موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(256) المكتوب السادس والخمسون والمائتان إلى الشيخ بديع الدين في جواب سؤاله عن القطب وقطب الأقطاب والغوث والخليفة وما يتعلق بذلك

 

 


المصطفويّة على صاحبها الصّلاة والسّلام والتّحيّة وإرادتهم بكلّيّتهم رفع بدعة من البدع غير المرضيّة فإنّ كلّا من السّنّة والبدعة ضدّ الاخرى ووجود احديهما مستلزم لانتفاء الاخرى فيكون احياء احديهما مستلزما لاماتة الاخرى فاحياء السّنّة موجب لاماتة البدعة وبالعكس فكيف تصحّ تسمية البدعة حسنة مع كونها مستلزمة لرفع السّنّة الّا أن يراد بالحسن الحسن النّسبيّ فإنّه لا مجال للحسن المظلق هنا؛ لأنّ جميع السّنن مراضي الحقّ سبحانه وتعالى وأضدادها مرضيّات الشّيطان وهذا الكلام وإن كان اليوم ثقيلا على الأكثرين بواسطة شيوع البدعة ولكنّهم سيعلمون غدا أنّنا على الهداية أو إيّاهم.

وورد أنّ المهديّ الموعود إذا أراد ترويج الدّين وإحياء السّنّة في زمان سلطنته يقول عالم المدينة الّذي اعتاد على العمل بالبدعة وظنّها حسنة وألحقها بالدّين بهذا الظّنّ متعجّبا انّ هذا الرّجل يريد رفع ديننا وإزالة ملّتنا فيأمر المهديّ بقتله ويرى ما اعتقد أنّه حسن سيّئا ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم والسّلام عليكم وعلى سائر من لديكم.

وقد غلب النّسيان على الفقير حتّى لا أعلم الآن إلى من فوّضت مكتوبكم فأكتب جواب الإستفسارات فيرجى مسامحتكم والشّيخ ميان أحمد الغرمليّ من المحبّين وحيث انّه واقع في جواركم ينبغي رعاية الإلتفات والتّوجّه في حقّه.

(٢٥٦) المكتوب السّادس والخمسون والمائتان إلى الشّيخ بديع الدّين في جواب سؤاله عن القطب وقطب الأقطاب والغوث والخليفة وما يتعلّق بذلك

الحمد لله والسّلام على عباده الّذين اصطفى وصل المكتوب الشّريف المرسل صحبة الدّرويش فأورث فرحا وافرا وسئلت عن معنى القطب وقطب الأقطاب والغوث والخليفة وعن خدمة كلّ منهم ووظيفته وأنّه هل لهم اطّلاع على خدمتهم أم لا والبشارة بقطبيّة الأقطاب الّتي تجيء من عالم الغيب هل لها أصل أو هي من اختراع الخيال والوهم.

(ينبغي) أن يعلم أن كمّل اتباع نبيّ عليه وعليهم الصّلاة والسّلام إذا أتمّوا بالتّبعيّة مقام النّبوّة يشرّف بعضهم بمنصب الإمامة وبعضهم يكتفي بمجرّد حصول ذلك الكمال وهذان المعظّمان متساويان في نفس حصول ذلك الكمال وإنّما التّفاوت في حصول المنصب وعدمه وفي أمور تتعلّق بذلك المنصب وإذا أتمّ الاتباع الكمّل كمالات الولاية يشرّف بعضهم بمنصب الخلافة ويكتفي بعضهم بمجرّد حصول تلك الكمالات كما مرّ آنفا وكلّ من هذين المنصبين يتعلّق بالكمالات الأصليّة. وأمّا في الكمالات الظّلّيّة فالمناسب لمنصب الإمامة يعني لان يكون حذاءه وظلّه هو منصب قطب الإرشاد والمناسب لمنصب

الخلافة منصب قطب المدار وكأنّ هذين المقامين التّحتانيّين ظلال ذينك المقامين الفوقانيّين. (والغوث) عند الشّيخ محيي الدّين بن عربيّ قدّس سرّه هو قطب المدار المذكور وليست الغوثيّة عنده منصبا على حدة وممتازة عن منصب القطبيّة وما هو معتقد الفقير أنّ الغوث غير قطب المدار بل هو ممدّه ومعاونه في أموره وشئونه

وقطب المدار يستمدّ منه في بعض الامور، وفي تعيين مناصب الأبدال ونصبهم له دخل أيضا ويقال للقطب باعتبار الأعوان والأنصار قطب الأقطاب أيضا لأنّ أعوان قطب الأقطاب وأنصاره حكّام ومن هنا قال صاحب الفتوحات المكّيّة: ما من قرية مؤمنة كانت أو كافرة الّا وفيها قطب.

(واعلم) أنّ صاحب المنصب صاحب علم البتّة وأمّا الّذي فيه كمال ذلك المنصب دون نفس المنصب فلا يلزم كونه من أرباب العلم وكونه مطّلعا على خدماته. والبشارة الّتي تصل من عالم الغيب هي بشارة حصول كمالات ذلك المقام لا بشارة حصول منصب ذلك المقام الّتي هي منوطة بالعلم (وسألت) أيضا أنّه ما المراد بالإيمان الواقع في حديث (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أمّتي لرجح) وما سبب رجحان الإيمان بواسطة رجحان المؤمن به وحيث كان متعلّق إيمان أبي بكر فوق متعلّقات إيمان الامّة يكون راجحا ألبتّة (أيّها المخدوم) إنّ معاملة السّالك قد تبلغ في عروجاته مبلغا لو تفوّق منه مقدار نقطة تكون الكمالات الّتي تحصل بسبب هذا العروج والتّفوّق أزيد من جميع الكمالات السّابقة لأنّ تلك النّقطة أزيد من جميع ما تحتها وكذلك حال النّقطة الّتي فوق هذه النّقطة فإنّ هذه النّقطة حقيرة في جنبها وعلى هذا القياس فمن كان متعلّق إيمانه كمال الفوق وغايته يكون راجحا البتّة على جميع ما تحته. ومن هنا قالوا: تبلغ معاملة العارف مبلغا يكتسب في طرفة العين مثل جميع كمالاته المتقدّمة وعلى مقياس تحقيق الفقير يحصل في لمحة أزيد من جميع الكمالات المتقدّمة ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١) (وسألت) أيضا أنّه ذكر الشّيخ ابن عربيّ واتباعه: إنّ الأطفال الّذين قتلوا بسبب موسى على نبيّنا وعليهم الصّلاة والسّلام انتقلت استعدادات كلّهم إلى موسى عليه السّلام فنرجو تحرير حقيقة هذا الكلام بالتّفصيل؟ (اعلم) أنّ هذا الكلام أصيل لأنّه مكتوب بالتّحقيق فكما أنّ شخصا واحدا يجعل سببا لحصول الكمالات لجماعة كذلك نجعل الجماعة سببا لحصول الكمالات لشخص واحد فإنّ الشّيخ وإن كان سببا لحصول الكمالات للمريدين ولكنّ المريدين أيضا أسباب لحصول الكمالات للشّيخ وهذا الفقير أحسّ هذا المعنى في المأكولات والمشروبات الّتي صارت أجزاء بدنه بحيث كلّما تناوله من طعام أو شراب صار ذلك سببا لجامعيّة استعداده وظهرت به قابليّة أخرى فإذا قصد في بعض الأوقات ترك المأكولات اللّذيذة منع من ذلك بواسطة تحصيل هذه الجامعيّة ولم يؤذن له بترك ذلك الطّعام اللّذيذ

__________

(١) الآية: ٢١ من سورة الحديد، والآية: ٤ من سورة الجمعة.

بسبب حصول تلك القابليّة وكم من استعداد انتقل من شخص إلى آخر كلّا او بعضا وصار محسوسا أنّ ذلك الشّخص بقي خاليا وحصّل الآخر جمعيّة.

وسألت أيضا أنّ الشّيخ (١) نجم الدّين الكبرى أرسل واحدا من مريديه عند واحد من الأعزّة ليستفهم منه أنّه تحت قدم أيّ نبيّ فقال له الشّيخ المرسل إليه: في أيّ شغل جهودك؟

ففهم الشّيخ نجم الدّين من هذا الكلام أنّه تحت قدم موسى على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام بأيّ وجه يفهم هذا المعنى من هذه العبارة (اعلم) أنّ الجهود يطلق على اليهود وهم من أمّة موسى عليه السّلام (وسألت) أيضا أنّه كتب في النّفحات أنّ ولاية جميع الأولياء تسلب بعد الموت الّا ولاية أربعة منهم (اعلم) أنّه يمكن أن يكون مراده بالولاية التّصرّفات وظهور الكرامات لا أصل الولاية الّتي هي عبارة عن قرب إلهيّ جلّ سلطانه وأن يكون مراده بالسّلب أيضا سلب كثرة ظهور الكرامات لا سلب أصل الظّهور مع أنّ هذا الكلام كشفيّ ومجال الخطأ كثير في الكشف فلا يدرى ماذا رأى وماذا فهم (وطلبت) ظهور بعض كرامات الأولياء فكن منتظرا سيجعل الله بعد عسر يسرا. وسألت أنّه قال في تفسير النّيسابوريّ: إنّ شانيك هو الأبتر بالياء فما التّحقيق فيه بالياء أو بالهمزة؟ (اعلم) أنّه بالهمزة والّذي كتب بالياء يمكن أن يكون قراءة غير مشهورة. وكتبت أنّ بعض النّساء يطلبن الإشتغال بالطّريقة فإن كنّ محارم فما المانع والّا يقعدن وراء الحجاب ويأخذن الطّريقة (وسألت) أنّ أرباب الحديث أثبتوا في كلّ شهر أيّاما منهيّة ونقلوا الحديث في هذا الباب فماذا نفعل (قال) والد الفقير قدّس سرّه: إنّ الشّيخ عبد الله والشّيخ رحمة الله اللّذين كانا من أكابر المحدّثين ولقّبا في الحرمين بالشّيخين وردّا إلى الهند وقالا: إنّ هذا الحديث نقله الكرمانيّ شارح البخاريّ لكنّه ضعيف (٢).

والحديث الصّحيح في هذا الباب الأيّام أيّام الله والعباد عباد الله وقالا أيضا: إنّ نحوسة الأيّام زالت وارتفعت بولادة من أرسل رحمة للعالمين عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام وكانت نحوسة الأيّام بالنّسبة إلى

__________

(١) نقل انه لما اشتهرت جذبة الشيخ مصلح الدين الحجندى ارسل الشيخ نجم الدين الكبرى واحدا من مريديه لرؤيته وقال له كلما تسمعه منه اعرض على فلما وصل المريد اليه سئله الشيخ عن بلده فقال من خوارزم فقال الشيخ آن جهود خوشيت يعنى كيف ذاك اليهودى طيب اراد به الشيخ نجم الدين الكبرى فلما رجع المريد اليه وعرض كلام المجذوب عليه فرح فرحا كثيرا وطاب وقته وقال كنت مدة مديدة في التردد وما كنت اعرف بانى على قدم اى نبى من الانبياء فعلمت من اشارته بانى على قدم موسى عليه السلام انتهى معربا من سلسلة العارفين لمولانا القاضى محمد اكبر خلفاء الخواجه احرار قدس سرهما (القزاني رحمة الله عليه)

(٢) قوله لكنه ضعيف الخ قال المخرج والذى ورد في الايام مرفوعا يوم السبت يوم مكر وخديعة ويم الاخر يوم عرس وبناء الحديث اخرجه ابو يعلى من حديث ابن عباس بنسد ضعيف وكذا يوم الاربعاء يوم نحس مستمر اخرجه الطبرانى في الاوسط عن جابر قال السخاوى لا اصل له وقال الفطنى في تذكرة الموضوعات سئل ابن حجر عن حديث ابن عباس في قوله تعالى في ايام نحسات الايام كلها خلق الله بعضها سعودا وبعضها نحوسا الخ فاجاب ان هذا كذب إلى ابن عباس رضى الله عنهما (القزاني رحمة الله عليه)



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!