مثله الا ان فيه على آدم بدل على الانبياء والباقى سواء فهذا يقوى رواية الفتح والله اعلم (القزاني رحمة الله عليه)

العبديّة الّذي هو فوق جميع كمالات الولاية واجتماع الخير والشّرّ والكمال والنّقص الّذي هو اجتماع الوجود والعدم في الحقيقة ليس من قبيل اجتماع النّقيضين الّذي يعدّ محالا فإنّ نقيض الوجود الصّرف هو العدم الصّرف وهذه المراتب الظّلّيّة كما أنّها تنزّلت في جانب الوجود من ذروة الأصل إلى حضيض التّنزّلات كذلك ترقّت في جانب العدم من حضيض صرافة العدم بل اجتماعها من قبيل اجتماع العناصر المتضادّة المجتمعة بعد كسر السّورة المضادّة من كلّ منها فسبحان من جمع بين الظّلمة والنّور.

(فان قيل) انت حكمت فيما سبق بانصباغ العدم الصّرف بالوجود الصّرف الّذى هو نقيضه فحصل اذا اجتماع النّقيضين (اقول) انّ المحال انّما هو اجتماع النّقيضين في محلّ واحد وامّا قيام احد النّقيضين بالآخر واتّصافه به فليس ذلك بمحال كما قال ارباب المعقول انّ الوجود معدوم واتّصاف الوجود بالعدم ليس بمحال فعلى هذا لو كان العدم موجودا ومنصبغا بالوجود لم يكن محالا (فان قيل) انّ العدم من المعقولات الثّانية وهى منافية للوجود الخارجىّ فكيف يتّصف العدم بالوجود الخارجىّ (اقول) انّ ما هو من المعقولات الثّانية هو مفهوم العدم دون مصداقه فأيّ فساد في اتّصاف فرد من أفراد العدم بالوجود كما قال أرباب المعقول في الوجود بطريق الإستشكال إنّ الوجود لا ينبغي أن يكون عين ذات واجب الوجود تعالى وتقدّس لأنّ الوجود من المعقولات الثّانية الّتي لا وجود لها في الخارج وذات واجب الوجود تعالى موجودة في الخارج فلا يكون عينها وقالوا في جوابه إنّ ما هو من المعقولات الثّانية هو مفهوم الوجود لا جزئيّاته فلا يكون جزء من جزئيّاته منافيا للوجود الخارجيّ بل يمكن أن يكون موجودا في الخارج (فإن قلت) قد علم من التّحقيق السّابق أنّ وجود الصّفات الحقيقيّة إنّما هو في مرتبة الظّلال وأمّا في مرتبة الأصل فلا وجود لها فيها وهذا الكلام مخالف لرأي أهل الحقّ شكر الله سعيهم فإنّهم لا يجوّزون انفكاك الصّفات عن الذّات أصلا ويقولون بامتناع انفكاكها عنها؟ (أجيب) لا يلزم من هذا البيان جواز الإنفكاك فإنّ ذلك الظّلّ لازم الأصل فلا انفكاك غاية ما في الباب أنّ العارف الّذي قبلة توجّهه أحديّة الذّات تعالت وتقدّست لا يكون له شيء من الأسماء والصّفات ملحوظا أصلا فيجد الذّات في ذلك الموطن ألبتّة ولا يكون شيء من الصّفات ملحوظا له أصلا لا أنّ الصّفات ليست بحاصلة في ذلك الوقت فانفكاك الصّفات من حضرة الذّات إن ثبت ثبت باعتبار ملاحظة العارف لا باعتبار نفس الأمر حتّى يكون مخالفا لما عليه أهل السّنّة (وقد لاح) من هذا البيان معنى من عرف (١) نفسه فقد عرف ربّه

__________

(١) قوله من عرف نفسه الخ قال السيوطي قال النووى انه غير ثابت وقال ابن السمعانى انه من كلام يحيى بن معاذ الرازى اهـ. وقال ابن حجر الهيتمى انه من كلام على رضى الله عنه وعزاه المناوى في كنوز الحقائق إلى الديلمى وذكره الماوردى في ادب الدنيا والدين عن عائشة مرفوعا انها قالت يا رسول الله متى يعرف الانسان ربه قال اذا عرف نفسه قوله من فسر القرآن برأيه الخ. قلت الحديث اورده الغزالى في محلين من الاحياء بلفظ من فسر القرآن برأيه فليتبرأ مقعده من النار قال العراقى اخرجه الترمذي من حديث ابن حبان وحسنه وهو عند ابى داود في رواية ابن لعبد وعند النسائى في الكبرى وقال شارحه بعد نقل قول العراقى قلت اخرج

فإنّ الشّخص إذا عرف نفسه بالشّر والنّقص وعرف أنّ ما فيه من الخير والكمال والحسن والجمال مستعار من واجب الوجود المقدّس المتعالى فقد عرف الحقّ سبحانه بالخير والكمال والحسن والجمال بالضّرورة (واتّضح) من هذه التّحقيقات المعنى التّأويليّ لقوله تعالى الله نور السّموات والأرض لأنّه قد تبيّن أنّ الممكنات بأسرها عدمات وبإجمعها شرّ وظلمات وما فيها من الخير والكمال والحسن والجمال مفاض من حضرة الوجود الّذي هو عين حضرة الذّات تعالت وتقدّست وعين كلّ خير وكمال فيكون نور السّموات والأرضين هو حضرة الوجود الّذي هو حقيقة الواجب تعالى وتقدّس ولمّا كان ذلك النّور في السّموات والأرض بتوسّط الظّلال أورد تمثيلا لذلك النّور لرفع توهّم من عسى يتوهّم أنّه بلا توسّط حيث قال تعالى (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) الآية ايذانا بثبوت الوسائط وتفصيل تأويل هذه الآية الكريمة يثبت إن شاء الله تعالى في محلّ آخر فإنّ المجال للكلام كثير هناك وهذا المكتوب لا يسع تفصيله (وإنّما) قلنا المعنى التّأويليّ لقوله تعالى لأنّ المعنى التفسيريّ مشروط بالنّقل والسّماع ولعلّك سمعت من فسّر القرآن برأيه فقد كفر وفي التّأويل يكفي مجرّد الإحتمال بشرط عدم مخالفته الكتاب والسّنّة فتقرّر أنّ ذوات الممكنات وأصولها عدمات وصفاتهم النّقائص والرّذائل الّتي هي مقتضيات تلك العدمات وجدت بإيجاد القادر المختار جلّ سلطانه والصّفات الكاملة فيهم مستعارة من ظلال كمالات حضرة الوجود تعالى وتقدّس ظهرت فيهم بطريق الإنعكاس ووجدت بإيجاد القادر المختار أيضا ومصداق حسن الأشياء وقبحها هو أنّ كلّما هو ناظر إلى الآخرة ومعدّ لها فهو حسن وإن لم يكن مستحسنا في الظّاهر وكلّما هو ناظر إلى الدّنيا ومعدّ لأجلها فهو قبيح وإن كان حسنا في الظّاهر وظاهرا بالحلاوة والطّراوة كالمزخرفات الدّنياويّة ولهذا منع في الشّريعة المصطفويّة على صاحبها الصّلاة والسّلام والتّحيّة من النّظر والميل إلى حسن المرد والنّساء الأجنبيّات وتمنّي المزخرفات الدّنيّة فإنّ ذلك الحسن والطّراوة من مقتضيات العدم الّذي هو مأوى كلّ شرّ وفساد فلو كان منشأ هذا الحسن والجمال الكمالات الوجوديّة لما يمنع عنه الّا من جهة كون التّوجّه إلى الظّلّ مع وجود الأصل مستهجنا ومستقبحا وهذا المنع منع استحسانيّ لا وجوبيّ بخلاف المنع السّابق فالحسن الظّاهر في المظّاهر الجميلة الدّنيويّة ليس هو من

__________

= الترمذي وصححه وابن الانبارى في المصاحف والطبرانى في الكبرى والبيهقي في الشعب كلهم من رواية عبد الا على عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضى الله عنه بلفظ من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ الخ واخرجه ابو داود والترمذي وقال غريب والنسائى في الكبرى وابن جرير والبغوى وابن الانبارى وابن عدى والطبرانى والبيهقي كلهم من رواية سهل بن ابى حزم القطفى عن ابن عمر ان الجولى عن جندب بن عبد الله من قال في القرآن برأيه فاصاب فقد اخطأ وفى رواية الترمذي وغيره من قال في كتاب الله وفى رواية من تكلم في القرآن وفى الباب عن ابن عمر وجابر وابى هريرة وحديث ابن عمر من فسر القرآن برأيه فاصاب كتبت عليه خطيئة لو قسمت بين العباد لو سعتهم وحديث جابر من فسر القرآن برأيه فقد اتهمنى وحديث ابى هريرة من فسر القرآن برأيه وهو على وضوء فليعد وضوءه اخرج هذه الثلاثة الديلمى في مسند الفردوس وطرقهن ضعاف بل الاخير منكر جدا إلى آخر ما قال بطوله ولم اظفر بلفظ الامام قدس سره (القزاني رحمة الله عليه)

ظلال حسنه تعالى بل هو من لوازم العدم اكتسبه في الظّاهر بواسطة مجاورته الحسن والّا فهو في الحقيقة قبيح ناقص كسمّ مدسوس في السّكّر ونجاسة مطليّة بالذّهب وإنّما جوّز التّمتّع بالنّساء الجميلة المنكوحة والإماء الجميلة المملوكة بواسطة تحصيل الأولاد وإبقاء النّسل المطلوب لبقاء نظام العالم فما ابتلي به بعض الصّوفيّة من المظاهر الجميلة والنّغمات المستحسنة بتخيّل أنّ هذا الحسن والجمال مستعار من كمالات حضرة واجب الوجود تعالى وتقدّس ظهر في هذه المظاهر وزعمهم هذا الإبتلاء حسنا ومتحسّنا بل تصوّرهم إيّاه طريق الوصول ثبت عند هذا الحقير خلافه كما مرّت نبذة فيما سبق والعجب أنّ بعضهم يورد هذا القول إيّاكم والمرد فإنّ فيهم لونا كلون الله سندا لمطلبه وكلمة “ كلون الله ” توقعهم في الإشتباه ولا يدرون أنّ هذا القول مناف لمطلبهم ومؤيّد لمعرفة هذا الدّرويش لأنّه ورد فيه كلمة التّحذير منعا عن التّوجّه إليهم وبيّن منشأ الغلط بأنّ حسنهم مشابه لحسن الحقّ وجماله سبحانه لا حسنه تعالى لئلّا يقعوا في الغلط قال عليه الصّلاة والسّلام ما الدّنيا والآخرة الّا ضرّتان إن رضيت إحداهما سخطت الاخرى وفي الحديث أيضا تصريح بوجود المباينة والمناقضة بين حسن الآخرة وحسن الدّنيا وبين جماليهما ومن المقرّر أنّ الحسن الدّنيويّ غير مرضيّ والحسن الأخرويّ مرضيّ فيكون الشّرّ لازم الحسن الدّنيويّ والخير لازم الحسن الأخرويّ فبالضّرورة يكون منشأ الأوّل عدما ومنشأ الثّاني وجودا نعم إنّ بعض الأشياء له وجه إلى الدّنيا ووجه إلى الآخرة فهذا قبيح من الوجه الأوّل وحسن من الوجه الثّاني وتمييز ما بين هذين الوجهين وفرق ما بين حسنه وقبحه مفوّض إلى علم الشّريعة قال الله تعالى (وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وقد ورد في الخبر أنّ الله سبحانه لم ينظر إلى الدّنيا منذ خلقها لكونها مبغوضا عليها عنده سبحانه وكلّ ذلك بواسطة قبحها وشرّها وفسادها الّتي هي من مقتضيات العدم الّذي هو مأوى جميع الفساد وحسن الدّنيا وجمالها وحلاوتها وطراوتها كلّ منها كالمطروح في الطّريق لا يستحقّ النّظر إليه والمستحقّ للنّظر إنّما هو جمال الآخرة فإنّه مرضيّ الحقّ سبحانه قال الله سبحانه شكاية من حالهم يريدون عرض الدّنيا والله يريد الآخرة اللهمّ صغّر الدّنيا في أعيننا وكبّر الآخرة في قلوبنا بحرمة من افتخر بالفقر وتجنّب عن الدّنيا عليه وعلى آله أتمّ الصّلوات وأكمل التّسليمات (والشّيخ) الأجلّ محيي الدّين بن عربيّ قدّس سرّه لمّا لم يقع نظره على حقيقة شرّ الممكنات ونقصها وقبحها جعل حقائق الممكنات الصّورة العلميّة الإلهيّة جلّ وعلا وقال إنّ تلك الصّور انعكست على مرآة حضرة الذّات الّتي لا يقول بوجود شيء غيرها في الخارج فحصلت لها بسبب ذلك الإنعكاس نموّ يعني ظهور خارجيّ ولا يرى هذه الصّور العلميّة غير صور شئون الواجب وصفاته جلّ سلطانه فلا جرم حكم بوحدة الوجود وقال بعينيّة وجود الممكنات بوجود الواجب تعالى وتقدّس وقال بنسبيّة الشّرّ والنّقص ونفي الشّرّ المطلق والنّقص المحض ومن ههنا لا يقول بوجود قبيح بالذّات حتّى انّه يقول إنّ قبح الكفر والضّلالة إنّما هو بالنّسبة إلى الإيمان والهداية لا بالنّسبة إلى ذاتهما بل يراهما عين

الخير والصّلاح ويحكم باستقامتهما بالنّسبة إلى أربابهما ويجعل قوله تعالى ما من دابّة إلّا هو آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم شاهدا لهذا المعنى نعم إنّ من يحكم بوحدة الوجود لا يتحاشى من أمثال هذه الكلمات وما ظهر لهذا الفقير أنّ ماهيّات الممكنات عدمات مع الكمالات الوجوديّة المنعكسة عليها والممتزجة بها كما مرّ مفصّلا والله سبحانه يحقّ الحقّ وهو يهدي السّبيل.

(أيّها الولد) إنّ هذه العلوم والمعارف الّتي لم يتكلّم بها أحد من أهل الله لا صريحا ولا إشارة من أشرف المعارف وأكمل العلوم برزت في منصّة الظّهور بعد ألف سنة وكشفت عن وجه حقيقة الواجب تعالى وتقدّس وحقائق الممكنات النّقاب كما ينبغي ويحرى بحيث لا مخالفة فيها للكتاب والسّنّة ولا مباينة بينها وبين أقوال أهل الحقّ وكان المراد والمقصود من دعاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الّذي يشبه أن يكون صدوره عنه لتعليم الامّة حيث قال اللهمّ (١) أرنا حقائق الأشياء كما هي هو هذه الحقائق المبّينة في ضمن هذه العلوم المناسبة لمقام العبوديّة الدّالّة على الذّلّ والانكسار الملائم لحال العبيد وأيّ كمال وخير في رؤية العبد نفسه عين مولاه القادر بل هي تنبئ عن كمال فقد الأدب. (أيّها الولد) إنّ هذا الوقت لوقت كان في الامم السّابقة يبعث في مثل هذا الوقت المملوء بالظّلمة نبيّ من الأنبياء أولي العزم لإحياء الشّريعة وتجديدها وفي هذه الامّة الّتي هي خير الامم ونبيّهم خاتم الرّسل عليه وعلى آله الصّلوات والتّسليمات اعطي (٢) العلماء مرتبة أنبياء بني إسرائيل واكتفى بوجود العلماء من وجود الأنبياء ولهذا يتعيّن على رأس كلّ مائة مجدّد من علماء هذه الامّة لاحياء الشّريعة وعلى الخصوص بعد مضيّ ألف سنة فإنّه وقت بعثة نبيّ من الأنبياء أولي العزم في الامم السّابقة وما كان يكتفى فيه بأيّ نبيّ كان ففي مثل هذا الوقت يلزم أن يكون عالم عارف تامّ المعرفة ليكون قائما مقام نبيّ من الأنبياء أولي العزم من الامم السّابقة، (شعر):

لو جاء من فيض روح القدس من مدد ... خلا المسيح ليصنع مثل ما صنعا

أيّها الولد إنّ المقابل للوجود الصّرف هو العدم الصّرف وقد سبق أن الوجود الصّرف حقيقة واجب الوجود تعالى وتقدّس وانّه عين كلّ خير وكمال وإن لم يكن لملاحظة هذه العينيّة هناك مجال ولو

__________

(١) قوله اللهم ارنا حقائق الاشياء كما هى قبل لم يوجد له اصل بل هو من كلام بعض العارفين وقيل بل ذكره الغزالى في العلق المضنون والدهلوى ف مدارج النوبة فالنسبة إلى بعض العارفين غلط قلت ليت ذكر مخرجه وراويه حتى يتحقق الغلط. (القزاني رحمة الله عليه)

(٢) قوله اعطى العلماء الخ اشارة إلى ما اشتهر من ان امتى كانبياء بنى اسرائيل قال ابن حجر والذهبى والزركشى انه لا اصل له وقال الديمرى هذا الحديث لا يعرف له مخرج لكن في البخارى العلماء ورثة الانبياء ورواه ابو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم في صحيحه ولكن معناه صحيح كما لا يخفى على المتأمل واورده في الفتوحات في الباب ٤١ بلفظ وقد ورد في الخبر عن النبى صلعم ان علماء هذه الامة كانبياء بنى اسرائيل (القزاني رحمة الله عليه)

على سبيل الإجمال لوجود شائبة الظّلّيّة فيها والعدم الصّرف الّذي هو مقابل الوجود الصّرف لم يتطرّق إليه شيء من النّسبة والإضافة وعين كلّ شرّ ونقص وإن لم يكن لهذه العينيّة فيه أيضا مجال لوجود رائحة الإضافة فيها ومن المعلوم أنّ ظهور الشّيء على الوجه الأتمّ إنّما يتصوّر في مقابله الحقيقيّ والأشياء إنّما تتبيّن بضدّها فبالضّرورة يحصل ظهور الوجود على الأتمّ في مرآة العدم الصّرف ومن المقرّر أنّ النّزول على قدر العروج فمن تحقّق عروجه بعناية الله سبحانه إلى حضرة الوجود يكون نزوله بالضّرورة إلى العدم المقابل له لكن وقت العروج الّذي فيه استهلاك العارف الجهل لازم له ووقت النّزول الّذي هو متحقّق بالصّحو يكون متّصفا بالعلم والمعرفة لكونه مقامه وفي مقام الصّحو يتشرّف بالتّجلّي الذّاتيّ الّذي هو مبرّأ عن شائبة الظّلّيّة ومنزّه عن ملاحظة الشّئون والإعتبارات الذّاتيّة ويكون معلوما له أنّ جميع التّجلّيات الّتي قبله كانت في حجب ظلّ من ظلال الأسماء والصّفات والشّئون والإعتبارات وإن اعتقد العارف أنّها بلا ملاحظة الأسماء والصّفات والشّئون والإعتبارات وعدّها تجلّيات وجوديّة صرفة سبحان الله إنّ هذا العدم الّذي هو مأوى كلّ شرّ ونقص قد اكتسب الحسن بواسطة ظهور حضرة الوجود فيه ظهورا تامّا ونال ما لم ينله أحد وصار القبيح لذاته بواسطة الحسن العارض مستحسنا والنّفس الأمّارة الإنسانيّة الّتي هي مائلة بالذّات إلى الشّرّ فيها مناسبة من بين الكلّ لهذا العدم ولهذا صارت فائقة على الكلّ في التّجلّي الخاصّ وسابقة للكلّ في التّرقّي والإختصاص (ع) أحقّ الخلق بالكرم العصاة *

ينبغي أن يعلم أنّ العارف التّامّ المعرفة إذا نزل بعد طيّ مقامات العروج ومراتب النّزول تفصيلا إلى مقام العدم الصّرف وحصلت له مرآتيّة حضرة الوجود يظهر فيه جميع الكمالات الأسمائيّة والصّفاتيّة ويظهر جميعها تفصيلا مع لطائف كان مقام الإجمال متضمّنا لها * وهذه الدّولة لا تتيسّر لغيره وتلك المرآتيّة لباس فاخر مخيط على مقدار قدّه وصور هذا التّفصيل وإن كانت ثابتة في خزانة الحضرة العلميّة ولكنّها مرآتيّة في حضرة العلم ومرآتيّة هذا العارف في مرتبة الخارج حيث أظهر جميع الكمالات في الخارج.

فإن قيل: ما معنى كون العدم مرآة فإنّه لا شيئ محض فبأيّ اعتبار قيل له إنّه مرآة للوجود (أجيب) أنّ العدم باعتبار الخارج لا شيئ محض وأمّا في العلم فقد عرض له فيه امتياز بل حصل له وجود علميّ أيضا عند مثبتي الوجود الذّهنيّ وقيل له مرآة الوجود باعتبار أنّ كلّما يثبت من الشّرّ والنّقص في مرتبة العدم يكون مسلوبا عن الوجود الّذي هو نقيضه ألبتّة وكلّ كمال يكون مسلوبا عن مرتبة العدم يكون مثبتا في حضرة الوجود فلا جرم كان العدم سببا لظهور الكمالات الوجوديّة ولا معنى للمرآتيّة الّا هذا فافهم فإنّه ينفعك والله سبحانه الملهم.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!