موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(33) المكتوب الثالث والثلاثون إلى مولانا محمد صالح الكولابي في بيان أن المحبوب محبوب في نظر المحب على كل حال سواء صدر عنه الإنعام أو الإيلام بل الإيلام عند الاقلين موجب لازدياد المحبة أكثر من إنعامه وبيان مزية الحمد على الشكر وما يناسب ذلك

 

 


(٣٣) المكتوب الثالث والثلاثون إلى مولانا محمّد صالح الكولابيّ في بيان أنّ المحبوب محبوب في نظر المحبّ على كلّ حال سواء صدر عنه الإنعام أو الإيلام بل الإيلام عند الاقلّين موجب لازدياد المحبّة أكثر من إنعامه وبيان مزيّة الحمد على الشّكر وما يناسب ذلك

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى (وبعد) فليعلم الاخ الاعزّ مولانا محمّد صالح أنّ المحبوب محبوب في نظر المحبّ بل في نفس الامر في جميع الوقت وفي جميع الحال سواء آلم أو أنعم فهو محبوب على كلا الحالين. وعند أكثر النّاس الذين تشرّفوا بدولة المحبّة أنّ ازدياد محبّة المحبوب في وقت الإنعام أكثر منه في وقت إيلامه أو هو مساو في الوقتين. وعند الاقلّ عكس هذه المعاملة يعني إيلامه موجب لازدياد المحبّة أكثر من إنعامه. ومقدّمة هذه الدولة العظمى: حسن ظنّ بالمحبوب حتّى إنّ المحبوب لو أمرّ السّكّين على حلقوم المحبّ ومزّق كلّ عضو منه وفرّقه من الآخر لعلم المحبّ ذلك عين صلاحه ويتصوّره عين فلاحه فإذا ارتفعت كراهة فعل المحبوب عن نظر المحبّ بحصول هذا الظّنّ الحسن تشرّف بدولة المحبّة الذّاتيّة الّتي هي معرّاة عن جميع النّسب والاعتبارات ومخصوصة بحبيب ربّ العالمين عليه وعلى آله الصّلوات والتّسليمات ووجد الإلتذاذ والفرح في الإيلام أكثر منهما في الإنعام.

وأظنّ أنّ هذا المقام فوق مقام الرّضاء فإنّ في الرّضاء دفع كراهة ألم فعل المحبوب وهنا الإلتذاذ بذلك الفعل؛ فإنّ الجفاء كلّما كان من جانب المحبوب أجلّ وأكثر يكون الفرح والسّرور من جانب المحبّ أزيد وأوفر شتّان ما بينهما وحيث كان المحبوب محبوبا في نظر المحبّ بل في نفس الامر في جميع الاوقات وجميع الأحوال لا جرم يكون المحبوب في جميع الاوقات وجميع الأحوال - بل في الواقع ونفس الامر - محمودا وممدوحا أيضا ويكون المحبّ في وقت إيلامه وإنعامه مادحا له ومثنيا عليه فحينئذ يصدق لهذا المحبّ الصّادق أن يقال: «صادقا ومصدوقا " والحمد لله ربّ العالمين على كلّ حال ويصير هذا المحبّ من الحامدين له سبحانه في السّرّاء والضّرّاء حقيقة. ويشبه أن تكون مزيّة الحمد على الشّكر من جهة أنّ في الشّكر ملاحظة إنعام المنعم فيكون راجعا إلى الصّفة بل إلى الفعل والملحوظ في الحمد حسن المحمود وجماله سواء كان ذاتيّا أو وصفيّا أو فعليّا وسواء كان إنعاما أو إيلاما؛ فإنّ إيلامه سبحانه حسن كإنعامه تعالى فيكون الحمد أبلغ في الثناء وأجمع لمراتب الحسن والجمال وأبقى في حالتي السّرّاء والضّرّاء بخلاف الشّكر؛ فإنّه مع قصوره سريع الزّوال على شرف الهلاك بزوال الإنعام



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!