موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(27) المكتوب السابع والعشرون إلى مولانا محمد طاهر البدخشى في جواب تشكيكات الشيخ عبد العزيز الجونفوري في المكتوب الاول

 

 


الدين حسين لا يقدران على الوصول هناك بواسطة الإستحياء من تلقين الشّيخ ميان الهداد. (أيّها المخدوم) لا يزال يفوح من مثل هذا الكلام رائحة العصبيّة ويفهم من هذا الوضع والطرح المباينة والمخالفة إنّا لله وإنّا إليه راجعون وكان ينبغي للمخدوم زاده الاعظم أن يستحى من مخالفة وصيّة والده الماجد والحياء من التّوجّه والإفادة الواقعان في حضوره بأمره إليهما وكان ينبغي للشّيخ الهداد مع وجود دعوى الإنقياد للشّيخ أن لا يجترئ على هذا الامر وأن يلاحظ الوصيّة وسبقة الإفادة والذي كتبتموه لا بدّ وأن يكون حقّا وصوابا ولكنّ المكتوب الذي أرسله المخدوم زاده الاعظم مع أخيه الاعزّ كان متضمّنا لكمال التّواضع ومشتملا على فرط الطّلب والشّوق والعبارات الّتي اختارها في ذلك المكتوب لا يتصوّر ايرادها بدون جنون الطّلب ولعلّه تطرّق إليه انحراف بعد إرساله المكتوب رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ (١). ولكنّ الفقير يعلم أنّ وصيّته لا تكون بلا حكمة وأرجو أن يكون لها عاقبة محمودة ولكنّى أتأسّف على ضياع مثل ذلك الطّلب الذي فهمت نبذة منه من مكتوبه ويقعد ضدّه في محلّه وهذا المعنى ثقيل على الاحباب النّاصحين جدّا بحيث يتمّ عليهم المآتم بذلك (أيّها المكرّم) إن تمّ الامر بمجرّد التّلقين فمبارك وعند الفقير تلقين الذّكر كتعليم الف با للصّبيان فإن كان مجرّد ذلك التّعلّم محصّلا لملكة المولويّة فأيّ مضايقة فيه والمتوقّع من كرم التفاتكم هو أن تتركوا كفّة العصبيّة وأن تجعلوا محبّتكم ومودّتكم لجميع الإخوان على السّويّة وماذا أبالغ أزيد من ذلك والسّلام.

(٢٧) المكتوب السّابع والعشرون إلى مولانا محمّد طاهر البدخشىّ في جواب تشكيكات الشّيخ عبد العزيز الجونفوريّ في المكتوب الاوّل

المرسل إليه - بعد الحمد والصّلوات وتبليغ الدعوات - أنهى أنّ المكتوب الذي أرسلتموه بعد مدّة مديدة أوجب الفرح بوصوله جعلكم الله سبحانه محلّى ومزيّنا بجمعيّة (٢) الظّاهر والباطن على الدوام.

والفقير قد كتبت اليكم في هذه المدّة ثلاثة مكاتيب ووصل منها إليكم مكتوب واحد بعد المسافة عذر مانع ووصل أيضا مع مكتوبكم المكتوب الذي كتبه الشّيخ عبد العزيز واتّضح ما اندرج فيه وممّا اندرج فيه أنّه لو كانت حقائق الممكنات - الّتي هي صور علميّة - العدمات الّتي هي أضداد الصّفات يلزم

__________

(١) آل عمران: ٨

(٢) الجمعية: هي اجتماع الهمم في التوجه إلى الله والإشتغال به عما سواه وبإزائها التفرقة وهي توزع الخاطر للإشتغال بالخلق انظر: الكاشاني: معجم اصطلاحات الصوفية: ٦٧.

حصول تلك العدمات في الذّات - تعالت وتقدّست - وهو سبحانه منزّه عن ذلك وهذه شبهة عجيبة!! ألم يعلم أنّ الحقّ سبحانه يعلم الاشياء الشّريفة والكثيفة وليس لشيء منها حصول في حضرة الذّات تعالت ولا اتّصاف للذّات بشيء منها؟! فمن أين جاء الحصول في هذه الصّورة؟! ومنه أنّ حقائق الممكنات ينبغي أن تكون موجوديّة وثبوتيّة لا عدميّة فإنّ الحقائق عبارة عن أرواح الممكنات ونفوسها نعم: إنّ لها وجودا وثبوتا علميّين وهذا هو القدر اللّازم في الحقائق وكان ينبغي له أن يعترض بهذا الإعتراض أوّلا على الشّيخ محيي الدين ابن العربيّ لانّه قال “ الأعيان ما شمّت رائحة الوجود ” والعجب أنّه جعل الحقائق هنا عبارة عن أرواح الممكنات ونفوسها وترك الأعيان الثابتة ومعلومات الله تعالى.

ومنه أنّ الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام والأولياء عليهم الرّضوان وسائر أفراد الإنسان من الممكنات فلو كانت حقائق هؤلاء عدمات يكون الشّرف مسلوبا عن هؤلاء الزّمرة العليّة والكمال فيهم معدوما.

كيف يكون مسلوبا ومعدوما فإنّ الحقّ سبحانه جعل تلك العدمات بحكمته البالغة وقدرته الكاملة وبحسن تربيته مرايا عكوس أسمائه وصفاته وشرّف بشرف النّبوّة والولاية وجعل محلّى بحلية ظلال كمالاته وصيّر معزّزا ومكرّما كما أنّه سبحانه خلق الإنسان من ماء مهين وبلّغه الدرجات العلى.

(والعجب) أنّهم يلاحظون شرف الإنسان وكرامته ويضيّعون تنزيه الواجب وتقديسه تعالى وتقدّس ويقولون “ الكلّ هو ” ويزعمون الاشياء الخسيسة الرّذيلة عين الحقّ تعالى وتقدّس ولا يتحاشون عن امثال تلك المقولة ولا يجوّزون للانسان حقائق عدميّة ويتحاشون عنه أعطاهم الله سبحانه الإنصاف. ومنه أنّه لا يمكن رفع الكلام المجمع عليه بالمبتدع. نحن نرى الكلام المبتدع القول بأنّ الكلّ هو لا القول بأنّ الكلّ منه؛ فإنّه ممّا أجمع عليه العلماء وإنّما تتوجّه الملامة والشّناعة إلى صاحب الفصوص إلى هذا الزّمان بواسطة قوله: «الكلّ هو “ وحاصل معارف الفقير الّتي كتبتها: «الكلّ منه ” وهو مقبول شرعا وعقلا وكيف إذا كان مؤيّدا بالكشف والالهام (١). ثمّ كتب الشّيخ بعد ذكر الإعتراضات تنزّلا إلى مقام الشّفقة أنّه لو أريد بحقائق الممكنات الارواح الإنسانيّة فموافق للجمهور. ولم أدر أيّ صنف أراد من

__________

(١) الإلهام: لغة: مصدر ألهم والإلهام من الله تعالى: هو ما يقذفه الله في قلب عبده من الخير. يقال ك ألهمه الله تعالى خيرا: أى لقنه إياه. انظر: الفيروزابادي: القاموس المحيط / لهمه. ابن منظور: لسان العرب: لهم. أما عند الصوفية: فالمراد به: الإطلاع على الأسرار الغيبية بعين البصيرة في عالم المثال بلا شك وشبهة اطلاعا غيبيا. وصورته في البدايات: صدق الخواطر. وفي الأبواب: نفث الروح الأمين في الروع هتافا أو مشافهة أو محادثة. وفي المعاملات: إلقاء في القلب على سبيل التقييم أو الوحي القاطع. وفي الأخلاق: التهدي إلى الأخلاق الإلهية بهداية الحق. وفي الأصول: تلقي التأديبات الإلهية وشرائط السلوك وأحكام المنازل من الحق. وفي الأحوال: تلقي خصائص المحبة وأحكامها وقبول الجذبات الإلهية بلا تعمل ولا كسب بل بمحض الموهبة والإمتنان. وفي الولايات: الإبصار والسماع ببصيرة الحق وسمعيته.

وفي الحقائق: جلاء عين التحقيق بالحق حال الإتصال. وفي النهايات: التكلم بكلام الحق الأزلي بلا واسطة. انظر: الكاشاني: معجم اصطلاحات الصوفية: ٢٩٨.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!