موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(301) المكتوب الحادي والثلاثمائة إلى مولانا أمان الله في بيان قرب النبوة وقرب الولاية والطرق الموصلة إلى قرب النبوة

 

 


اسمع أيّها الولد: أنّ مرآة الصّورة الّتي ينعكس فيها الحسن والجمال لو حصل لها فرضا الحياة والعلم، يعني لو أدركت ظهور الحسن والجمال فيها لكانت بالضّرورة متلذّذة به ومحتظّة بحظّ‍ أوفر، وفي مرآة الحقيقة وإن كانت اللّذّة والألم مفقودين لكونهما من صفات الإمكان، ولكنّ الأمر اللّائق بتلك المرتبة العليا المبرّأ عن سمات النّقص والحدوث كائن وثابت فيها (شعر):

خليلي ما هذا بهزل وإنّما ... حديث عجيب من غريب البدائع

وهذه الكمالات الظّاهرة الّتي حصلت لها في تلك المرتبة النّسبة المجهولة الكيفيّة حكمها كحكم عالم الخلق الإنسانيّ بالنّسبة إلى عالم الأمر وسرّ“من عرف نفسه فقد عرف ربّه”موجود وحاصل هنا ولمّا حصلت لهذه الكمالات الظّاهرة الّتي هي تفصيل إجمال حضرة الذّات تعالت وتقدّست نسبة مجهولة الكيفيّة بحضرة الإجمال وتيسّر لها اتّصال بلا كيف وصارت مرآة لحضرة الإجمال ظهر في حضرة الإجمال التّفصيل أيضا بالضّرورة بمجرّد الإعتبار وبمحض التّوهّم وصار سببا لعروج:“أنا” العارف وهذا الكمال مربوط‍ بمقام أو أدنى (ع) بلغ اليراع إلى هنا فتكسّرا*

وهذا هو بيان نهاية النّهاية وغاية الغاية الّذي فهمه بعيد عن إدراك الخواصّ بمراحل، فماذا تقول من العوامّ؟! والّذي اهتدى إلى هذه الدّولة والمعرفة من أخصّ الخواصّ أيضا أقلّ قليل (شعر)

وإذا أتى باب العجوز خليفة ... إيّاك يا صاح ونتف سبالكا

وهذه النّهاية باعتبار الظّهورات والتّجلّيات لا يتصوّر بعد ذلك تجلّ ولا ظهور (شعر)

ومن بعد هذا ما يدقّ صفاته ... وما كتمه أحظى لديّ وأجمل

وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى آل كلّ والملائكة المقرّبين من الصّلوات أتمّها وأولاها ومن التّسليمات أكملها وأعلاها ومن التّجلّيات أدومها وأبقاها، ومن البركات أعمّها وأشملها.

(٣٠١) المكتوب الحادي والثّلاثمائة إلى مولانا أمان الله في بيان قرب النّبوّة وقرب الولاية والطّرق الموصّلة إلى قرب النّبوّة

بعد الحمد والصّلوات ليعلم ولدي أمان الله أنّ النّبوّة عبارة عن القرب الإلهيّ جلّ سلطانه الّذي ليس فيه شائبة الظّلّيّة وعروجه ناظر ومتوجّه إلى الحقّ ونزوله إلى الخلق، وهذا القرب نصيب الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام بالأصالة، وهذا المنصب مخصوص بهؤلاء الأكابر عليهم السّلام وخاتم هذا

المنصب سيّد البشر صلّى الله عليه وسلّم ويكون عيسى عليه السّلام بعد نزوله تابعا لشريعة خاتم الرّسل.

غاية ما في الباب: أنّ للأتباع والخدّام نصيبا من دولة المتبوعين والمخاديم وحصّتهم فيكون لكمّل الأتباع أيضا نصيب من قرب الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام ويكون من علوم ذلك المقام ومعارفه وكمالاته أيضا نصيب لهم بطريق الوراثة (ع) وللأرض من كأس الكرام نصيب * فحصول كمالات النّبوّة للأتباع بطريق التّبعيّة والوراثة بعد بعثة خاتم الرّسل عليه وعليهم الصّلاة والسّلام ليس بمناف لخاتميّته صلّى الله عليه وسلّم فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. (اعلم) أسعدك الله: أنّ الطّريق الموصل إلى كمالات النّبوّة اثنان:

طريق مربوط بطيّ كمالات مقام الولاية مفصّلة، ومنوط بحصول التّجلّيات الظّلّيّة والمعارف السّكريّة الّتي هي مناسبة بقرب الولاية وبعد طيّ هذه الكمالات وحصول التّجلّيات يوضع القدم في كمالات النّبوّة وفي هذا المقام وصول بالأصل والإلتفات إلى الظّلّ ذنب. والطّريق الثّاني: هو الّذي يتيسّر فيه الوصول إلى كمالات النّبوّة بدون توسّط حصول كمالات الولاية وهذا الطّريق الثّاني طريق سلطانيّ وأقرب إلى الوصول، وكلّ من وصل إلى كمالات النّبوّة الّا ما شاء الله وصل من هذا الطّريق من الأنبياء العظام والصّحابة الكرام بتبعيّتهم ووراثتهم.

والطّريق الأوّل بعيد وطويل وعسير الحصول ومتعذّر الوصول وقد تخيّل طائفة من الأولياء في مقام الولاية الّذين تشرّفوا بشرف النّزول أنّ الكمالات الّتي تتعلّق بمقام النّزول هي كمالات النّبوّة، وظنّوا التّوجّه إلى الخلق الّذي هو مناسب لمقام الدّعوة أنّه من خصائص مقام النّبوّة وليس كذلك، بل هذا النّزول كالعروج من مقام الولاية وفوق مقام الولاية عروج ونزول غير ذينك يتعلّقان بالنّبوّة، وهذا التّوجّه إلى الخلق غير ذاك التّوجّه إلى الخلق الّذي هو مناسب لمقام النّبوّة، وهذه الدّعوة غير تلك الدّعوة الّتي عدّوها من كمالات النّبوّة وماذا يصنعون فإنّهم لم يضعوا أقدامهم في خارج دائرة الولاية ولم يدركوا حقيقة كمالات النّبوّة وظنّوا نصف الولاية الّذي هو جانب العروج تمام الولاية وزعموا نصفها الآخر الّذي هو جانب النّزول مقام النّبوّة (شعر):

وليس لشيء كامن جوف صخرة ... سواها سموات لديه ولا أرض

ويمكن أن يتيسّر الوصول لشخص بالطّريق الأوّل ويجمع كمالات الولاية والنّبوّة المفصّلة ويحصل له تمييز ما بين كمالات هذين المقامين كما ينبغي، ويفرّق بين عروج كلّ منهما ونزولهما ويحكم أنّ نبوّة نبيّ أفضل من ولايته. ينبغي أن يعلم: أنّ كمالات مقام الولاية المفصّلة وإن لم تكن حاصلة بعد الوصول بالطّريق الثّاني ولكن زبدة الولاية وخلاصتها ميسّرة بأحسن الوجوه بحيث يمكن أن يقال: إنّ أهل الولاية حصّلوا من كمالات الولاية قشرها، وهذا الواصل حاز لبّها.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!