موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(273) المكتوب الثالث والسبعون والمائتان إلى المرزا حسام الدين أحمد في بيان أنه ينبغي للسالك أن يكون ثابتا ومستقيما على طريق شيخه غير ملتفت إلى طرق أخر وأن لا يعتبر الوقائع التي تظهر على خلافه فإنها من الشيطان العدو وما يناسب ذلك

 

 


فإن قيل: قال العلماء: إنّ الإيمان الاستدلاليّ أفضل من الإيمان التّقليديّ حتّى إنّ كثيرا من العلماء عدّوا الإستدلال من شرائط الإيمان ولم يعتبروا الإيمان التّقليديّ وأنت تقول: إنّ الإيمان التّقليديّ أفضل؟

(أجيب) انّ الإيمان الحاصل بتقليد الأنبياء عليهم السّلام إيمان استدلاليّ فإنّ صاحب التّقليد يعرف بالدّليل أنّ الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام صادقون في تبليغ الرّسالة من الله تعالى فإنّ الشّخص الّذي صدّقه الله سبحانه بالمعجزة صادق ألّبتّة والأنبياء عليهم السّلام كلّهم مؤيّدون بالمعجزات فيكون كلّهم صادقين والتّقليد الغير المعتبر هو تقليد الآباء في الإيمان فقط ولا يكون صدق الأنبياء عليهم السّلام وحقّيّة تبليغهم منظورا إليه أصلا وهذا الإيمان غير معتبر عند كثير من العلماء بقي الإيمان الإستدلاليّ الحاصل من ترتيب مقدّمات ارباب النّظر من الصّغرى والكبرى فهو استدلال قريب من الأماكن بعيد عن الوقوع ولا يعلم مضىّ أحد من أرباب النّظر في مقام الإستدلال على إثبات الواجب مثل مولانا جلال الدّين الدّوانيّ فإنّه محقّق ومتأخّر الزّمان وقد سعى هو في إثبات الواجب سعيا بليغا ومع ذلك لا يوجد مقدّمة من مقدّمات استدلالاته مسلّمة من النّقض والمعارضة والمنع والدّخل الموجّه الّتي أوردها محشوّ رسالته ويل لصاحب استدلال يحصّل الإيمان بمجرّد الإستدلال ولا يكون تقليد الأنبياء مستنده ومعتمده ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرّسول فاكتبنا مع الشّاهدين.

(٢٧٣) المكتوب الثّالث والسّبعون والمائتان إلى المرزا حسام الدّين أحمد في بيان أنّه ينبغي للسّالك أن يكون ثابتا ومستقيما على طريق شيخه غير ملتفت إلى طرق أخر وأن لا يعتبر الوقائع الّتي تظهر على خلافه فإنّها من الشّيطان العدوّ وما يناسب ذلك

الحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ عليهم من الصّلوات أتمّها ومن التّسليمات أكملها قد حصل السّرور والإبتهاج بوصول صحيفة الإلتفات المرسلة باسم هذا الحقير على وجه الكرم جزاكم الله سبحانه خير الجزاء وقد اندرج فيها أنّه لو كانت المبالغة في منع السّماع متضمّنة للمنع عن سماع المولد الّذي هو عبارة عن قراءة القصائد النّعتيّة والأشعار غير النّعتيّة يعسر ترك استماع المولد على الأخ الأعزّ المير محمّد نعمان وبعض الأصحاب الموجودين هنا لأنّهم رأوا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الواقعة وهو صلّى الله عليه وسلّم راض عن مجلس المولد جدّا ويصعب عليهم ترك ذلك جدّا (أيّها المخدوم) لو كان للوقائع اعتبار وعلى المنامات اعتماد لا يحتاج المريدون إلى الشّيوخ ويكون اختيار طريق من الطّرق عبثا فإنّ كلّ مريد يعمل حينئذ بما يوافق وقائعه ويطابق لمناماته سواء كانت تلك الوقائع والمنامات موافقة لطريقة شيخه أو لا، وسواء كانت مرضيّة عنده أو لا فعلى هذا التّقدير تبطل سلسلة الشّيخوخة والمريديّة وكلّ ذى هوس يستقلّ بوضعه ويستبدّ بطوره والمريد

الصّادق لا يكون عنده لألف واقعة صادقة مقدار نصف شعيرة من الإعتبار مع وجود شيخه وتكون المنامات عند الطّالب الرّشيد مع دولة حضور المرشد معدودة من أضغاث أحلام ولا يلتفت إلى شيء منها أصلا الشّيطان عدوّ قويّ لا يأمن المنتهون من كيده ولا يزالون خائفين وجلين من مكره فماذا نقول في حقّ المبتدئين والمتوسّطين (غاية) ما في الباب أنّ المنتهين محفوظون ومن سلطان الشّيطان مصونون بخلاف المبتدئين والمتوسّطين فلا تكون وقائعهم مستحقّة للاعتماد ومحفوظة عن مكر عدوّ شديد العناد.

فإن قيل: إنّ الواقعة الّتي يرى فيها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صادقة ومحفوظة من كيد الشّيطان ومكره فإنّ الشّيطان (١) لا يتمثّل بصورته كما ورد فتكون وقائع ما نحن فيه صادقة ومحفوظة من مكر الشّيطان.

أجيب أنّ صاحب الفتوحات المكّيّة جعل عدم تمثّل الشّيطان مخصوصا بصورته صلّى الله عليه وسلّم الخاصّة به المدفونة في المدينة ولا يجوز الحكم بعدم تمثّله مطلقا على أيّ صورة كان ولا شكّ أنّ تشخيص تلك الصّورة على صاحبها الصّلاة والسّلام خصوصا في المنام متعسّر جدّا فكيف تكون مستحقّة للاعتماد فإن لم نجعل عدم تمثّل الشّيطان مخصوصا بصورته صلّى الله عليه وسلّم الخاصّة به وجوّزنا عدم تمثّله به على أيّ صورة كان ذهب إليه كثير من العلماء ومناسب أيضا لرفعة شأنه صلّى الله عليه وسلّم نقول: إنّ أخذ الأحكام عن تلك الصّورة وإدراك المرضيّ وغير المرضيّ له من المشكلات فإنّه يمكن أن يكون العدوّ اللّعين متوسّطا في البين ومريئا لخلاف الواقع واقعيّا وموقعا للرّائي في الإشتباه والإلتباس بتلبيس عبارته وإشارته بعبارة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإشارته كما روي (٢) أنّ سيّد البشر عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام كان يوما جالسا وكان عنده صناديد قريش ورؤساء أهل الكفر وكثير من الأصحاب أيضا فقرأ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليهم سورة النّجم ولمّا بلغ ذكر آلهتهم الباطلة ضمّ الشّيطان اللّعين كلمات في مدح آلهتهم الباطلة إلى قراءته صلّى الله عليه وسلّم على نهج ظنّها الحاضرون من قراءته عليه الصّلاة والسّلام ولم يجدوا إلى تميّزه سبيلا أصلا ففرح الكافرون وقالوا: إنّ محمّدا صالحنا ومدح آلهتنا وتحيّر منه الحاضرون من أهل الإسلام أيضا ولم يطّلع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على كلام الشّيطان اللّعين هذا فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما الواقعة فعرض الأصحاب الكرام عليه صلّى الله عليه وسلّم أنّ هذه الفقرات قد ظهرت في أثناء كلامك فحزن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على ذلك

__________

(١) رواه الشيخان عن ابى هريرة رضى الله عنه.

(٢) هذه الصة مذكورة في جميع كتب السير وكافة التفاسير وفيها بين العلماء اختلافات كثيرة واحسن المذكورة فيها ما ذكره الامام قدس سره هنا من ان الشيطان اللعين ضم تلك الزيادة من قبل نفسه محاكيا نغمته وصوته بنغمة النبى وصوته عليه الصلاة والسّلام اثناء قراءته لانه كان يرتل القرآن ترتيلا تاما ليفهموا لا انه القاها إلى النبى صلى الله عليه وسلم فاشتبه له صلى الله عليه وسلم بالقاء جبريل فقرأها حاشا جناب الرسالة من ذلك وهذا ما عليه المحققون (القزاني رحمة الله عليه)

فجاء جبريل عليه السّلام بالوحي لبيان أنّ ذلك الكلام كان إلقاء شيطانيّا وذلك قوله تعالى (وما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إِلّا إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) الآيات الأربع

فإذا ألقى الشّيطان كلامه الباطل في أثناء قراءته صلّى الله عليه وسلّم في زمان حياته وفي حالة يقظته وفي محضر الصّحابة بحيث لا يمتاز من قراءته صلّى الله عليه وسلّم فمن أين يدرى أنّ تلك الواقعة محفوظة من تصرّف الشّيطان ومصونة من تلبيسه مع كونها بعد وفاته صلّى الله عليه سلّم وفي حالة المنام الّتي هي حالة تعطيل الحواسّ ومحلّ الإشتباه والإلتباس ووجود انفراد الرّأي عن سائر النّاس (أو نقول) إنّ كونه صلّى الله عليه سلّم راضيا بهذا العمل كما يرضى الممدوح عن المادحين لمّا كان متمكّنا في أذهان قارئ القصائد وسامعها ومنتقشا في متخيّلاتهم جاز أن تكون تلك الصّورة المرئيّة في الواقعة هي الصّورة المنتقشة في متخيّلاتهم من غير أن تكون لتلك الواقعة حقيقة وتمثّل شيطانىّ وأيضا إنّ الواقعات والرّؤيا قد تكون محمولة على ظاهرها وحقيقتها وهي الّتي يراها الرّائي بعينها كما إذا رأى مثلا صورة زيد في المنام وكان المراد بها هو عين حقيقة زيد وقد تصرف عن الظّاهر وتحمل على التّأويل والتّعبير كما إذا رأى صورة زيد مثلا في المنام وأريد بها عمر ومثلا بعلاقة المناسبة بينهما فمن أين يعلم أنّ واقعة الأصحاب محمولة على الظّاهر غير مصروفة عنه ولم لا يجوز أن يكون المراد بها الوقائع المحتاجة إلى التّعبير وأن تكون كناية عن أمور أخرى من غير أن يكون لتمثّل الشّيطان فيها مجال وبالجملة ينبغي أن لا يكون مدار الإعتبار على الواقعة فإنّ الأشياء موجودة في الخارج فينبغي السّعي حتّى ترى الأشياء في الخارج فإنّ ذلك هو اللّائق بالإعتماد وليس فيه مجال التّعبير وما يرى في الخيال فهو منام وخيال وأصحابنا هناك يعاملون بوضعهم ورأيهم من مدّة مديدة وزمام الإختيار بأيديهم وأمّا المير محمّد نعمان فما المخلّص له غير الإنقياد فإن توقّفوا عن الإمتناع فرضا لمحة بعد المنع عياذا بالله سبحانه فننظر إلى من يفرّون وبمن يلوذون. ومبالغة الفقير إنّما هي بسبب مخالفة طريقته سواء كانت المخالفة بالسّماع والرّقص أو بقراءة الموالد وإنشاء القصائد ولكلّ طريق وصول إلى مطلب خاصّ به والوصول إلى المطلب الخاصّ بهذا الطّريق المتوسّط منوط بترك هذه الامور فكلّ من فيه طلب مطلب هذا الطّريق ينبغي أن يجتنب عن مخالفة هذا الطّريق وأن لا تكون مطالب طرق أخر منظورة في نظره. قال الخواجه بهاء الدّين النّقشبند قدّس سرّه: ما نه اينكار ميكنيم ونه انكار ميكنيم. يعني نحن ما نفعل هذا الأمر لكونه مخالفا للطّريق الخاصّ بنا ولا ننكره أيضا لكونه معمولا عند مشائخ أخر ولكلّ وجهة هو مولّيها فإذا حدث أمر مخالف لهذه الطّريقة العليّة في فيروز آباد الّذي هو ملجأ وملاذ لامثالنا الفقراء ومقرّ قدوة أرباب المتابعة الضّعفاء لا جرم يكون موجبا لاضطراب أمثالنا الفقراء ألبتّة. والمخاديم الكرام أحقّاء بالقيام بحفظ طريق والدهم الماجد كما أنّ أولاد الخواجه احرار قدّس سرّه قاموا بحفظ الطّريق الأصل بعد عروض التّغيّر لطريق والدهم الماجد بعد وفاته وجادلوا المغيّرين كما أنّه وصل إلى سمعكم الشّريف أيضا إن شاء الله وكتبتم شيئا من مشرب شيخنا القويّ العذب نعم إنّه تساهل في أوائل حاله في بعض الامور ميلا منه إلى



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!