موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(9) المكتوب التاسع إلى الملا عارف الختني في بيان فضائل الكلمة الطيبة «لا إله إلا الله» وتحقيق مقام التنزيه وبيان أن الإيمان بالغيب إنما يتحقق إذا انتهت المعاملة إلى الاقربية فإن تلك المعاملة خارجة عن حيطة الوهم والخيال

 

 


ولا خَمْسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُمْ ولا أَدْنى مِنْ ذلِكَ ولا أَكْثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا (١) وقربه ومعيّته تعالى منزّهان كذاته سبحانه عن الكيف والمثال فإنّه لا سبيل للكيف إلى اللّاكيفيّ فكلّ ما يدرك من معنى القرب والمعيّة بفهمنا وعقلنا أو يدخل في حيطة كشفنا وشهودنا فهو تعالى منزّه ومبرّأ عن ذلك المعنى الذي له قدم في مذهب المجسّمة ونؤمن أنّه تعالى قريب منّا وأنّه تعالى معنا لا ندري معنى القرب والمعيّة أنّه ما هو ونهاية نصيب الكمّل في هذه النّشأة هي الإيمان بالغيب بذاته وصفاته تعالى. (شعر)

وما فاه أرباب النّهى والحجى بما ... سوى أنّه الموجود لا ربّ غيره

والايمان بالغيب الذي هو نصيب أخصّ الخواصّ ليس كإيمان العوامّ بالغيب فإنّ إيمان العوامّ بالغيب إنّما يحصل بالسّماع أو بالاستدلال وأخصّ الخواصّ حصّل إيمان الغيب بمطالعة غيب الغيب في حجب ظلال الجمال (٢) والجلال (٣) ووراء سرادقات الظّهورات والتّجلّيات. (وأمّا المتوسّطون) فهم مسرورون بالايمان الشّهوديّ ظانّين الظّلال أصلا والتّجلّيات عين المتجلّي والإيمان بالغيب نصيب الاعداء في حقّهم يعني عندهم كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٤) والباعث على التّصديع أنّ مولانا عبد الغفور ومولانا الحاجّ محمّدا من الاصحاب المخصوصين فكلّ إحسان من كلّ يقع في حقّ المشار إليهما موجب لامتنان الفقير [ع] لا عسر في أمر مع الكرام * والسّلام

(٩) المكتوب التّاسع إلى الملّا عارف الختنيّ في بيان فضائل الكلمة الطّيّبة «لا إله إلّا الله» وتحقيق مقام التّنزيه وبيان أنّ الإيمان بالغيب إنّما يتحقّق إذا انتهت المعاملة إلى الاقربيّة فإنّ تلك المعاملة خارجة عن حيطة الوهم والخيال

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. (لينف) مولانا عارف الختنيّ أوّلا الآلهة الباطلة وليثبت ثانيا المعبود بالحقّ جلّ سلطانه وكلّ ما هو متّسم بسمة الكيف والكمّ ينبغي إدخالها تحت كلمة " لا».

__________

(١) المجادلة: ٧

(٢) الجمال: هو تجليه بوجهه لذاته فلجماله المطلق جلال هو قهاريته للكل عند تجليه بوجهه فلم يبق أحد حتى يراه وهو علو الجمال، وله دنو يدنو به منا وهو ظهوره في الكل. ولما كان في الجمال ونعوته معني الدنو لزمه اللطف والرحمة والعطف من الحضرة الإلهية والأنس منا. الكاشاني: المعجم: ٦٦.

(٣) الجلال: هو احتجاب اللحق سبحانه عنا بعزته أمن نعرفه بحقيقته وهويته كما يعرف هو ذاته، فإن ذاته - سبحانه - لا يراها أحد على ما هي عليه إلا هو. ولم كان في الجلال ونعوته معن الإحتجاب والعزة لزمه العلو والقهر من الحضرة الإلهية والخضوع والهيبة منا. الكاشاني: المعجم: ٦٦.

(٤) المؤمنون: ٥٣

وتحصيل الإيمان بأنّه منزّه عن الكيف والمثال وأتمّ العبارات في النّفي والاثبات الكلمة الطّيّبة “ لا إله إلّا الله ” قال النّبيّ عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام “ أفضل الذّكر لا إله إلّا الله» (١). وقال عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام حاكيا عن الله سبحانه ” لو أنّ السّموات السّبع وعامرهنّ غيري والارضين السّبع وضعن في كفّة و“ لا إله إلّا الله ” في كفّة لمالت بهنّ " لا إله إلّا الله» (٢) وكيف لا تكون أفضل وكيف لا تكون أرجح؟! فإنّ كلمة منها تنفي جميع ما سواه تعالى سواء أكان سموات أو أرضين أو عرشا أو كرسيّا أو لوحا أو قلما أو عالما أو آدم وكلمة أخرى منها تثبت المعبود بالحقّ جلّ برهانه الذي هو خالق السّموات والارضين وما سوى الحقّ جلّ وعلا من الآفاق والانفس كلّه متّسم بسمة الكيف والكمّ فكلّ ما يتجلّي في مرايا الآفاق والانفس يكون كيفيّا وكمّيّا بالضّرورة فيكون مستحقّا للنّفي فمعلومنا وموهومنا ومشهودنا ومحسوسنا كلّها متّصفة بالكيف والمثال ومكتنفة بعيوب الحدوث والامكان فإنّ معلومنا ومحسوسنا منحوت ومجعول والتّنزيه الذي يتعلّق علمنا به عين تشبيه والكمال الذي هو على مقدار فهمنا عين نقص كلّ ما يكون متجلّيا لنا أو مكشوفا أو مشهودا فهو غير الحقّ سبحانه وتعالى وهو تعالى وراء الوراء قال الله تبارك وتعالى حكاية عن الخليل عليه السّلام أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ والله خَلَقَكُمْ وما تَعْمَلُونَ (٣) ومنحوتنا كلّه مخلوق الحقّ سبحانه وتعالى سواء نحتّناه بأيدينا أو بعقولنا وأوهامنا ليس بمستحقّ للعبادة والمستحقّ للعبادة إنّما هو الإله المنزّه عن الكيف والمثال الذي يد وهمنا قاصرة عن الوصول إلى ذيل إدراكه وعيون كشفنا وشهودنا متحيّرة وعاجزة عن شهود عظمته وجلاله تعالى فالايمان بمثل هذا الإله المنزّه عن الكيف والمثال لا يتيسّر إلّا بطريق الغيب فإنّ الإيمان الشّهوديّ ليس إيمانا به تعالى بل هو إيمان بمنحوت نفسه الذي هو من مخلوقاته تعالى وإشراك الإيمان بغيره بالايمان به تعالى بل ايمان بغيره تعالى فقط اعاذ الله سبحانه من ذلك وانّما يتيسّر الإيمان بالغيب إذا لم يبق للوهم السّريع السّير مجال فيه ولم ينتقش منه شيء في المتخيّلة وهذا المعنى متحقّق في الاقربيّة الّتي هي خارجة عن حيطة الوهم والخيال فإنّ الشّيء كلّما يكون أبعد يكون مجال الوهم فيه أزيد وأوسع ويكون في الدخول تحت سلطنة الخيال أقرب وأسرع. (وهذه الدولة) مخصوصة بالانبياء عليهم الصّلاة والسّلام والايمان بالغيب نصيب هؤلاء الاكابر عليهم الصّلوات والتّسليمات بالاصالة وقد يشرّف به كلّ من أريد في حقّه ذلك

__________

(١) سنن الترمذي: ك: أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ب: ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة. ح ٣٤٤٣. عن جابر - رضي الله عنه - مرفوعا وقال: حسن غريب. سنن ابن ماجه ك: الأدب ب: فضل الحامدين. ح ١٨٠٠. عن جابر رضي الله عنه - مرفوعا. وأخرجه النسائي في عمل الليوم والليلة،. في ثواب التسبيح وصححه الحاكم وأقره الذهبي. انظر: المناوي: فيض القدير: ح ١٢٥٣. وصححه السيوطي في الجامع الصغير ح ١٢٥٣.

(٢) أخرجه النسائي بسند صحيح عن أبي سعيد. انظر: فتح الباري ١١ / + (كتاب الدعوات باب فضل التّسبيح)

(٣) الصافات: ٩٥ - ٩٦



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!